تعد الصخور الرسوبية أحد الأنواع الثلاثة الرئيسية للصخور التي تتكون منها قشرة الأرض. تتشكل هذه الصخور نتيجة تراكم وترسب الرواسب على مر الزمن، حيث تتحول هذه الرواسب بفعل الضغط والحرارة إلى صخور صلبة. تختلف أنواع الصخور الرسوبية باختلاف نوع الرواسب التي تتكون منها وطريقة ترسيبها. في هذا المقال، سنتعرف على أهم أنواع الصخور الرسوبية وكيفية تكوينها.
أنواع الصخور الرسوبية
الصخور الرسوبية الفتاتية
تتشكل الصخور الرسوبية الفتاتية نتيجة تراكم وتراص الفتات الصخري والمعدني الناتج عن تفتت الصخور الأصلية بفعل عوامل التجوية. تُنقل هذه الفتات بواسطة عوامل طبيعية مثل الرياح والتيارات المائية، ثم تستقر في مناطق ذات طاقة أقل لتترسب وتتحول بمرور الزمن إلى صخور رسوبية.
بعد ذلك، تترسب هذه الرواسب في المناطق المنخفضة من سطح الأرض، مثل قيعان الأنهار والبحيرات والمحيطات. مع مرور ملايين السنين، تتراكم طبقات من الرواسب فوق بعضها البعض، مما يؤدي إلى زيادة الضغط والحرارة على الطبقات السفلى. تتصلب هذه الرواسب مكونة الصخور الرسوبية الفتاتية.
تتنوع الصخور الرسوبية الفتاتية بشكل كبير بناءً على حجم الجزيئات الصخرية التي تتكون منها. فنجد أن حجم هذه الجزيئات يتدرج من الدقيق جداً كالطين، والذي لا يمكن رؤيته إلا بالمجهر، وصولاً إلى الحصى الكبيرة التي يزيد قطرها عن 2 ملليمتر. وبين هذين الطرفين، نجد الطمي، ثم الرمل الذي يأتي بحجم متوسط.
- أمثلة على الصخور الرسوبية الفتاتيّة
تتنوع هذه الصخور باختلاف حجم الحبيبات التي تتكون منها. فنجد مثلاً الطفل الصفحي الذي يتكون من حبيبات طينية دقيقة جداً، والحجر الغريني بحبيبات أكبر قليلاً بحجم الطمي، والصخر الرملي بحبيبات بحجم حبات الرمل، وأخيراً صخر الرصيص الذي يتكون من حبيبات كبيرة الحجم كالحصى.
الصخور الرسوبية الكيميائية
تتكون الصخور الرسوبية الكيميائية من خلال عملية ترسيب كيميائي للمواد المعدنية الذائبة في المياه. هذه المواد تنتقل في المياه على شكل أيونات مختلفة، مثل أيونات الكالسيوم والصوديوم والكربونات، وعندما تتغير الظروف البيئية، مثل تبخر الماء أو تغير درجة حرارته، تترسب هذه الأيونات لتشكل معادن جديدة، وبمرور الوقت تتصلب هذه المعادن لتكون الصخور الرسوبية الكيميائية.
نظراً لقدرة الأيونات الذائبة في المياه على الانتقال لمسافات شاسعة تصل إلى عشرات الآلاف من الكيلومترات، والبقاء معلقة في الماء لآلاف السنين، فإنه من المستحيل عملياً تتبع أصل الرواسب الكيميائية التي نشأت منها هذه الأيونات.
- أمثلة على الصخور الرسوبية الكيميائية
تعتبر التكوينات الحديدية الحزامية والصخور المتبخرة أمثلة صارخة على الصخور الرسوبية الكيميائية التي تتشكل نتيجة عمليات كيميائية. ومن المثير للاهتمام أن هناك تداخلًا واضحًا بين الصخور الرسوبية الكيميائية والفتاتية، حيث تحتوي العديد من الصخور الكيميائية على شوائب من الفتات الصخري، مما يعكس تعقيد العمليات الجيولوجية التي تؤدي إلى تكوينها.
