يواجه العديد من الطلاب والمهنيين تحديات في الحفاظ على الدافعية للدراسة والتركيز عليها، حيث يشعرون بالإرهاق والتشتت وصعوبة الالتزام بجدول دراسي منتظم. لكن لحسن الحظ، توجد استراتيجيات فعّالة لتحفيز الذات وتحقيق الأهداف الأكاديمية المنشودة.
تتضمن هذه الاستراتيجيات مفهوم “مهارات الدراسة” الذي يشير إلى مجموعة من الأساليب التعليمية والطرق والاستراتيجيات المهارية المتنوعة التي تُمكن الأفراد من اكتساب التعليم وتطبيق التعلم بشكل فعّال. تشمل هذه المهارات تنظيم المعلومات وحفظها، وتُعدّ ضرورية لتحسين الأداء الأكاديمي والحصول على درجات علمية جيدة.
كما تُجيب مهارات الدراسة عن سؤال محوري وهو “كيف تحفز نفسك على الدراسة؟” من خلال توفير أدوات عملية وسلوكيات مُحددة تُساعد على استعادة الحماس للدراسة وتحقيق النجاح. في هذا السياق، سنستكشف مجموعة من النصائح والاستراتيجيات التي تُعزز مهارات الدراسة وتُساعد على التغلب على صعوبات التركيز والإرهاق، وبالتالي تحقيق التفوق الأكاديمي.
كيف تحفز نفسك على الدراسة
لكل فرد في المجتمع أساليبه الحيّاتية الخاصة به والَّتي تتضمن كيفية ممارسة طقوسه اليومية والتعايشية مع مختلف الظروف الحيّاتية، ومن الأساليب الحيّاتية الَّتي يمتلكها الفرد أسلوبه في التعلم والدراسة والَّتي تحتاج لمجموعة من العوامل التحفيزية الذاتية الَّتي تحفز نفس المتعلم على الدراسة وتلقي العلم في الأوقات المختلفة، وفيما يأتي تفصيلٌ لأهمّ سبلِ تحفيز النفس على الدراسة:
تقسيم مهمة الدراسة إلى أجزاء
يُعدّ تحفيز الذات على الدراسة من أهمّ العوامل المؤثّرة في التفوّق الدراسيّ وتحقيق الأهداف التعليميّة، ومن الاستراتيجيات الفعّالة لتحقيق ذلك تقسيم المهمّة الدراسيّة الكبيرة إلى أجزاء صغيرة مُدارة، ممّا يُسهّل إنجازها ويُقلّل من الشعور بالإحباط الناتج عن ضخامة المهمّة.
فعلى سبيل المثال، قد تبدو كتابة رسالة ماجستير مهمّة شاقّة ومُرهقة نظرًا لحجمها ومتطلّباتها، ولكن عند تقسيم هذه المهمّة إلى مهام فرعيّة مُحدّدة، ككتابة المقدّمة أو فصل معيّن وتحديد جدول زمنيّ لإنجاز كلّ جزء، يُصبح إنجاز الرسالة أكثر سهولة ووضوحًا، ويُحفّز الطالب على المُضيّ قُدمًا نحو إتمامها، ممّا يُساهم في تحسين مستوى التحصيل الدراسيّ وزيادة الدافعيّة للدراسة.
تنويع أساليب الدراسة
يُعدّ تحفيز الذات على الدراسة من أهمّ العوامل المؤثرة في نجاح الطالب وتفوقه، حيث يبدأ الطالب رحلته الدراسية باحثاً عن الأسلوب الأمثل الذي يُعينه على فهم واستيعاب المعلومات بكفاءة عالية، وقد يجد نفسه في حيرة من أمره في بداية الطريق، إذ يصعب عليه تحديد الطريقة أو المنهج الدراسي الذي يتناسب مع قدراته ومهاراته من أول وهلة.
ولذلك، يُنصح بتجربة مناهج وأساليب دراسية متنوعة ومختلفة، ليتمكن من تحديد الأسلوب الأكثر إنتاجية وفعالية معه، والذي يحقق له أفضل النتائج المرجوة، ويُعتبر التنويع في طرق الدراسة وأماكنها من العوامل الهامة التي تُساعد في الحفاظ على حماس الطالب واهتمامه بالمادة الدراسية، وتجديد نشاطه وتركيزه، ومن بين هذه الأساليب المتنوعة: الدراسة الفردية التي تُمكن الطالب من التركيز العميق والتفاعل المباشر مع المادة، والدراسة الجماعية التي تُتيح تبادل الأفكار والمعلومات مع الزملاء، وتدوين الملاحظات الهامة التي تُساعد على تثبيت المعلومات واسترجاعها بسهولة.
