تدفعنا الأخبار المتداولة عن ثوران البراكين في مناطق مختلفة من العالم إلى التساؤل عن ماهية البركان وكيف يتشكل وما إذا كانت جميع البراكين متشابهة، لذا، اقرأ هذا المقال لنتعرف معًا على أنواع البراكين.
ما هو البركان؟
يُمثل البركان فتحة أو فوهة في القشرة الأرضية يُمكن من خلالها للصخور المنصهرة (الماغما) والغازات والرماد والمواد الصخرية الأخرى الانتقال من جوف الأرض إلى سطحها، مع التوضيح بأن مصطلح “ماغما” يُشير إلى الصخور المنصهرة الموجودة تحت سطح الأرض، بينما يُطلق مصطلح “لافا” على نفس الصخور المنصهرة بعد قذفها من البركان، حيث تُعرف أيضًا باسم الحمم والمقذوفات البركانية.
طريقة تشكل مختلف أنواع البراكين
تتكون القشرة الأرضية من ألواح صخرية هائلة الحجم تُسمى الصفائح التكتونية، التي تطفو وتتحرك فوق طبقة الوشاح الأرضي شبه المنصهرة، الواقعة بين القشرة والنواة، وتتحرك هذه الصفائح ببطء ملحوظ يصل إلى بضع بوصات سنويًا، ما قد يُسبب اصطدامها ببعضها أو تباعدها.
عند أطراف الصفائح التكتونية المتفككة أو المنزلقة إحداها تحت الأخرى، ينصهر جزء من طبقة الوشاح مُشكّلًا الماغما الأخف من الصخور المحيطة، والتي تندفع عبر الشقوق في طبقة الصخور، ومع ارتفاعها تتشكّل فقاعات غاز تزيد من اندفاعها نحو السطح حيث تتدفق على شكل حمم بركانية (لافا).
وإذا كانت الماغما كثيفة، فإن فقاعات الغاز تُلاقي صعوبة في الهروب، مما يُضاعف ضغط الغاز داخلها، وعندما يبلغ هذا الضغط حدًا كبيرًا جدًا، ينفجر البركان بثوران شديد، كما قد ينتج الثوران عن تفاعل الماء الموجود تحت سطح الأرض مع الماغما شديدة الحرارة مُنتجًا كميات هائلة من بخار الماء.
أنواع البراكين
عند سماع كلمة “بركان”، غالبًا ما نتخيل الشكل المخروطي المتماثل ذي الانحدار الشديد والمنحنى المقعر الذي يصل إلى قمة حادة، إلا أن هذا الشكل النموذجي لا يُمثل سوى عدد قليل من البراكين حول العالم، فلكل بركان نشط أو منطقة بركانية تكوينها الفريد، ومع ذلك، يمكن تصنيف البراكين إلى أنواع عامة.
البراكين الطبقية
تتميز البراكين الطبقية بهيئة مخروطية كبيرة ومنحدرات شديدة تزداد حدةً كلما ارتفعنا نحو القمة، بينما تكون أقل انحدارًا في الأسفل، وهي تتكون من طبقات متبادلة من الرماد والحمم البركانية التي تظهر على شكل ألسنة أو فصوص متداخلة، وقد تشكلت هذه البراكين أساسًا من التدفقات الفتاتية البركانية وتدفقات الحمم، وتتكون من صخور بركانية متنوعة تتراوح بين البازلت والريوليت، مع وجود الأنديزيت بشكل عام في تركيبها.
ويمكن أن تثور هذه البراكين آلاف المرات على مدى ملايين السنين، حيث يبدأ الثوران النموذجي بخروج الرماد وينتهي بتدفقات الحمم البركانية اللزجة السميكة، ويوجد 734 بركانًا طبقيًا حول العالم، من أشهرها بركان فوجي في اليابان وبركان بيناتوبو في الفلبين.
البراكين الدرعية
تُعرف البراكين الدرعية بهيئتها القُبّية الكبيرة ذات الانحدار الطفيف والقمم شبه المستوية، وهي تتشكل من تدفقات الحمم البركانية، وقد اكتسبت اسمها من تشابهها مع درع المحارب، وتتألف في الغالب من صخور البازلت، حيث يُمكن للبراكين الدرعية الصغيرة أن تتشكل بسرعة بفعل ثورانات بركانية متتالية لكنها قليلة العدد، في حين أن البراكين الدرعية الكبيرة تستغرق حوالي مليون عام لتتشكل نتيجة مئات الآلاف من تدفقات الحمم البركانية الهائلة من الفوهة ومناطق الصدوع، ويُعتبر بركان “مونا لوا” في هاواي مثالًا كلاسيكيًا على هذا النوع، ويوجد 171 بركانًا درعيًا آخر حول العالم.
