تُعرف الإنسانية بشكلٍ عام بأنها مجموعة من وجهات النظر الفلسفية والأخلاقية التي تركز بشكلٍ أساسي على قيمة الإنسان فرداً كان أم جماعة وترتبط بالاستدلال والتفكير، ويدخل مفهوم الإنسانية ضمن اعتبارات فلسفية حيث يشير إلى اتجاه يؤكد بشكل خاص على فكرة الطبيعة البشرية، وقبل أن يرتبط مفهوم الإنسانية بالعلمانية عام 1856م استخدمه المؤرخ الألماني والعالم جورج فويت لوصف الازدهار في التعليم الكلاسيكي. أصبحت الفلسفة تشير خلال النهضة الإيطالية وخلال الثورة الفرنسية بفضل الهيجليين اليساريين إلى الفلسلفات والأخلاق التي ترتبط بالإنسان دون وجود مفاهيم روحانية أو إلهية، وقد تطورت المنظمات الإنسانية الدينية حيث كانت لبيرالية، وتهتم بالاتجاهات الإنسانية فقد عملت على دمج الفلسفة الأخلاقية مع المعتقدات الدينية، ومع بداية الثلاثينيات وظهور الحركات الأخلاقية، فقد أصبح مفهوم الإنسانية يشير إلى الفلسفة الطبيعية مع وجود العلمانية.
أشكال الإنسانية
- النهضة الإنسانية: هي عبارة عن حركة قام بها الجامعيون والمعلمون والكتاب والمستشاريون والكنسيون والمدنيون في أواخر القرن الخامس عشر بهدف الإصلاح الثقافي والتعليمي، حيث أصبح يطلق عليهم اسم “الإنسانيون”، وكانت رداً على الفلسفة والمنطق الأرسطوي التي كانت تركز على إعداد الرجال ليكونوا أطباء أو محاميين أو رجال دين، فاعترض الإنسانيون على هذا النهج وعملوا على إيجاد مواطن (رجال ونساء) قادر على الانخراط في الحياة وإقناع الآخرين وقدرتهم على التحدث والكتابة بطلاقة ووضوح.
- النزعة الإنسانية العلمانية: تُعرف بأنها ذات نظرة شاملة للحياة تشمل كل من العقل البشري والطبيعة الميتافيزيقية للأخلاق والكون وترفض ادعاءات وجود القوى الخارقة للطبيعة أو الأمور الدينية.
- الإنسانية الدينية: هي عبارة عن مزيج من الفلسفة الأخلاقية والإنسانية مع الشعائر الدينية التي تركز على الإنسان واهتماماته وقدراته ولم يتم تنظيمهم رسمياً تحت اسم “الإنسانية” حتى أواخر القرن 19 وبداية القرن 20.
- الجدليات: هي تفترض تحولات ومنعطفات متناقضة حول الإنسانية، فقد اعتبر النقاد في أوائل القرن 20 الإنسانية عاطفية أو وجدانية كما كانوا يدعون للعودة للمجتمع السلطوي الرجولي الذي ساد في العصور الوسطى.
- الإنسانية الشاملة: تتبنى إدراك شامل للجنس البشري وكل ما يتعلق به في الحياة مع البقاء على تعريف الاتحاد الدولي فيما يتعلق بحياة الفرد.
عصر النهضة الإنسانية
برز في مطلع القرن الرابع عشر الميلادي في إيطاليا بعض المؤلفين مثل بتراركا، والذين شاركوا في البحث عن المخططات القديمة التي تبحث في ماهية الإنسان، وفي بداية القرن الخامس عشر الميلادي، انتشرت النزعة الإنسانية في جميع أنحاء أوروبا، حيث شملت حركة في الفكر، والأدب، والفن، وبرزت أهمية تعلّم الأدب الكلاسيكي، وبعض الطرق في تحقيق احتياجات الفرد التي تُلبّي مصلحته الخاصة ومصلحة المجتمع، واستمرّت هذه النزعة ما بين عامي 1400-1600م، ممّا استدعى تسمية هذه الفترة بعصر النهضة، أو ما يُطبق عليه باللغة الإيطالية عصر إعادة الولادة.
ظهر في مطلع القرن التاسع عشر مصطلح الإنسانية، وكان ذلك لوصف أفكار عصر النهضة، وأخذت فكرة دراسة الإنسانية أهميةً كبرى، وتضمّنت دارسة الأعراف في الآداب والشعر، والبلاغة، والتاريخ، وقواعد اللغة اللاتينية، والفلسفة الأخلاقية، كما لم يكن هناك حاجز أمام أيّ فرد في تعلّم هذه القيم، واستطاع بعض الطلاب دراسة الإنسانية وما تحملها من قيم إلى جانب استكمال تعليمهم في أفرع دراسات أخرى، مثل: الطب والقانون.
من عصر النهضة إلى الإنسانية الحديثة
قام كل من غاليلو وإيراسموس بالتطور من عصر النهضة إلى الإنسانية في القرن التاسع عشر والعشرين، أما الناقد غينيس أوضح أن كلمة إنساني تعد مصدراً لقلق البشرية، وفي عصر النهضة تطورت النزعة الإنسانية العلمانية وخاصة بعد الانقسام بين العقل والدين.