بالإضافة إلى رسم الخرائط الذهنية التي تُنظم المعلومات بشكل بصري وجذاب، واستخدام الصور والرسومات والنماذج المحددة التي تُساعد على تذكر المعلومات واستيعابها بشكل أفضل، وغيرها من الأساليب الإبداعية التي تُثري العملية الدراسية وتجعلها أكثر متعة وفاعلية.
عمل روتين ثابت للدراسة
يُعتبر وضع روتين دراسي ثابت والالتزام به من العوامل الأساسية لتحقيق النجاح والتفوّق الدراسي، حيث يُمكن للطالب بناء هذا الروتين عبر تخصيص وقت مُحدّد للدراسة بشكل يومي، أو تحديد أيام مُعينة خلال الأسبوع يتم فيها التركيز على الدراسة والمراجعة، سواءً كان ذلك في الصباح الباكر قبل ساعة من الاستيقاظ المُعتاد، ممّا يُساعد على استغلال النشاط الذهني في أفضل حالاته، أو خلال ساعات المساء بعد الانتهاء من الأنشطة اليومية الأخرى، المهم هو اختيار الوقت الذي يُناسب طبيعة الطالب وقدرته على التركيز.
إنّ تحديد روتين دراسي مُحكم وأسلوب مُحدد ومنهجي للدراسة يُحفّز الطالب بشكل كبير، ويُساعده على تجنّب فقدان التركيز وتشتيت الانتباه، وذلك لأنّه يعلم تماماً أنّ هذا الوقت مُخصّص للدراسة فقط، ممّا يُعزّز الانضباط الذاتي، ومع مرور الوقت سيُصبح هذا الروتين أمراً معروفاً لدى الأهل والأصدقاء، ممّا يُساهم في تقليل المُقاطعات وتوفير بيئة دراسية مُناسبة.
كما يجب على الطالب قبل البدء بالدراسة التأكّد من تقليل عوامل التشتت والإلهاء قدر الإمكان، مثل إغلاق الهاتف المحمول أو وضعه في وضع الصامت، وإبعاد أي مُشتتات بصرية أو صوتية أخرى، لضمان أقصى استفادة من وقت الدراسة المُخصّص.
البدء بدراسة مواضيع سهلة
عندما ينخرط الطالب في رحلة الدراسة، يُعتبر البدء بالمواضيع والمواد الدراسية السهلة استراتيجية فعّالة للغاية لتحقيق أفضل النتائج. ففي كثير من الأحيان، يُواجه الطلاب شعورًا بالإحباط والملل عندما يبدأون مباشرةً في استكشاف المفاهيم والمواضيع المعقدة والصعبة، ممّا يُؤدّي إلى فقدان الحماس والرغبة في مواصلة الدراسة.
لذلك، يُنصح بشدة أن يبدأ الطالب بتخصيص وقته وجهده لدراسة المواضيع الأسهل أولاً، حيث يُمكنه البدء بمراجعة المفاهيم والمصطلحات الأساسية التي تُشكّل قاعدة صلبة لفهم أعمق للمادة، أو يُمكنه تنظيم الملاحظات والملخصات التي قام بإعدادها سابقًا، ممّا يُساعده على استيعاب المعلومات بشكل أفضل.
هذه المهام البسيطة والسهلة تُساهم في بناء الدافعية والثقة الذاتية لدى الطالب، وتُعزّز لديه الشعور بالإنجاز، ممّا يدفعه للاستمرار في الدراسة بفاعلية ونشاط أكبر، ويُحضّره بشكل أفضل للتحديات التي قد تُواجهه في المواضيع الأكثر صعوبة لاحقًا. هذه الطريقة تُساعد الطالب على بناء أساس قوي من المعرفة، وتُهيّئه نفسيًا لمواجهة التحديات الأكبر بثقة وإصرار، ممّا يُساهم في نهاية المطاف في تحسين أدائه الدراسي وتحقيق النجاح الأكاديمي المرجو.
