تعريف الضريبة على الدخل، العوامل المؤثرة عليها والإعفاءات المستثناة منها

تُعتبر الضريبة على الدخل من أقدم أنواع الضرائب التي عرفتها المجتمعات البشرية، حيث نشأت مع تطور الحياة الاقتصادية والمالية وظهور الدول والممالك كوحدات سياسية واجتماعية. فمع انتماء الأفراد إلى هذه الكيانات السياسية، أصبحوا يخضعون لمجموعة من القوانين والأنظمة المحلية التي تضعها السلطة الحاكمة، وبالمقابل، تحصل هذه الدول على التزامات مالية من الأفراد المقيمين على أراضيها.

هذه الالتزامات المالية تُعتبر بمثابة مساهمة من الأفراد في تمويل الخدمات العامة التي توفرها الدولة لرعاياها، مثل الأمن والدفاع والبنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها. ومع تطور العلوم المالية والاقتصادية، بدأ مفهوم الضريبة بالتطور والتبلور ليأخذ أشكالاً وأنواعاً مختلفة، من بينها الضريبة على الدخل التي تُفرض على دخول الأفراد والشركات على حد سواء.

وتهدف هذه الضريبة إلى توفير إيرادات للدولة تستخدم في تمويل النفقات العامة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا السياق، يهدف هذا المقال إلى توضيح مفهوم الضريبة على الدخل بشكل مفصل، وبيان أهميتها وأنواعها وكيفية احتسابها.

تعريف الضريبة على الدخل

تُعرّف الضريبة على الدخل بأنها مبلغ مالي تفرضه الحكومة بشكل إلزامي على الأفراد والشركات كمصدر أساسي للإيرادات العامة للدولة، وذلك بهدف تمويل الخدمات العامة، وتوفير السلع الأساسية للمواطنين، وسداد الالتزامات الحكومية، بالإضافة إلى تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية أخرى كإعادة توزيع الدخل والثروات بين أفراد المجتمع لتحقيق قدر من المساواة والاستقرار الاقتصادي.

تُفرض ضريبة الدخل على الأشخاص الطبيعيين بنسبة متغيرة تبعاً لمستوى دخلهم الإجمالي، حيث يعتمد النظام الضريبي عادةً على مبدأ تصاعدية الضريبة، أي زيادة نسبة الضريبة طردياً مع زيادة دخل الفرد، والذي يشمل مصادر دخل متنوعة كالأجور، والمرتبات، والاستثمارات المالية، والعمولات، والأرباح الناتجة عن العمل والأنشطة الاقتصادية المختلفة.

وتجدر الإشارة إلى وجود اختلاف بين ضريبة الدخل المفروضة على الأشخاص الطبيعيين وتلك المفروضة على الشركات والمؤسسات، حيث تُحسب ضريبة دخل الأفراد بعد احتساب بعض الاقتطاعات والخصومات الشخصية، بينما تُحسب ضريبة دخل الشركات على صافي أرباحها بعد خصم رأس المال ومصروفات التشغيل من إجمالي دخلها، مما يجعل هيكل الضريبة على الدخل أكثر تعقيداً بالنسبة للشركات نظراً لوجود بنود محاسبية إضافية.

تتأثر الضريبة على الدخل، وهي من أهم مصادر الإيرادات الحكومية، بمجموعة متنوعة من العوامل التي تُسهم في تحديد قيمتها ارتفاعًا أو انخفاضًا، بالإضافة إلى السياسات والإجراءات المحاسبية المُطبقة. من بين هذه العوامل المؤثرة على الضريبة على الدخل ما يأتي:

الوضع الاقتصادي العام:

في فترات الازدهار والنمو الاقتصادي، يشهد الدخل الفردي ارتفاعًا ملحوظًا، ممّا ينعكس على زيادة قيمة الضريبة على الدخل المُستحقة على الأفراد والشركات على حد سواء. وعلى النقيض من ذلك، خلال فترات الركود الاقتصادي والانكماش، ينخفض مستوى الدخل الفردي، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض قيمة الضريبة على الدخل. هذا الارتباط الوثيق بين الوضع الاقتصادي العام ومستوى الدخول يُفسر التقلبات في قيمة الضريبة على الدخل، حيث تُعتبر هذه الضريبة مؤشرًا يعكس حالة الاقتصاد الوطني.

قيمة الدخل:

تُعتبر قيمة الدخل من المحددات الرئيسية والأساسية في تحديد مقدار ضريبة الدخل المستحقة، بل إنها تُعدُّ العامل الفيصل في خضوع دخل الفرد أو عدم خضوعه لهذه الضريبة من الأساس. ففي سياق ضريبة الدخل، يُوجد ما يُعرف بالإعفاء الشخصي، وهو حدٌّ ماليٌّ للدخل يُعفى صاحبه من دفع الضريبة إذا لم يتجاوزه دخله.

هذا الإعفاء يُشكِّلُ حافزًا للفئات ذات الدخل المحدود ويُخفِّفُ العبء الضريبيَّ عنها. أما في الحالات التي يستحق فيها دفع ضريبة الدخل، فإن العلاقة طردية بين قيمة الدخل وقيمة الضريبة المستحقة؛ فكلما ازداد الدخل، ازداد معه الجزء الخاضع للضريبة، وبالتالي ترتفع قيمة الضريبة المفروضة.

