هل شعرت يومًا باهتزاز الأرض تحت قدميك؟ أو تساءلت عن القوة الهائلة التي يمكن أن تطلقها الطبيعة في لحظات؟ الزلازل هي واحدة من أقوى الظواهر الطبيعية وأكثرها إثارة للدهشة. لكنها ليست لغزًا غامضًا، بل هي نتيجة لعمليات جيولوجية تحدث في أعماق كوكبنا. دعنا نتعرف ببساطة على كيفية تكوّن الزلازل وكيف يقيس العلماء قوتها.
كيف يبدأ الزلزال؟
لفهم الزلازل، تخيل أن سطح الأرض ليس قطعة واحدة صلبة، بل هو عبارة عن غطاء مكون من قطع “أحجية” ضخمة تسمى الصفائح التكتونية. هذه الصفائح ليست ثابتة، بل تطفو فوق طبقة شبه سائلة من الصخور المنصهرة وتتحرك ببطء شديد طوال الوقت، تمامًا مثل الطوافات العملاقة في محيط من النار.
عندما تحتك حواف هذه الصفائح ببعضها البعض، فإنها لا تنزلق بسلاسة. بسبب الاحتكاك الهائل، غالبًا ما تتعثر وتتوقف، مما يؤدي إلى تراكم ضغط هائل وطاقة هائلة على طول خطوط الصدع (الشقوق التي تفصل بين الصفائح). يستمر هذا الضغط في التزايد لسنوات، حتى يصل إلى نقطة حرجة لا تستطيع الصخور تحملها. في تلك اللحظة، يحدث انزلاق مفاجئ وعنيف، وتتحرر كل الطاقة المتراكمة دفعة واحدة على شكل موجات اهتزازية قوية، تُعرف بـ الموجات الزلزالية. هذه الموجات هي ما نشعر به على السطح كهزة أرضية أو زلزال.
كيف نعرف مدى قوة الزلزال؟
عندما يقع زلزال، نسمع دائمًا عن “قوته” التي تُقاس برقم معين. يستخدم العلماء مقاييس خاصة لتحديد حجم هذه الطاقة المنبعثة. أشهر هذه المقاييس وأكثرها شيوعًا بين الناس هو مقياس ريختر.
اخترع هذا المقياس العالم تشارلز ريختر عام 1935، وهو يقيس قوة الاهتزازات التي تسجلها أجهزة قياس الزلازل (السيزموجراف). لكن سر مقياس ريختر يكمن في أنه مقياس “لوغاريتمي”. هذا يعني أن كل درجة على المقياس تمثل زيادة في قوة الاهتزاز بمقدار 10 أضعاف عن الدرجة التي تسبقها.
بكلمات أبسط:
- زلزال بقوة 5 درجات أقوى بعشر مرات من زلزال بقوة 4 درجات.
- زلزال بقوة 6 درجات أقوى بمئة مرة (10 × 10) من زلزال بقوة 4 درجات.
أما من حيث الطاقة المنبعثة، فإن كل درجة أعلى تطلق طاقة أكبر بحوالي 32 مرة. هذا يفسر لماذا يمكن لزيادة بسيطة في الرقم أن تعني فرقًا هائلاً في حجم الدمار.
ماذا تعني أرقام مقياس ريختر عمليًا؟
- أقل من 3: لا يشعر به البشر غالبًا، ولكن يتم تسجيله.
- 3 إلى 4.9: يشعر به الكثيرون، وقد يسبب أضرارًا طفيفة جدًا تشبه اهتزاز شاحنة كبيرة تمر بجانبك.
- 5 إلى 5.9: زلزال متوسط القوة، يمكن أن يسبب أضرارًا للمباني سيئة البناء.
- 6 إلى 6.9: زلزال قوي، يمكن أن يسبب أضرارًا كبيرة حتى في المناطق المأهولة بالسكان.
- 7 فأكثر: زلزال كبير ومدمر، يسبب أضرارًا جسيمة وواسعة النطاق.
تجدر الإشارة إلى أن العلماء اليوم يستخدمون مقياسًا أكثر دقة يسمى مقياس العزم الزلزالي (MMS)، لأنه يقيس إجمالي الطاقة المنبعثة من الزلزال بشكل مباشر، مما يعطي صورة أوضح عن حجمه الحقيقي، خاصة في الزلازل الكبيرة.
ختاما
في النهاية، الزلازل ليست سوى تعبير عن كوكبنا الحي والنشط. هي تذكير دائم بأن الأرض تتغير وتتحرك باستمرار. من خلال فهم كيفية تكونها وقياس قوتها، لا نزيل الغموض عنها فحسب، بل نكتسب أيضًا المعرفة اللازمة لبناء مدن أكثر أمانًا وتطوير أنظمة إنذار مبكر لحماية الأرواح. فالعلم هو أفضل أداة لدينا للتعايش مع قوة الطبيعة.
اكتشاف المزيد من عالم المعلومات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.







