القائمة إغلاق

التنمر الإلكتروني وكيفية مواجهته

التنمر الإلكتروني هو شكل حديث من أشكال التنمر يستغل التكنولوجيا الرقمية لإيذاء الآخرين. ويشمل حدوثه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المراسلة، ومنصات الألعاب، والهواتف المحمولة. يتميز هذا السلوك بكونه متعمدًا ومتكررًا، ويستهدف إلحاق الضرر النفسي والاجتماعي بالضحية.

يمكن أن يتخذ التنمر الإلكتروني أشكالًا متنوعة، مثل نشر الشائعات، والتشهير، والتهديد، وانتحال الشخصية. يدفع المتنمرون دوافع مختلفة، مثل الرغبة في السيطرة أو الانتقام، وتؤدي أفعالهم إلى عواقب وخيمة على الضحايا، بما في ذلك الاكتئاب والقلق وانخفاض الثقة بالنفس.

على الرغم من سهولة تمييز أشكال التنمر التقليدية كالأذى الجسدي واللفظي المباشر، فإن التنمر الإلكتروني يختبئ خلف واجهة رقمية، تاركاً جراحاً نفسية عميقة لا تظهر للعيان. هذا النوع من التنمر يتسلل إلى حياة الضحية عبر شاشات الأجهزة الذكية، حيث تنتشر سمومه عبر الرسائل النصية، والتطبيقات المختلفة، ومواقع التواصل الاجتماعي، وحتى ألعاب الفيديو التي توفر بيئات افتراضية خصبة للتنمر.

ولا يقتصر التنمر الإلكتروني على شكل واحد، بل يتخذ أشكالاً عديدة ومتنوعة، من الإهانات والتهديدات إلى نشر الشائعات والصور المسيئة، مما يترك أثراً بالغاً على الصحة النفسية للضحية وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة. يتسلل التنمر الإلكتروني إلى حياة الضحايا عبر مجموعة واسعة من القنوات الرقمية، بما في ذلك:

  • مواقع التواصل الاجتماعي: كالفيسبوك، وإنستغرام، وتيك توك، وسناب تشات حيث ينتشر التنمر عبر التعليقات المسيئة، ونشر الشائعات، وإنشاء الصفحات الساخرة.
  • تطبيقات المراسلة: يتم استخدام التطبيقات مثل واتساب وفيسبوك ماسنجر لتبادل الرسائل المسيئة والتهديدات.
  • ألعاب الفيديو: توفر ألعاب الفيديو عبر الإنترنت بيئات افتراضية يمكن للمتنمرين استغلالها لمضايقة الآخرين.
  • البريد الإلكتروني: يتم استخدام البريد الإلكتروني لنشر الإشاعات والتهديدات.

هذه القنوات توفر للمتنمرين منصة سهلة لإيذاء الآخرين، مما يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات لمكافحة هذا النوع من التنمر.

يتميّز التنمر الإلكتروني عن غيره من أنواع التنمر بالسمات الثلاث التالية:

  • مستمر: وذلك ما يحول بين راحة البال والأطفال الذين يعانون من التنمر؛ إذ أن الأجهزة التي في متناول أيديهم تتيح لهم هذا النوع من التواصل الفوري والمستمر على مدار الساعة في أي مكان يكن.
  • أبدي: إن لم يبلّغ عن هذ الاعتداء وتزال المعلومات أو الصور أو المحتوى الذي يراد به الحاق الضرر من فوره، فإنه يدخل في طور الأبدية في العالم الإلكتروني وعلى مرأى من أعين الجميع حيث يستحال طمسه، وهذا ما يتجلى كسمعة رقمية سيئة للمتنمر وللمتنمر عليه فتؤثر على جميع جوانب الحياة العملية أو الدراسية وغيرها.
  • صعب الملاحظة: يصعب على المربين والمعلمين إدراك ما قد يخوض فيه الأطفال وخصوصًا المراهقون من تنمر إلكتروني، إذ أنه لا يحدث في الواقع الملموس؛ أي الواقع المشترك بينهم وبين طلابهم أو أبنائهم.

أمّا عن أنواعه، فالتنمر الإلكتروني ينقسم إلى أنواع متعددة مختلفة، نذكر أهمّها:

الهجاء الإلكتروني 

الهجاء الإلكتروني، ذلك السم الذي ينتشر في فضاءات التواصل الاجتماعي، يتجاوز حدود النقد البناء ليغوص في أعماق التهكم والسخرية اللاذعة. فالمتنمرون الإلكترونيون لا يترددون في استخدام الألقاب المهينة والشتائم النابية، متخذين من التعليقات والمنشورات ساحة لتفريغ أحقادهم وكراهيتهم. هذا النوع من الهجاء لا يقتصر على الإساءة إلى الأفراد، بل يتعداه إلى التحريض على الكراهية والعنصرية، وتقويض قيم الاحترام والتسامح. كما أنهم لا يتورعون عن توجيه ألفاظ بذيئة ومسيئة إلى الآخرين، مستهدفين صورهم ومشاركاتهم، في سلوك مشين يتنافى مع كل القيم الأخلاقية والمجتمعية.