العلوم الإنسانية
يعود أصل مفهوم العلوم الإنسانية إلى اليونان، حيث ظهرت في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد في عصر الدولة السفسطائية، وكانت سبيلاً إلى إعداد الشعب من خلال ترسيخ مفهوم المواطنة لديهم، أمّا حالياً فإنّ العلوم الإنسانية تُفسّر بأنّها إحدى أفرع العلوم المعرفية، وتشمل دراسة اللغات، والآداب، والفنون، والتاريخ، والفلسفة، كما أنّها تهتم بالجنس البشري وثقافته، والطرق التحليلية للكشف عن القيم الإنسانية الفريدة وتقديرها، وفهم قدرات الروح البشرية وكيفية التعبير عنها، كما أنّ للعلوم الإنسانية أقسام مخصصة لدراستها في الجامعات والكليات.
الخصائص الإنسانية
امتلك الجنس البشري على مرّ العصور منذ 6 مليون سنة العديد من الصفات والخصائص التي تطوّرت على مدار العقود، وفي ما يأتي نظرة على أبرز التطورات التي مرّت بها خصائص الجنس البشري:
- المشي منتصباً: تميّز الإنسان البشري بقدرته على المشي منتصباً على الأرض، والقدرة على تسلّق الأشجار في آن واحد، ومكّنته هذه الميزة من سهولة التأقلم مع البيئة، والمناخ، والقدرة على السفر بمرونة.
- صنع أدوات للصيد: تمكّن الإنسان البشري منذ 2.6 مليون سنة من صنع الرماح الخشبية التي سهّلت عليه القدرة على صيد الحيوانات الكبيرة وتأمين قوت يومه.
- التأقلم: تطور جسم الإنسان البشري منذ عصر الإنسان البدائي نتيجة تغير النظام الغذائي الخاص به على مرّ العصور، ممّا ساعده على البقاء على قيد الحياة، والتأقلم مع المناخات المختلفة سواء الحارة أو الباردة.
- العقل: تطور العقل البشري نتيجة التحديات التي واجهته على مرّ العصور، والتي لزمت منه البحث عن حلول تُساعده على التأقلم ممّا ساهم في تطور الدماغ بطريقة مبهرة.
- بناء الحياة الاجتماعية: تمكّن الإنسان من بناء شبكات اجتماعية، تتسلسل من الجد نحو الابن نحو الأحفاد، كما تمكّن من رعاية الأطفال، ومشاركة الطعام مع غيره من بني جنسه.
- اللغة والرموز: استطاع الإنسان البشري على مرّ العصور تطوير طرق التواصل وتحويلها من رموز إلى لغات سهلة الفهم تُتيح له التواصل بطريقة أفضل.
مبادئ حقوق الإنسان
تتميز حقوق الإنسان ببعض المبادئ المهمّة المرتبطة بالإنسان، ومن أبرزها ما يأتي:
- الشمولية: تشمل حقوق الإنسان جميع البشر دون استثناء، وذلك حسب المادة 1 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
- حقوق الإنسان متكاملة: يجب عدم فصل أو تجزئة حقوق الإنسان عن بعضها البعض، سواء المدنية، أو السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، فجميعهم في نفس سلم الأولوية، ولا يتقدّم أيّ منها عن الآخر، ولا يجب انتهاك أيّ حق من هذه الحقوق؛ لأنّها مترابطة وانتهاك أحدها سوف يتسبّب في إعاقة الحصول على الحقوق الأخرى.
- المساواة وعدم التميز: يجب أن يكون جميع البشر متساوين في الحقوق بغض النظر عن العرق، أو اللون، أو الجنس، أو العمر، أو اللغة، أو الدين، أو الأصل، أو أيّ معيار آخر يُمكن أن يُعيق حق تملك هذه الحقوق.
- الحق في صنع القرار: يحق لجميع البشر المشاركة في صنع القرارات التي لها تأثير مهم في حياتهم، ومستوى رفاهيتهم، ولهم الحق في المشاركة في صنع القرارات المحلية في المجتمع المدني، أو النسوي، أو غيرها من الجماعات.
- المساءلة وسيادة القانون: يجب على الدول والمسؤولين احترام حقوق الإنسان، واتباع القواعد والنصوص القانونية فيما يتعلّق بهذا الأمر، حيث إنّه يحق لكلّ فرد رفع دعوى قضائية في حال انتهاك أحد الأطراف لأحد حقوقه؛ ليُعاقب أمام القانون ويحصل الفرد المتضرر على التعويض المناسب لمقدار الضرر الحاصل.
مفهوم الإنسانية في الدين الإسلامي
بالنسبة لمفهوم الدين الإسلامي للإنسانية ورويته لها فقد وضح الإسلام مفهوما بشكل صريح أن الإنسان هو أرقى الكائنات فقد خلقه الله سبحانه وتعالى وعلمه كل شيء بداية من أسماء الملائكة و أسماء المخلوقات بل زاده في التكريم باستخلافه له في الأرض ، من هنا فإن نظرة الإسلام للإنسانية هي نظرة التكريم والسمو ، كان تركيز الدين الإسلامي على مفهومها من حيث القيم الإنسانية الأساسية كالتسامح والحب والرفق بالإنسان سواء بنفسه أو بالآخرين وبالحيوانات ، جميع المخلوقات الأخرى والميل إلى السلام ونبذ العنف والحروب ومراعاة الفقير والإحسان إليه وحسن الخلق كالأدب في الكلام مع الكبير ومراعاة الصغير والوفاء والتقدير وقول الحق وعدم السخرية من الآخرين ونبذ العنف وسفك الدماء والحرص على المجتمع .