هل تساءلت يومًا عن الفرق بين المسجد والجامع؟ وكلاهما مكان للعبادة، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بينهما. في هذا المقال، سنتعرف بعمق على هذه الفروقات، وسنجيب على العديد من الأسئلة التي قد تدور في ذهنك حول هذا الموضوع.
المسجد والجامع هي بيوت الله تعالى التي أباح للمسلمين أن يبنوها لتكون حصنهم الذي يلجؤون إليه، ودارهم التي يقيمون فيها شعائرهم الدّينيّة، فتتنزّل عليهم الرّحمات، وتحفّهم الملائكة بأجنحتها، ويتساوى فيه ضعيفهم وقويّهم، والأسود والأبيض والأحمر والأشقر، وبحسب أداء المسجد ونشاطه يكون نشاط المجتمع أو كساده وفساده.
كما أن المسجد والجامع يؤدى فيهما الركن الثاني في الإسلام ألا وهو الصلاة، وهو الغرض الأساسي منهما هذا بالإضافة إلى أغراض أخرى متعددة، مثل الاحتفال ببعض المناسبات الدينية كالإسراء والمعراج، وتؤدى فيهما صلاة العيدين (الأضحى، والفطر)، وتتفّق المساجد والجوامع في أمور وتختلف في أمور أخرى سواء كانت من حيث العبادة، أو الحكم الشرعي، أو العمارة.
الفرق بين المسجد والمسجد الجامع:
إن المسجد هو مكان خصص للصلاة والقراءة والذكر والدعاء وتقام الصلاة فيه جماعة ويؤذن فيه للصلاة ووجّه نحو القبلة وجعل له محراب ومئذنة، يكون له حرمة المسجد فينزه عن الملاهي واللعب والخوض في أمور الدنيا والبيع والشراء وإنشاد الضالة ويطهر عن الأدناس والأنجاس.
وأما المسجد الجامع هو مسجد تقام فيه صلاة الجمعة والعيدين ويعتكف فيه، حيث لا اعتكاف إلا في مسجد جامع، كما أنه يكون الموضع الذي تقام فيه الحدود، ومركز يلتقي ويجتمع فيه الناس، ويتبادلون فيه قضاياهم ومنافعهم، ويتشاورون في أمورهم العامة وغيرها.
الحكم الشرعي للصلاة في المسجد أو الجامع:
من حيث الحكم الشرعي فلا فرق في الإسلام بين الصلاة في الجامع الذي تقام فيه الجمعة، أو المسجد الذي لا تقام فيه الجمعة، وعلى المصلي أن يصلي ركعتي تحية المسجد قبل أن يجلس لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين).
المساجد الثلاثة في الإسلام:
إنّ المساجد هي بيوت الله تعالى التي أذن أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه، قال تعالى في سورة النور: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} وهي كلّها تتشرّف بكونها دور عبادة لله تعالى، ولكنّ شرفها ومكانتها تختلف باختلاف قدَمِها وسعتها وإلى غير ذلك من الأمور التي تتفاوت فيها المساجد فيما بينها.
وقد شرّف الله -عز وجل- ثلاثة مساجد على ما سواها فأكرمها وأعلى شأنها وجعل الصّلاة فيها من حيث الأجر أعلى من بقيّة المساجد، ففي صحيح مسلم أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأقْصَى”، فقد شرّف الله تعالى هذه المساجد الثلاثة بأن جعلها مشدّ الرّحال للعبادة فيه، وجعل الصّلاة في كلّ واحد منها بأضعاف الصلاة في أيّ مسجد آخر.
فالصلاة في المسجد الحرام تعدل مئة ألف صلاة في مسجد آخر، والصلاة في المسجد النبوي تعدل ألف صلاة، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه السيوطي: “صلاةٌ في مسجِدِي هذا أفْضَلُ من ألْفِ صلاةٍ فِيما سِواهُ من المساجِدِ إلا المسْجِدَ الحرامَ، و صلاةٌ في المسْجِدِ الحرامِ أفضلُ من صلاةٍ في مَسْجِدِي هذا بِمِئةِ صلاة”، وأمّا المسجد الأقصى فأصحّ الأقوال أنّ الصلاة فيه بمئتين وخمسين صلاةً لقوله عليه الصلاة والسلام: “صلاةٌ في مسجدي هذا أفضلُ من أربعِ صلواتٍ فيه ولَنِعْمَ الْمُصَلَّى هو…”.