البراكين الغائصة
تأتي هذه الهياكل بأشكال مختلفة، لكنّ الكثير منها يتكوّن على هيئة جبال بحرية ذات شكل مخروطي، ومن بين هذه الهياكل البراكين التي كانت موجودة على جزر قديمة، حيث تعرضت بعض هذه البراكين لعوامل التعرية التي أدت إلى تسطح قممها، بينما نمت على بعضها الآخر مستعمرات من الشعب المرجانية، ثم غمرتها مياه البحر في الوقت الذي بردت فيه قشرتها الداعمة، ما أدى إلى زيادة كثافتها وصلابتها، وتُعرف هذه الهياكل المنعزلة التي توجد تحت سطح الماء باسم “الجبال البحرية مسطحة القمة” أو “الجيوت”.
تتميز البراكين الغائصة النشطة المعروفة بثورانها في أعماق بحرية ضحلة، الأمر الذي يُسهل الاستدلال عليها من خلال الانفجارات البركانية، فضلًا عن إمكانية تحديد مواقعها بدقة بواسطة الهيدروفونات، ومع ذلك، يُحتمل وجود براكين غائصة على أعماق كبيرة، حيث يُخفف ضغط الماء من حدة الانفجارات، ما يُعيق اكتشاف هذه الثورانات، ومن بين الأمثلة على هذه البراكين الجبل البحري Loihi، الواقع على بعد 30 كيلومترًا جنوب شرق جزيرة هاواي، والذي تقع قمته على عمق كيلومتر واحد تحت سطح البحر.
الكالديرا (الأحواض البركانية)
الكالديرة هي منخفضات دائرية أو بيضاوية الشكل، غالبًا ما تحيط بها جروف صخرية شديدة الانحدار، ويبلغ قطرها عادةً أكثر من كيلومتر واحد، وتتشكل في الغالب نتيجة للتهدم والانهيار الداخلي للتضاريس الأرضية بعد قذف كميات كبيرة من الصخور المنصهرة (الماغما) من باطن الأرض، مع التنويه إلى أن مفهوم الكالديرة غالبًا ما يُخلط مع الفوهة البركانية، إلا أن الكالديرة أكبر منها بكثير، بل قد تتشكل الفوهة البركانية داخل الكالديرة، كما هو الحال في بحيرة تال في الفلبين.
غالبًا ما تتشكّل الكالديرا نتيجة سببين رئيسيين: الأول هو التدفقات الكبيرة جدًا من الصخور المنصهرة، مثل الديسايت أو الريوليت، والتي قد تبلغ 10 كيلومترات مكعبة أو أكثر، وتُنتج قببًا من الحمم البركانية؛ والآخر هو الانفجارات البركانية الكبيرة التي تحدث في البراكين الدرعية من خلال الصدوع أو الشقوق الجانبية، حيث تُقذَف كميات ضخمة من الماغما من الخزانات الضحلة الموجودة أسفل القمة، ما يُفقد الأرض التي تعلوها دعائمها، وبالتالي تنهار.
البراكين المركبة
تتنوع هياكل هذه البراكين بشكل كبير، حيث تتشكل نتيجة التغيرات في طبيعة الانفجارات البركانية أو في موقع فتحة التنفيس الرئيسية؛ فعلى سبيل المثال، قد يُشكّل بركانٌ طبقيٌّ فتحةً انفجاريةً كبيرةً تملؤها لاحقًا قبّةٌ من الحمم، أو قد تتكون مجموعةٌ من المخاريط والحُفر على حافة الكالديرا، أو قد يمتلك بركانٌ طبقيٌّ واحدٌ عدة قمم نتيجة تداخل المخاريط الفردية، كما يُعتبر المجمّع البركاني Three Sisters في ولاية أوريغون الأمريكية مثالًا على بركانٍ مُركّبٍ يتكون من ثلاث قمم.
مخاريط الفتات البركاني
تُعرف هذه البراكين أيضًا باسم مخاريط الرماد أو الخبث البركاني (سكوريا)، وهي عبارة عن أشكال بركانية حادة وصغيرة نسبيًا تتكون من شظايا وفتات الحمم البركانية السائبة التي تبرد أثناء تحليقها في الهواء بعد قذفها من الفوهة، ما يمنع التحامها عند التصادم، وعادةً ما تُقذف هذه الشظايا من الفوهة المركزية للمخروط، وتتكون من صخور البازلت أو الأنديزيت البازلتي.
