البرمجة اللغوية العصبية (Neuro-linguistic programming) والمعروفة اختصارًا بـ NLP هي عبارة عن مجموعة من القواعد، والتقنيات التي تستخدم لتعديل السلوك من أجل تحسين الذات، والإدارة الذاتية، والاتصالات بين الأشخاص بشكل أكثر فعالية، وذلك بالاعتماد على بعض الافتراضات حول كيفية التأثير اللغة، وحركات العينين، والجسم على وظائف الدماغ العصبية، وهي طريقة لتغيير أفكار شخص ما لمساعدته على تحقيق نتائج مرجوة محددة له.
تقدّم البرمجة اللغوية العصبية أساليب عملية تمكّنك من تغير طريقة تفكيرك، ونظرتك لأحداث الماضي ومبادئك في الحياة، إنّها باختصار تجعلك قادرًا على السيطرة على عقلك وبالتالي على حياتك. وبعكس علم التحليل النفسي الذي يركّز على الأسباب وراء الاضطرابات النفسية، فإن البرمجة اللغوية العصبية عملية للغاية وتصبّ جام تركيزها على كيفية معالجة هذه الاضطرابات.
لا تُمثّل البرمجة اللغويّة العصبيّة فرعاً من فروع العلوم؛ إذ إنها لا تعتمد على نتائج علميّة مرتبطة بعلم الأعصاب أو علم النّفس، بل طُوّرت كنظامٍ في سنة 1970م من قبل اثنين مختصّين في ما يُعرف بالمساعدة الذاتيّة. وتوجد العديد من الآراء التي تتفق مع البرمجة اللغويّة العصبيّة أو تختلف معها؛ منها رأي الطبيب ستيفن نوفيلا، الذي يقول إن الفرضيات الخاصة بالبرمجة اللغويّة العصبيّة حول إمكانية برمجة العواطف والسلوك عن طريق محاكاة عدّة جوانب سطحيّة هي فرضيات غير صحيحة وخاطئة.
أمّا معهد باندلر المُتخصص بهذه البرمجة يرى أنها دراسة مُتخصصة بالتجربة الفرديّة؛ حيث إن السلوكات البشريّة التي تعتمد على البرمجة اللغويّة سوف تساهم في ظهور أعمال أقرب إلى السحر عن طريق الاعتماد على بناء وسيلة جديدة في إدراك تأثيرات التواصل على دماغ الإنسان.
تاريخ البرمجة اللغوية العصبية:
يعود تاريخ البرمجة اللغويّة العصبيّة إلى كتاب روبرتو أساجيولي (بالإنجليزية: Roberto Assagioli) الصادر في سنة 1965م حول التركيب النفسي؛ حيث احتوى كتابه الأُسس الأولى للبرمجة اللغويّة العصبيّة، واكتُشفت أعمال أساجيولي من خلال المعالج والمدرب الأمريكيّ في مجال البرمجة اللغويّة العصبيّة مايكل هول (بالإنجليزية: Michael Hall)، فاهتمّ بتحديد مجموعة من التدريبات والأفكار الخاصة بأساجيولي؛ لتوضيح أن مؤلفاته ساهمت في التأريخ للبرمجة اللغويّة العصبيّة قبل ذيوع صيتها بعشرة أعوام.
ساهم فريتز بيرلز (بالإنجليزية: Fritz Perls) في تطوّر البرمجة اللغويّة العصبيّة؛ إذ يعود الفضل له في ظهور مفهوم العلاج الجشطالتي (بالإنجليزية: Gestalt therapy)، كما شاركه مجموعة من الأشخاص وكانت زوجته واحدة منهم في إصدار الكتاب الأول حول العلاج الجشطالتي، وتمكّن بيرلز من تحويله إلى أداةٍ علاجيّة يمكن استخدامها والاستفادة منها، أمّا كلمة جشطالت، فهي مصطلح يُستخدم في الإشارة إلى أن نموذج الأجزاء بشكلٍ مفرد غير كافٍ لفهم كامل الموضوع، بل يجب أن يكون الكلّ في الحسبان.
فكرة البرمجة اللغوية العصبية:
تتناول البرمجة اللغوية العصبية مستويات عديدة لفهم النفس البشرية، فهي عملية متعددة الأبعاد تشتمل على تطوير كفاءة السلوك والمرونة، كما أنها تتضمن التفكير الاستراتيجي، وفهم العمليات الذهنية، والإدراكية وراء سلوك الشخص، وتوفر البرمجة اللغوية العصبية أداوت ومهارات لتطوير حالات التفوق الفردي، وإنشاء نظام لتفعيل المعتقدات والفرضيات الخاصة بالإنسان، وتدور فكرة البرمجة اللغوية العصبية حول اكتشاف الذات، والهوية.