تنمر صناع المحتوى

لا شك أن التنمر من قبل المؤثرين وصناع المحتوى يترك جراحاً نفسية عميقة في نفوس ضحاياه. فحين يوجه شخص يتمتع بمتابعة واسعة سهام انتقاداته أو سخرية تجاه فرد ما، فإن ذلك يعادل إطلاق حملة تشويه سمعة منظمة. فالشخص المتابع لهذه الشخصيات يميل إلى تقليد أفعالهم وأقوالهم، مما يجعل الضحية عرضة لمزيد من التنمر والاستبعاد الاجتماعي. وتزداد خطورة الأمر عندما يستغل المؤثرون نفوذهم لنشر خطاب الكراهية والعنصرية، مما يساهم في تأجيج الصراعات وتعميق الانقسامات المجتمعية.

التنمر الجماعي (النبذ الإلكتروني)

غالبًا ما يكون التنمر الجماعي ثمرة مريرة للتنمر الإلكتروني الفردي. فبعد أن يتعرض الفرد لحملة من الإساءات والتحقير عبر الإنترنت، يجد نفسه منبوذًا ومستهدفًا من قبل مجموعة أكبر. هذا النبذ الاجتماعي الافتراضي قد ينعكس سلبًا على حياته الواقعية، حيث يواجه صعوبة في بناء علاقات اجتماعية جديدة أو حتى الحفاظ على العلاقات القائمة. قد يتم طرده من الألعاب الجماعية، أو حظره من المشاركة في المنتديات والمجموعات عبر الإنترنت، مما يزيد من شعوره بالعزلة والوحدة.

التجسس

“التجسس الرقمي جريمة بشعة تتعدى على أقدس الحقوق وهي حق الفرد في الخصوصية. فباستخدام التكنولوجيا، يمكن للمتجسسين اختراق هواتفنا وأجهزة الكمبيوتر، والوصول إلى معلوماتنا الشخصية، وصورنا، ورسائلنا، واستخدامها للإضرار بنا. قد يؤدي ذلك إلى تدمير العلاقات، وفقدان الوظائف، وحتى الانتحار في بعض الحالات. هذه الجريمة لا تترك أثراً سلبياً على الضحية فحسب، بل تؤثر أيضاً على المجتمع ككل.

الملاحقة الإلكترونية

تعتبر الملاحقة الإلكترونية شكلاً بالغ الخطورة من التنمر، حيث يتعرض الفرد لحملة مستمرة من الرسائل والاتصالات المزعجة والتهديدية. هذه الحملة المتواصلة تهدف إلى بث الرعب والخوف في نفس الضحية، مما يؤدي إلى اضطرابات نفسية عميقة قد تشمل الأرق، والقلق، والاكتئاب، وانعزال الضحية عن محيطه الاجتماعي. وقد تصل الأمور إلى حد التهديد بالعنف الجسدي، مما يجعل الضحية يعيش في حالة من الخوف المستمر على سلامته وسلامة أحبائه.

  1. العزلة الدائمة وخصوصًا عن المجتمع المحيط من العائلة والأصدقاء والمحبين. 
  2. تقلبات مزاجية حادة بين الحزن والغضب ولا سيما بعد قضاء الوقت أمام شاشة الهاتف الذكي أو الحاسوب أو الأجهزة اللوحية.
  3. صعوبة في التركيز ينجم عنها إهمال الدروس وتدني التحصيل الدراسي.
  4. صداع مفاجئ ومشاكل بالمعدة تحديدًا في الجهاز الهضمي.
  5. التملص من النشاطات التي كان الشخص (ضحية التنمر) يستمتع بممارستها قبل تعرضه للتنمر.
  6. شعور بالعار يصحبه تدني في احترام الذات وافتقار للقيمة والأهمية.
  7. مشاكل واضحة بالثقة في الآخرين وحتى الثقة بالنفس. 
  8.  خمول غير مبرر وسلوك ينمّ عن اللامبالاة، سواء كان تجاه النفس أو تجاه المجتمع.
  9. فقدان الوزن أو ازدياده بشكل ملحوظ في فترة معينة.
  10. أفكار أو أحاديث أو أفعال سوداوية تدور حول إيذاء النفس أو حتى الانتحار.
  11. تطوّر الأفكار السوداوية إلى أفعال حقيقية على أرض الواقع (إيذاء النفس حقًا ومحاولات الانتحار).