وقد تتشكل هذه البراكين بشكل منفرد مثل بركان باريكوتين في المكسيك، أو كفتحات حول البراكين الدرعية، ورغم أن بعضها قد يثور مرات متعددة، إلا أنها تتحول إلى براكين درعية أو مركبة إذا استمر نشاطها لآلاف السنين.
من الضروري التمييز بين مخاريط الرماد ومخاريط الخفاف رغم التشابه الكبير بينهما؛ فمخاريط الخفاف تتكون من شظايا الزجاج البركانيّ المليئة بثقوب فقاعات الغاز (الحويصلات) التي تُكسبها مظهرًا إسفنجيًا، إضافةً إلى وزنها الخفيف جدًا.
الحقول البركانية
من الممكن أن تحتوي هذه المناطق على مخاريط رماد حديثة أو غيرها من المخاريط الجيولوجية الصغيرة التي لا تُعتبر براكين منفصلة، وبعبارة أخرى، عندما تكون قنوات تسرب الماغما متوزعة على مساحة كبيرة، فإن ذلك يؤدي إلى تكوين العديد من البراكين قصيرة العمر بدلًا من بركان واحد ضخم يثور بشكل دوري.
قباب الحمم
تتكون القبب البركانية من تلال شديدة الانحدار نتيجة تراكم الحمم البركانية عالية اللزوجة فوق الشقوق التي تخرج منها دون أن تتدفق لمسافات بعيدة، حيث تفقد هذه الحمم اللزجة معظم محتواها من الغاز إما بسبب ثورانات سابقة أو بسبب بطء اندفاعها نحو السطح، ومع ذلك، قد تنفجر بعض هذه القبب النشطة، ما يؤدي إلى انهيارها كليًا أو جزئيًا، وتتكون هذه القبب من صخور الإنيزيت أو الريوليت أو الداسيت.
أنواع إضافية من البراكين
إضافةً إلى ما ذُكر سابقاً، توجد أنواع عديدة أخرى من البراكين تُصنّف وفقاً لمعايير مُختلفة، منها ما يعتمد على شكل المخروط فحسب دون الأخذ بعين الاعتبار حجمه أو نوع الصخور المُكوّنة له أو طريقة تكوّنه، ومنها ما يستند إلى شكل فوهة الانفجار كالأشكال الدائرية أو الطولانية أو شكل حدوة الحصان.
أنواع البراكين حسب الثوران
إضافةً إلى التصنيفات الأخرى، تُصنّف البراكين حسب طريقة ثورانها، حيث تُعتبر هذه الطريقة عاملًا مُهمًا في تحديد الشكل النهائي للبركان، ممّا يُوضّح العلاقة المُباشرة بين طريقة الثوران والبنية البركانية، وبصفة عامة، يُمكن تقسيم ثوران البراكين إلى نوعين: الثوران المتدفق (Effusive) والثوران المُتفجّر (Explosive).
يرتبط الثوران المتدفق عادةً بالصخور المنصهرة البازلتية ذات اللزوجة المنخفضة نسبيًا والمحتوى الغازي القليل، في حين يرتبط الثوران المتفجر بالصخور المنصهرة ذات اللزوجة العالية والمحتوى الغازي الكبير، حيث يؤدي انفجار فقاعات الغاز المتواجدة أثناء الثوران غالبًا إلى تكسر هذه الماغما وتحويلها إلى شظايا من الفتات البركاني.
أنواع البراكين حسب نشاطها
اعتمادًا على نشاطها، تُقسّم البراكين إلى ثلاثة أنواع رئيسية: براكين نشطة، وبراكين ساكنة، وبراكين هامدة؛ ويُعتبر البركان نشطًا إذا سجّل العلماء ثورانًا له في الماضي المُسجّل، أو إذا أظهر علامات تُنذر بثوران مُحتمل في المستقبل القريب، كظهور انبعاثات غازية أو حدوث نشاط زلزالي غير طبيعي في منطقته.
يُعرَّف البركان الساكن بأنه بركان غير نشط لا يُظهر أي علامات على ثوران مُحتمل في المستقبل، إلا أنه من المُتوقّع أن يثور مرة أخرى في يوم ما، بينما البراكين الهامدة (الميتة) هي تلك التي لم يُسجَّل لها أي ثوران خلال الـ 11000 سنة الماضية، ولا يُتوقَّع أن تثور مُستقبلًا.
اكتشاف المزيد من عالم المعلومات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.