الحالة الاجتماعية:

تُعتبر الحالة الاجتماعية من العوامل الهامة التي تُؤثّر بشكل مباشر على ضريبة الدخل، حيث يتأثر الخضوع الضريبي أو الإعفاء منه بناءً على الوضع الاجتماعي للمُكلَّف. فعلى سبيل المثال، يُؤثّر الزواج وعدد أفراد الأسرة الذين يعولهم الشخص على احتساب الضريبة، إذ يُمكن أن يُساهم عدد الأبناء أو الزوجة غير العاملة في تخفيض قيمة الضريبة المُستحقة أو حتى الإعفاء منها كليًا في بعض الحالات، وذلك وفقًا لما تنص عليه قوانين ضريبة الدخل ولوائحها التنفيذية.

هذه القوانين غالبًا ما تُراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأفراد، بهدف تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية وتخفيف العبء الضريبي على الأسر ذات الدخل المحدود أو ذات المسؤوليات العائلية الكبيرة. وتُعتبر هذه الاعتبارات جزءًا من السياسة الضريبية للدولة التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين تحصيل الإيرادات العامة ومراعاة الظروف المعيشية للمواطنين.

آليّة احتساب ضريبة الدخل

تُعدّ ضريبة الدخل من الضرائب المباشرة التي تُفرض على دخل الأفراد والشركات، وتعتمد آلية احتسابها غالبًا على نظام الشرائح الضريبية التصاعدية، حيث يُقسّم الدخل الخاضع للضريبة إلى شرائح متعددة، تُحدّد لكلّ شريحة منها نسبة ضريبية مُعيّنة، فكلّما ازداد دخل الفرد أو الشركة، انتقل إلى شريحة ضريبية أعلى بنسبة ضريبية أكبر.

وعلى سبيل المثال، إذا كان الدخل السنوي لشخص ما يبلغ 70,000 دولار أمريكي، فإنّه يقع ضمن الشريحة الضريبية التي تتراوح بين 37,951 و 91,900 دولارًا أمريكيًا، والتي تُفرض عليها نسبة ضريبية قدرها 25%، ممّا يعني أنّه مُلزَم بدفع ضريبة تُعادل 25% من دخله السنوي الخاضع للضريبة، مع الأخذ في الاعتبار وجود بعض الإعفاءات الضريبية التي تُستثنى من حساب الدخل الخاضع للضريبة، مثل الإعفاءات الشخصية أو الإعفاءات المتعلقة بالمصاريف الطبية أو التعليمية، ممّا يُقلّل من قيمة الضريبة المستحقة.

عند احتساب الضريبة على الدخل للأفراد، تُستثنى بعض الموارد المالية من الخضوع للضريبة، وذلك تحقيقًا لأهداف اقتصادية واجتماعية مختلفة. من بين أهم هذه الاستثناءات نذكر ما يلي:

  • الميراث: يُعتبر الميراث من الأموال التي تنتقل من شخص متوفى إلى ورثته، ويُعفى هذا النوع من الدخل بشكل عام من الضريبة على الدخل في معظم الأنظمة الضريبية. يُستثنى الميراث من الضريبة نظرًا لطبيعته كإرث وليس كدخل مكتسب من نشاط اقتصادي.
  • المبالغ المدفوعة للتأمين على الحياة: تُعفى المبالغ التي تدفعها الأفراد كأقساط للتأمين على الحياة من الخضوع للضريبة على الدخل. يُشجع هذا الإعفاء الأفراد على الادخار والتأمين على مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم.
  • التأمين ضد الحوادث: تُستثنى التعويضات التي يحصل عليها الأفراد نتيجة للتأمين ضد الحوادث من الضريبة على الدخل. يهدف هذا الإعفاء إلى تخفيف الأعباء المالية على الأفراد في حالات الحوادث والإصابات.
  • التأمين الصحي: تُعفى المبالغ المدفوعة للتأمين الصحي، سواءً كانت أقساط تأمين أو تعويضات عن النفقات الطبية، من الضريبة على الدخل. يُشجع هذا الإعفاء الأفراد على الاهتمام بصحتهم والحصول على التغطية الصحية المناسبة.
  • تكاليف الدراسة: في بعض الأنظمة الضريبية، تُعفى تكاليف الدراسة، سواءً كانت للأفراد أنفسهم أو لأبنائهم، من الضريبة على الدخل. يهدف هذا الإعفاء إلى تشجيع التعليم والاستثمار في رأس المال البشري.
  • الهدايا الشخصية: تُعتبر الهدايا الشخصية التي يتلقاها الأفراد من مصادر غير تجارية، مثل هدايا الأعياد والمناسبات الخاصة، معفاة من الضريبة على الدخل.
  • التبرعات الخيرية والهبات: تُعفى التبرعات التي يقدمها الأفراد للمؤسسات الخيرية والهبات التي يتلقونها من الضريبة على الدخل. يُشجع هذا الإعفاء على العمل الخيري والتكافل الاجتماعي.
  • الأشخاص ذوو الدخل المتدني (تحت خط الفقر): تُولي الأنظمة الضريبية اهتمامًا خاصًا للأشخاص ذوي الدخل المتدني، حيث يُعفون من الضريبة على الدخل بشكل كامل أو جزئي، وذلك بهدف توفير مستوى معيشي لائق لهم وتخفيف الأعباء المالية عن كاهلهم. يُحدد خط الفقر معيارًا لتحديد الأشخاص المستحقين لهذا الإعفاء.

اكتشاف المزيد من عالم المعلومات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيك بهذه المقالة؟ كن أول من يعلق

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على موقعنا. تساعدنا هذه الملفات على تذكر إعداداتك وتقديم محتوى مخصص لك. يمكنك التحكم في ملفات تعريف الارتباط من خلال إعدادات المتصفح. لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية لدينا.
قبول
سياسة الخصوصية