كما تحتوي معظم الصخور الرسوبية الفتاتية على مواد لاحمة مكوّنة من الأيونات الذائبة.
صخور رسوبية بيوكيميائية
تتكون الصخور الرسوبية البيوكيميائية في بيئات مائية غنية بالحياة، مثل المحيطات والبحيرات المالحة، حيث توفر الظروف المثالية لتراكم الرواسب العضوية. تتشكل بعض الصخور الرسوبية من خلال عملية بيوكيميائية معقدة. تبدأ هذه العملية باستخلاص الكائنات الحية للأيونات المذابة في المياه، مثل: أيونات الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم، لتكون أجزاء من أجسامها كالأصداف والعظام، وبعد موت هذه الكائنات، تترسب أجزاؤها في قاع البحار والمحيطات، ومع مرور الزمن تتراكم هذه الرواسب وتتحول تحت تأثير الضغط والحرارة إلى صخور رسوبية.
تحتوي الصخور الرسوبية البيوكيميائية على معادن نتجت عن عمليات حيوية، مما يميزها عن الأنواع الأخرى من الصخور الرسوبية.
- أمثلة على الصخور الرسوبية البيوكيميائية
الحجر الجيري، أحد أشهر الأمثلة على الصخور الرسوبية البيوكيميائية، يتكون بشكل رئيسي من معدن الكالسيت. هذا المعدن يتراكم بكميات كبيرة في الأصداف والهياكل الصلبة للعديد من الكائنات البحرية، مثل الرخويات والمرجان. بمرور الوقت، تتراكم هذه الأصداف والهياكل في قاع البحار والمحيطات، وتتحول تحت تأثير الضغط والحرارة إلى صخور جيرية.
تتكون أحجار الصوان بشكل رئيسي من بقايا أصداف كائنات بحرية دقيقة، مثل الدياتومات، والتي تتكون أساسًا من السيليكا. هذه البقايا تتراكم وتتصلب على مر الزمن لتشكل الصوان.
صخور رسوبية عضوية
تتكون الصخور الرسوبية العضوية من تراكم بقايا الكائنات الحية، مما يجعلها غنية بالمركبات العضوية التي تحتوي على روابط كيميائية بين ذرات الكربون والهيدروجين.
على الرغم من أن الكربون هو العنصر الأساسي في المركبات العضوية، إلا أن وجوده وحده لا يكفي لتصنيف مادة ما على أنها عضوية. فمثلاً، معدن الكالسيت، رغم احتوائه على الكربون، يُصنف كمادة غير عضوية لأن الكربون فيه غير مرتبط بذرات الهيدروجين. أما المواد العضوية، فتتكون بشكل أساسي من مركبات تحتوي على روابط كربون-هيدروجين، مثل تلك التي تشكل الأنسجة الرخوة في النباتات والحيوانات.
- مثال على الصخور الرسوبية العضوية
الفحم الحجري، ذلك الصخر الأسود الثمين، هو مثال كلاسيكي على الصخور الرسوبية العضوية. تتشكل رواسبه بشكل أساسي في بيئات رطبة ودافئة مثل المستنقعات ودلتا الأنهار، حيث تزدهر النباتات بكثرة. هذه البيئة المثالية تسمح بتراكم كميات كبيرة من المواد النباتية التي تتحول بمرور الزمن إلى فحم تحت تأثير الحرارة والضغط.
يكثف الغطاء النباتي الكثيف من تراكم المواد العضوية في المياه الراكدة الحمضية قليلة الأكسجين. في ظل هذه الظروف، تتباطأ عمليات تحلل وتأكسد هذه المواد بشكل كبير. مع مرور آلاف السنين، تتراكم هذه المواد العضوية في طبقات سميكة، وتتحول بفعل عوامل طبيعية إلى مادة الخث.