الحماية الحقيقية من التنمر الإلكتروني تبدأ بوعي عميق لدى الآباء والمربين بأبعاد هذه المشكلة. يجب أن يكونوا على دراية كاملة بالمخاطر التي تتربص بالأطفال والمراهقين في عالم الإنترنت، وأن يدركوا الآثار النفسية المدمرة التي قد تنتج عن التعرض للتنمر الإلكتروني. من خلال هذا الوعي، يمكن للبالغين البحث عن مصادر موثوقة للمعلومات، كالمؤسسات والمنظمات المتخصصة، التي تقدم برامج توعوية شاملة حول منصات التواصل الاجتماعي، التطبيقات، والألعاب الأكثر شيوعاً بين الشباب. هذا التوعي سيمكنهم من تزويد الأبناء بالأدوات والمعرفة اللازمة لحماية أنفسهم من مخاطر الإنترنت، وتعليمهم كيفية التعامل مع المواقف الصعبة التي قد يواجهونها.

بفضل هذا الوعي المتعمق، يمكن للآباء اتخاذ قرارات مدروسة بشأن السماح لأطفالهم باستخدام هذه التطبيقات، وتحديد الوقت المناسب لذلك، والمحتوى المسموح به، والإشراف المستمر على استخدامهم. وبذلك، يتمكن الآباء من حماية أطفالهم من المخاطر المحتملة وتوجيههم نحو استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي وبناء.

لتقليل مخاطر التنمر الإلكتروني، يمكن للآباء والمربين اتباع النصائح التالية:

  • توعية الجيل الجديد حول السلوكيات المقبولة (وغير المقبولة) على شبكة الإنترنت، وتثقيفهم حول السمعة الرقمية وأهميتها على المدى البعيد.
  • تعريف الجيل الناشئ  بتأثير التنمر الإلكتروني وضرره، سواء عن طريق نشر التعليقات الكارهة، أو المحتوى غير اللائق، أو غيره من التصرفات التي قد تؤدي إلى المساءلة القضائية.
  • توضيح نوعية المحتوى الذي بوسعه أبنائهم وطلابهم الاطلاع عليه أو مشاركته مع الغير.
  • التمييز بين التطبيقات والألعاب المناسبة لأبنائهم (من حيث العمر والثقافة) وتلك التي لا تلائمهم.
  • تحديد عدد الساعات المناسبة التي يقضيها أطفالهم أمام شاشات الحاسوب أو الأجهزة اللوحية أو الهواتف الذكية.
  • التحلي بالأخلاقيات والسعي لأن يكونوا قدوة حسنة في الإيجابية الرقمية والسلوكيات المحترمة والمهذبة على أجهزتهم وحساباتهم الخاصة.
  • مشاركة الأبناء اللعب على الإنترنت عن كثب ومراقبة الطريقة التي تعمل بها هذه الألعاب.
  • مساعدة الجيل الناشئ على وضع إعدادات الخصوصية والأمان في جميع الألعاب والتطبيقات.
  • الحفاظ على تواصل مفتوح ومريح مع الأبناء، وحثّهم على مشاركة مشاعرهم وأيّ حوادث تنمر قد تواجههم في مراحلها الأولى حتى يتمكّن هوؤلاء الآباء من حلّ المشكلة وتقليل الضرر.
  • حثّ الأبناء على عدم المشاركة في مظاهر التنمر الإلكتروني وإن بدت كمزحة، كأن يتمنعوا من وضع الإعجاب أو مشاركة التعليق المسيء أو نقله وهذا بالتالي سيحد من قوة تأثير الضرر.

التنمر الإلكتروني جريمة لا يجب التسامح معها، ولكل منا دور في مكافحتها. إذا كنت ضحية للتنمر الإلكتروني، أو شاهدت حادثة تنمر، فلا تتردد في الإبلاغ عنها. من خلال توثيق الحادثة والإبلاغ عنها، تساعد في حماية نفسك والآخرين، وتساهم في خلق بيئة رقمية أكثر أماناً. تذكر أن التبليغ عن التنمر ليس خجلاً، بل هو شجاعة، وخطوة مهمة نحو بناء مجتمع أكثر إنسانية.

عند تعرضك للتنمر الإلكتروني، لا تتردد في اتخاذ الإجراءات التالية:

  • امتنع عن الرد أو نقل الرسالة المؤذية.
  • أبقِ على أدلة التنمر الإلكتروني بحوزتك من التاريخ والوقت بالتحديد ووصف واف للموقف الذي بدر فيه التنمر وذلك عن طريق تصوير الشاشة وطباعتها أو طباعة الإيميل أو الرسالة المسيئة.
  • استخدم هذه الأدلة للتبليغ عن التنمر إلى مقدمي خدمات الويب والاتصالات.
  • قم بحظر مجرم التنمر الإلكتروني.

Related Posts

اترك رد