كيف تساعد طفلك على التعامل مع الحزن بعد الفقد وتخطيه؟

الحزن هو شعور طبيعي وصحي نواجهه جميعًا عند التعرض لأي نوع من الفقد. بالنسبة للأطفال، يمكن أن تكون هذه التجربة مربكة ومؤلمة بشكل خاص، حيث تؤثر على مشاعرهم، سلوكهم، ونظرتهم للعالم. إن دورك كأب أو أم هو مفتاح مساعدتهم على عبور هذه الفترة الصعبة بأمان.

هذا المقال مصمم ليزودك بالأدوات والفهم اللازم لمساندة طفلك في رحلته مع الحزن، بطريقة صحية وداعمة.

يعتقد الكثيرون أن الحزن يقتصر على الموت، لكن الأطفال قد يشعرون بالحزن نتيجة أنواع متعددة من الفقد، منها:

  • تغيرات عائلية: مثل طلاق الوالدين أو انفصالهما.
  • الانتقال: سواء إلى منزل جديد أو مدرسة جديدة وفقدان الأصدقاء.
  • فقدان حيوان أليف: الذي يعتبر فردًا من العائلة بالنسبة للكثيرين.
  • تغير في الصحة: إصابة الطفل أو أحد أفراد أسرته بمرض مزمن.

الاعتراف بهذه المشاعر هو الخطوة الأولى لمساعدة طفلك على التعامل معها.

يختلف تعبير الأطفال عن الحزن عن البالغين، وقد لا يستخدمون الكلمات دائمًا. انتبه لهذه العلامات:

  • المشاعر: قد تلاحظ تقلبات مزاجية حادة، كالغضب، القلق، الشعور بالذنب، أو الحزن العميق. قد تأتي هذه المشاعر وتذهب على شكل موجات.
  • الأفكار: قد يجد الطفل صعوبة في التركيز، أو يشعر بالارتباك، وقد يطرح أسئلة متكررة حول ما حدث في محاولة منه لفهم الموقف.
  • السلوك: قد يبكي الطفل كثيرًا أو لا يبكي على الإطلاق. قد يعود لسلوكيات قديمة (مثل مص الإبهام)، أو يعاني من اضطرابات في النوم أو الأكل، أو يصبح انطوائيًا أو عدوانيًا.
  • الأعراض الجسدية: الشكوى من آلام في المعدة أو صداع متكرر قد تكون علامة على الحزن.

يختلف فهم الطفل للموت والحزن بشكل كبير مع تقدمه في العمر:

  • الأطفال الصغار (أقل من 3 سنوات): لا يفهمون أن الموت دائم. يتأثرون بشكل أساسي بحزن البالغين من حولهم. أفضل ما يمكنك فعله هو الحفاظ على روتينهم اليومي وتقديم الكثير من العناق والطمأنينة.
  • سن ما قبل المدرسة (3-5 سنوات): يرون الموت كشيء مؤقت ويمكن عكسه. استخدم كلمات واضحة ومباشرة مثل “مات” بدلًا من “ذهب في رحلة” أو “نائم” لتجنب الارتباك. اشرح لهم أن الشخص لن يعود، لكن ذكرياتنا معه تدوم إلى الأبد.
  • سن المدرسة (6-12 سنة): يبدأون في فهم أن الموت دائم. قد يشعرون بالذنب ويعتقدون أنهم تسببوا في ما حدث. من المهم جدًا أن تطمئنهم بأنهم ليسوا المخطئين. حافظ على روتينهم قدر الإمكان وشجعهم على التعبير عن مشاعرهم.
  • المراهقون (13-18 سنة): يفهمون الموت كالكبار، لكنهم قد يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم. قد ينعزلون أو يفضلون اللجوء لأصدقائهم. امنحهم مساحتهم الخاصة مع تذكيرهم الدائم بأنك موجود للاستماع إليهم دون إصدار أحكام.
  1. تحدث بصراحة واستمع باهتمام:
    • كن صادقًا: استخدم لغة بسيطة ومناسبة لعمر طفلك لشرح ما حدث.
    • شجعه على الكلام: أخبره أنه من الطبيعي أن يشعر بالحزن أو الغضب، وأنك هنا لتسمعه. قل له: “أنا هنا للاستماع إليك في أي وقت تشعر فيه بالرغبة في الحديث”.
    • لا تجبره على الكلام: إذا لم يكن مستعدًا، فقط طمئنه بوجودك بجانبه.
  2. حافظ على الروتين والأمان:
    • الروتين يمنح الأطفال شعورًا بالاستقرار والأمان في وقت يسوده عدم اليقين. حاول الحفاظ على مواعيد النوم والوجبات والأنشطة المدرسية قدر الإمكان.
    • قدم له الكثير من العناق والاهتمام الجسدي ليشعر بالأمان والحب.
  3. علمه طرقًا صحية للتعبير عن الحزن:
    • الفن والرسم: يمكن أن يكون الرسم طريقة رائعة للأطفال للتعبير عن مشاعر لا يستطيعون وصفها بالكلمات.
    • النشاط البدني: شجع طفلك على ممارسة الرياضة أو اللعب في الخارج لتفريغ الطاقة المكبوتة.
    • الكتابة: بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، يمكن أن تكون كتابة اليوميات أو الرسائل للشخص المفقود وسيلة شافية.
  4. ساعده على إحياء ذكرى من فقده:
    • تحدثوا عن الذكريات الجميلة.
    • شاهدوا الصور ومقاطع الفيديو معًا.
    • اصنعوا صندوقًا للذكريات وضعوا فيه أشياء تذكركم بالشخص أو الحيوان الأليف المفقود.
    • أخبره أن الضحك والاستمتاع بالحياة مرة أخرى لا يعني نسيان من نحب.

الحزن عملية طبيعية، لكن في بعض الأحيان قد يحتاج الطفل إلى دعم إضافي. اتصل بطبيب أو استشاري نفسي إذا لاحظت أن طفلك:

  • يعاني من الحزن الشديد الذي لا يتحسن بمرور الوقت.
  • يلوم نفسه باستمرار على ما حدث.
  • ينعزل عن الأصدقاء والأنشطة التي كان يستمتع بها.
  • تغير سلوكه بشكل جذري (مثل العدوانية الشديدة أو تراجع الأداء الدراسي).
  • يتحدث عن إيذاء نفسه أو الموت.

تذكر أن رحلة التعامل مع الحزن لا تسير في خط مستقيم، ستكون هناك أيام جيدة وأخرى صعبة. أهم ما يمكنك تقديمه لطفلك هو وجودك المستمر، صبرك غير المشروط، وحبك الذي يطمئنه بأنه ليس وحيدًا. من خلال دعمك، سيتعلم طفلك ببطء كيف يواصل حياته حاملاً ذكريات من فقدهم في قلبه.


اكتشاف المزيد من عالم المعلومات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيك بهذه المقالة؟ كن أول من يعلق

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على موقعنا. تساعدنا هذه الملفات على تذكر إعداداتك وتقديم محتوى مخصص لك. يمكنك التحكم في ملفات تعريف الارتباط من خلال إعدادات المتصفح. لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية لدينا.
قبول
سياسة الخصوصية