يحب الإنسان بطبيعته التعرف والتآلف مع غيره من الناس، وقد جاء الإسلام فأكّد على هذا الأمر وعزّزه، فهو دين ألفة ومحبة، وأكد كذلك على أهمية الاختلاط بالناس والصبر عليهم، وأنّ المؤمن الذي يخالط الناس له أجر عظيم، وهو خير من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم.
وأكد كذلك على أهمية انتشار المحبة والمودة بين المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: (مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مَثلُ الجسدِ، إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى)، والزيارة من الأمور التي تزيد من هذه الأُلفة بين المسلمين، وهي وسيلة من وسائل مخالطتهم، وتقوية رابطة الأخوة الإسلامية فيما بينهم.
أنواع الزيارة في الإسلام
تُقسم الزيارة إلى نوعين، وفيما يأتي بيان لهما:
- الزيارة الواجبة: وهي التي تجب على المسلم، وقطيعتها تعدّ من السيئات التي يؤثم المرء عليها، ومن الأمثلة عليها زيارة الوالدين، وصلة الأرحام، إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن أحَبَّ أنْ يُبسَطَ له في رزقِه، ويُنسَأَ له في أجَلِه، فلْيتَّقِ اللهَ ولْيصِلْ رحِمَه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخلُ الجنةَ قاطعٌ، قال ابنُ أبي عمرَ: قال سفيانُ: يعني قاطعَ رحمٍ).
- الزيارة المستحبة: وهي التي يُستحب أن يقوم بها المسلم كلما سمحت له الفرصة بذلك، ومن الأمثلة عليها زيارة الجيران، والأصدقاء، وغيرهم، سواءً كانت زيارتهم في مناسباتهم ومشاركتهم إياها، أو في غيرها من الأوقات العادية، فللمسلم أجر عليها.
آداب الزيارة في الإسلام
حرص الدين الإسلامي على تربية المسلمين، وفق القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن ذلك مجموعةٌ من الآداب التي ينبغي على كل مسلم ومسلمة التأدب بها، ومن هذه الآداب العظيمة؛ آداب الزيارة، ومن هذه الآداب ما يأتي:
- استحضار النية الصالحة عند الزيارة: فعلى الزائر أن يقصد بزيارته لصديقه أو أرحامه، أو جاره، أو أي شخص آخر، رضا الله تعالى، فينوي بزيارته الاستجابة لأمر الله، وصلة الرحم، فأي عمل يقوم به العبد لا بد أن يتوفر فيه أمرين حتى يكون مقبولًا عند الله، وهما: أن يكون خالصًا لله، وأن يكون موافقًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
- عدم الإكثار من الزيارة: فعلى المسلم ألّا يُكثر من الزيارة بل يزور أحيانًا ويقطع أحيانًا.
- الابتعاد عن الأوقات المنهي عنها في الزيارة: فعلى المسلم أن يختار الوقت المناسب للزيارة فلا يزور في الصباح الباكر، ولا في وقت متأخر من الليل، ولا في وقت الظهيرة أو وقت القيلولة.
- الاستئذان قبل الذهاب للزيارة: فمن آداب الزيارة في الإسلام أن يستئذن المسلم قبل ذهابه للزيارة، وأن يتجنب الزيارات المفاجئة، حيث قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ}.
- أن تكون الزيارة نافعة: فمن آداب الزيارة أن تكون الزيارة نافعة، وذات فائدة، بعيدة عن الغيبة والنميمة، والكلام الذي لا فائدة منه.
- غضُّ البصر عن محارم البيت: فلا يُطلق المسلم لبصره العنان في التأمل في بيت من يزوره، فربما يقع بصره على محارم البيت مما يُسبب له المشاكل والنزاعات.
- الجلوس حيث يأذن صاحب البيت: فعلى الزائر أن يجلس حيث أذن له صاحب البيت.
- أن لا يرفع صوته: فعلى الزائر ألا يرفع صوته فيسمعه من في خارج المنزل.
- أن لا يتجسس ويتسمع إلى أهل البيت: فمن الآداب التي يجب مراعاتها عند الزيارة عدم التجسس على صاحب البيت والنظر إلى حرمات البيت.
- تجنب الزيارة الطويلة والثقيلة: والتي من شأنها إرهاق صاحب البيت.
- مناصحة أهل البيت عند وجود منكر في البيت.
- عدم الانصراف إلّا بعد استئذان صاحب البيت.
- شكر صاحب البيت على حسن الضيافة والاستقبال.
فضائل الزيارة في الإسلام
للزيارة وصلة الأرحام فضائل عظيمة، وفوائد جمّة تعود على الطرفين (الزائر والمُزار)، وفيما يأتي بيان البعض منها:
- ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قال اللهُ تعالى: وَجَبَتْ محبتي للمُتَحابِّينَ فِيَّ، والمتجالسين فِيَّ، والمتزاورين فِيَّ)، فالزيارة في الله من أفضل القُربات التي تُوجب محبة الله للعبد.
- تعدّ الزيارة وسيلة من وسائل زيادة المحبة، وتوثيق العلاقات، وبقاء المودة بين القلوب، وفيها مشاركة لأفراح الآخرين وأحزانهم إن وُجدت، والتخفيف فيها عنهم.