موضوعات البرمجة اللغوية العصبية:
تهتمّ البرمجة اللغويّة العصبيّة بدراسة عدّة مجالات وموضوعات ومن أهمّها:
- إدراك المعنى الخاص بالزمن، وتعزيز التواصل الفعّال بين الفرد والأفراد الآخرين، وتشجيعه على الانسجام معهم.
- التعرف على الأنماط البشريّة المتنوعة، مثل النمط الرقمي، والنمط السمعي، والنمط الحسي، والنمط البصري، وطريقة التفاعل المناسبة مع هذه الأنماط، وطبيعة تفكير الأفراد الآخرين.
- المساهمة في علاج الحالات الشخصيّة، مثل التحكم بالعادات الفرديّة، والوهم، والخوف، والفوبيا، والسعي إلى تحسينها للأفضل.
- تنمية وتطوير وتحسين المهارات الجماعيّة والفرديّة، والحرص على دعم مستوى الأداء الفرديّ.
- مساعدة الأفراد على تعلّم المهارات التي تُساهم في رفع مستوياتهم وتجعلهم مميّزين، مثل مهارة القراءة التصويريّة ومهارة القراءة السريعة.
- إدراك أُسس التنويم الإيحائي ووسائل استخدامها في معالجة مجموعة من الحالات الفرديّة.
تقنيات البرمجة اللغوية العصبية:
يستخدم ممارسو البرمجة اللغوية العصبية العديد من التقنيات المختلفة، ومنها ما يأتي:
- التثبيت: يعدّ التثبيت عمليةً يتم فيها تحويل التجارب الحسية إلى محفزات خاصة ببعض الحالات العاطفية.
- المواءمة : تعني المواءمة ضبط الشخص من خلال مطابقة سلوكياته البدنية لتحسين التواصل والاستجابة من خلال التعاطف.
- النمط: وهو عملية تغيير أنماط السلوك أو الفكر لتحقيق المطلوب بدلاً من النتيجة غير المرغوبة.
- الانحراف البصري أو الحركي: هو محاولة لإزالة الأفكار والمشاعر السلبية التي ترتبط بحدث سابق.
فوائد البرمجة اللغوية العصبية:
- التحكم بالمشاعر السلبيّة والمساهمة في تغييرها إلى مشاعر إيجابيّة.
- سيطرة الفرد على طريقة وأسلوب تفكيره واستخدامه كما يريد.
- التخلص من جميع العادات السيئة والمخاوف بشكلٍ سريع.
- تعزيز الانسجام بين الفرد والأفراد الآخرين.
- معرفة الفرد للطريقة التي تساهم في وصوله للنتائج التي يطلبها.
- التعرف على استراتيجيات وطُرق تفوق ونجاح الأفراد الآخرين، والحرص على تطبيقها على الذات.
- تطبيق السياسة الخاصة بالتغيير السريع للأشياء التي يريدها الفرد.
- سرعة إقناع الأفراد الآخرين والتأثير فيهم.
فعالية البرمجة اللغوية العصبية:
توجد العديد من الأبحاث والدراسات التي اختلفت حول فعالية البرمجة اللغوية العصبية، وذلك بسبب عدم خضوع البرمجة اللغوية العصبية لمستوى الدقة العلمية نفسه التي خضعت له العلاجات الأخرى، مثل: العلاج السلوكي المعرفي، ومع ذلك فقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة الاستشارات والأبحاث النفسية أن مرضى العلاج النفسي قد تحسنت الأعراض النفسية وجودة الحياة لديهم بعد استخدام البرمجة اللغوية العصبية مقارنةً بالمجموعة التي خضعت للمراقبة، وفي عام 2014م لم يجد تقرير الوكالة الكندية للمخدرات والتكنولوجيا في الصحة أي دليل سريري حول فعالية البرمجة اللغوية العصبية في علاج اضطراب ما بعد الصدمة ، أو الاكتئاب، وعلى الرغم من ذلك فقد وجدت مراجعة بحثية أخرى في عام 2015م أن العلاج بالبرمجة العصبية اللغوية له تأثير إيجابي على الأفراد الذين يعانون من مشاكل اجتماعية أو نفسية، وقد اقترح الكثير بأنه لا يزال هناك حاجة إلى المزيد من التأكد والتحقق من هذا الأمر.