إن تعريف الوعي الذاتي يعتمد في الأساس على جانبين مختلفين تمامًا من جوانب الشخصية مما ينتج عن ذلك إمكانية تعريفه بمعنيين مغايرين لبعضهم البعض لكنهم مرتبطين ارتباطًا وثيقًا معًا. إذا كان لديكم شغف حول معرفة تعريف الوعي الذاتي الذي سيكون له عظيم الأثر في حياتكم، فعليكم متابعة قراءة هذا المقال بكل عناية وحرص.
تعريف الوعي الذاتي
يمكن تعريف الوعي الذاتي (بالإنجليزية: Self Awareness) بأنّه الوعي بالجوانب المختلفة للذات، فهو إدراك كل شخص لكل ما يحدث له، وإدراكه لردود أفعاله ولماذا يتصرف هكذا، ويتمثل الوعي الذاتي أيضًا بفهم نقاط القوة ونقاط الضعف.
وعلى الرغم من أنّ الوعي الذاتي أمر أساسي بالنسبة للجميع، فإنّه ليس شيئًا يمكن التركيز عليه بشدة في كل لحظة من كل يوم، حيث يظهر في نقاط مختلفة حسب الموقف والشخصية، ويبدأ الوعي الذاتي من عمر السنة حتى السنة ونصف تقريبًا، وينقسم الوعي الذاتي إلى نوعين:
الوعي الذاتي العام
يظهر عندما يكون الشخص هو محور الاهتمام ويدرك كيف يجب أن يظهر بالنسبة للآخرين مثلًا عند تقديم عرض تقديمي، أو عند تحدثه أمام مجموعة من أصدقائه، فإنّه يتصرف بطرق مرغوبة ومقبولة لهذا الحدث، ولكن قد ينجم عن هذا الوعي بعض من القلق والتوتر بشأن كيفية فهم الآخرين له.
الوعي الذاتي الخاص
يظهر عندما يقوم الشخص بتقييم نفسه بنفسه، مثلًا الشعور بوجع بالمعدة بسبب نسيان الدراسة لامتحان مهم، فإذن يساعد الوعي الذاتي في فهم النفس وكيف ترتبط مع الآخرين أي تقييمها ومقارنتها مع الآخرين، ولكن في بعض الأحيان يعكس الوعي الذاتي المفرط بالإضافة إلى المقارنة الزائدة بالآخرين إلى حالة مزمنة تتمثل باضطراب الشخصية والقلق والتوتر.
ماذا يقصد بالسلوك البشري؟
نظرًا لارتباط الوعي الذاتي بالسلوك البشري، فيمكن تعريف السلوك البشري بأنّه ردة الفعل الكامنة وراء النشاط البدني والعقلي والاجتماعي خلال مراحل متتالية من النمو، من الطفولة وحتى الشيخوخة، وكل مرحلة منها تتميز بمجموعة من المميزات الجسدية والسلوكية والفسيولوجية.
يمكن الحصول من السلوك على معلومات قيمة قد تكون مجهولة حول كل شخص، فتتعدد أنواع السلوك البشري منها السلوكيات السلبية والسلوكيات العدوانية والسلوكيات الحازمة والسلوكيات العاطفية والسلوك الواعي، والسلوك اللاوعي، والسوك العقلاني، والسلوك غير العقلاني، ويمكن تعديل السلوك بتقديم الحوافز التعزيزية والمكافئات أو العقاب أو وفقًا للنوايا ذاتية التوجيه التي تنبع من داخل الإنسان.
العلاقة بين الوعي الذاتي والسلوك البشري
عندما ننظر إلى المصطلحين السابق ذكرهم من الخارج فإننا سوف نشعر أنه ليست هناك علاقة تربط بينهما أبدًا لكن ذلك الاعتقاد خاطئ لذا دعونا نشرح لكم الصلة الوثقى التي تربط سلوك أي فرد بمقدار وعيه بذاته، وتتمثل في:
- حيث إن سلوك الفرد ليس إلا رد فعل لكل ما يحدث معه من مواقف سواء سلبية أو إيجابية، ولا يقتصر السلوك البشري على الكلام الذي يتفوه به هذا الشخص في تلك المواقف بل إنه يرتبط أيضًا بلغة الجسد وعلامات الانفعال التي تظهر على الوجه وما إلى ذلك.
- والوعي الذاتي ما هو إلا مراقبة الشخص لكل ما يصدر عنه من تحركات وانفعالات وأوامر وهكذا، لذا من خلال السلوك البشري لأي شخص فإنه يمكنه الحصول على معلومات أكثر عن نفسه مما يزيد من وعيه بذاته ومن هنا جاءت العلاقة بينهما.
فوائد الوعي الذاتي
من الصعب تلخيص إيجابيات امتلاك وعي عالٍ بالذات، فهي لا تعدّ ولا تحصى. لكن نذكر منها الأكثر شيوعًا:
- بناء علاقات أفضل
من الصعب أن تحدّد ما تريد الحصول عليه وما تحتاجه في علاقة معيّنة ما لم تكن واضحًا بخصوص هذه الأمور بينك وبين نفسك.
بالإضافة إلى ذلك، كلّما كان وعيك بذاتك متدنّيًا، أصبح من السهل عليك أن تكون دفاعيًا أكثر في تعاملك مع الغير، وهذا ما يؤدي إلى انهيار العلاقات بكافة أنواعها.
إذا كنت تريد بناء علاقات أفضل مع زملائك أو أصدقائك أو شريك حياتك، ابدأ بالتعرف على ذاتك أوّلاً!
- تطوير مهارات اتخاذ القرارات
تأتي القرارات السيئة في غالب الأحيان نتيجة للأفكار المتضاربة، وردّات الفعل العاطفية القويّة. لذا، عندما نصبح أكثر وعيًا بأنماط تفكيرنا ومشاعرنا، سيصبح في وسعنا التمييز بين الرغبات الفجائية السريعة، وبين القيم والأهداف طويلة الأمد.
حينما ندرك هذا الأمر، سنصبح أكثر قدرة على اتخاذ قرارات سليمة مبنية على دراسة وتفكير منظّم، وليس مجرّد رغبات جامحة عابرة.
- تحسين المزاج
يعتمد مزاجنا واختلاف مشاعرنا من وقت لآخر اعتمادًا كبيرًا على قرارنا الشخصي بكيفية التفكير أو التصرّف. وحينما نحسّن وعيَنَا بالعلاقات المتبادلة بين أفكارنا وتصرّفاتنا ومشاعرنا، سيصبح من السهل للغاية التحكّم في هذه المشاعر وتنظيمها، ممّا يؤدي بلا شكّ إلى تحسين المزاج.
- رفع الإنتاجية
إنّ السبب الحقيقي وراء التأجيل والتسويف وتراجع الإنتاجية لا يتعلّق بالافتقار إلى الالتزام أو الجهد المبذول في العمل، وإنّما بمشاعر وأسباب أخرى داخلية.
حينما تواجه صعوبة في الذهاب إلى العمل، فذلك مردّه في العادة أنّ أفكارًا أو مشاعر أو عاداتٍ محدّدة تقف في طريقك. لذا فإنّ تحسين وعيك بذاتك سيسهم بشكل كبير في التخلّص من جزء كبير من هذه المعيقات التي تقف في طرق إنتاجيتك.
- تعزيز مهارات التواصل الفعال
عندما تمتلك وعيًا أكبر بما تؤمن به وتريده حقًا، سيصبح في وسعك التواصل بشكل أفضل في مختلف مجالات الحياة، سواءً مع مديرك في العمل، أصدقائك المقرّبين، أو شريك حياتك.
كلّما عرفت نفسك أكثر، أصبح من السهل التواصل مع الآخرين بحزم، وصار بإمكانك التعبير عن رغباتك بصدق، بل واحترام الآخرين ورغباتهم أيضًا.
كيف يمكن تطوير الوعي الذاتي؟
الوعي الذاتي هو سمة قيّمة إذ إنّ فهم الشخصية والقيم والرغبات يُساعد كل شخص ليصبح أكثر وعيًا بذاته، بالإضافة إلى ذلك فإنّ معرفة المزيد عن النفس يُساعد على إنشاء حياة أفضل، وإجراء تغييرات إيجابية لتحسين نقاط الضعف وإدراك الذات ويعزز الذكاء العاطفي، وفيما يأتي طرق لتطوير الوعي الذاتي:
معرفة النفس
وذلك من خلال ترتيب الأولويات والأهداف من 5-10 أعوام، لمعرفة ما هو مهم في هذه السنوات وترتيبها ضمن قائمة، ثمّ اختيار أهمّ 5-10 خيارات من هذه القائمة، وترتيبها حسب الأهمية وحسب الأولوية القصوى؛ وبالإضافة إلى تحديد نقاط القوة لتقييمها ونقاط الضعف للعمل على تحسينها لإنّ ذلك يساعد على فهم الذات أكثر ومعرفة كل ما ما ينبغي فعله للحصول على حياة بشكل أفضل.
بناء الوعي العاطفي
القدرة على فهم المشاعر والاعتراف بها هو جزء من الوعي الذاتي، ويفضل عدم حبس المشاعر، فمثلًا بعد يوم شاق ومتعب في العمل يفضل إجراء مكالمة مع صديق أو القيام بالهوايات المفضلة التي تبعث الأمل والتفاؤل، والخيارات كثيرة؛ بالإضافة إلى التركيز على اللحظة الحالية وعدم القلق بشأن الماضي أو المستقبل، والقيام بتمارين اليوغا مدة 10 دقائق في اليوم، لإنّ التأمل اليومي يساعد على تهدئة العقل والنفس، ويساعد على التفكير بشكل أفضل.
أخذ التغذية الراجعة من الآخرين
وذلك أن يُطلب من الأشخاص المقربين الذين يعطون تقييمًا صادقًا وبناءً، أن يقوموا بإبداء رأيهم وتحديد نقاط القوة، وكيف يمكن تحسين نقاط الضعف، بالإضافة إلى مراجعة التغذية الراجعة التي يتمّ الحصول عليها من العمل أو المدرسة والتركيز على هذه التغذية الراجعة والعمل عليها، ويمكن أن يطلب الشخص التغذية الراجعة من مديره أو مشرفه حول عمله وما النقاط الواجب تحسينها وتطبيقها والعمل عليها لتحسين الأداء.