استخدام أسلوب المكافأة
يُعدّ استخدام أسلوب المكافأة الذاتية من الاستراتيجيات الفعّالة لتحفيز الطلاب على الدراسة المستمرة بشغف وحماس، حيث يقوم الطالب بمكافأة نفسه بعد إنجاز مهمة دراسية محددة أو تخصيص وقت معيّن للدراسة، وذلك بمنح نفسه فترات قصيرة من الراحة والاسترخاء الذهني والبدني، أو الانغماس في أنشطة ترفيهية قصيرة مثل ممارسة ألعاب الفيديو المفضلة على الهاتف المحمول، أو القيام بنزهة قصيرة لتجديد النشاط، أو الاستمتاع بأي نشاط آخر يُدخل السرور على نفسه، ممّا يُساهم في تعزيز الدافعية للدراسة وتحقيق التقدّم الأكاديمي. تُعتبر هذه الطريقة من أساليب التحفيز الذاتي الهامة في مجال الدراسة.
استخدام التأجيل المنظم
يعاني العديد من الطلاب من مشكلة التسويف والتأجيل في الدراسة، حيث يجدون صعوبة في البدء أو الاستمرار في المهام الدراسية المطلوبة. إلا أن البروفيسور جون بيري من جامعة ستانفورد يقدم منظورًا مختلفًا حول كيفية التعامل مع هذه المشكلة، حيث يرى أنه بالإمكان تحويل هذا الميل للتأجيل إلى أداة فعالة لتحفيز الذات وإنجاز المهام.
تعتمد هذه الاستراتيجية، التي يُطلق عليها “التأجيل المنظم” في الدراسة، على فكرة استغلال ميل الطالب لتأجيل المهام الكبيرة والصعبة عن طريق التركيز أولاً على إنجاز المهام الأصغر والأكثر سهولة. بمعنى آخر، يشجع هذا النهج الطلاب على البدء بالمهام الأقل تعقيدًا والأسرع إنجازًا، مما يخلق لديهم شعورًا بالإنجاز والتقدم، وبالتالي يقلل من الشعور بالإرهاق والضغط الناتج عن التفكير في المهام الكبيرة المؤجلة.
هذا الشعور الإيجابي يدفع الطالب تدريجيًا للتعامل مع المهام الأكثر صعوبة، حيث يصبح التأجيل هنا دافعًا ضمنيًا لإنجاز المهام الأسهل كخطوة أولى نحو التعامل مع التحديات الأكبر في الدراسة. هذه الطريقة تساعد الطلاب على تنظيم وقت الدراسة بشكل أفضل، وتجنب تراكم المهام، وتحويل عادة التأجيل السلبية إلى قوة دافعة ومنظمة في مسيرتهم الدراسية.
تحديد الأهداف الدراسية
يُعدّ وضوح الطالب مع نفسه بشأن أهدافه والأسباب التي تدفعه للدراسة، والتفوق والتميز الأكاديمي من أفضل الطرق التي تُحفزّ الطالب على الدراسة؛ لذلك من الضروري أن تكون أهدافه محددة الوقت، وقابلة للقياس، والتحقيق، ومن أهم الأمثلة على هذه الأهداف:
- تطوير الذات.
- السعي وراء التميز.
- الالتحاق بجامعة محددة، أو برنامج أكاديمي معين.
- الحصول على مهنة مرموقة.
- الحصول على مستوى دخل جيد في المستقبل.
تحقيق التوازن بين الدراسة والحياة الشخصية
يُعدّ تحقيق التوازن بين الدراسة والحياة الشخصية أمرًا بالغ الأهمية لنجاح الطلاب ورفاهيتهم، حيث يتطلب ذلك تنظيمًا دقيقًا للوقت وتحديد الأولويات بين المهام الدراسية والاحتياجات الشخصية. فمن الضروري تخصيص وقت مُحدّد ومنظّم للدراسة يتناسب مع حجم المواد الدراسية وصعوبتها، مع الحرص على توفير بيئة دراسية مُناسبة تُساعد على التركيز والاستيعاب.
وبالمقابل، لا ينبغي إهمال الجوانب الأخرى من الحياة، بل يجب تخصيص وقت خاص للراحة والاسترخاء، والحصول على قسط كافٍ من النوم الذي يُجدّد النشاط الذهني والبدني، بالإضافة إلى تخصيص وقت للقاء الأصدقاء والعائلة لتعزيز العلاقات الاجتماعية وتخفيف الضغوط النفسية.
كما يُنصح بممارسة الهوايات المُفضّلة كالرياضة، أو الموسيقى، أو القراءة، أو غيرها من الأنشطة التي تُساعد على تصفية الذهن وتجديد الطاقة وتحسين المزاج، ممّا ينعكس إيجابًا على الأداء الدراسي وزيادة التركيز والإنتاجية. فالتوازن بين الدراسة والحياة الشخصية ليس ترفًا بل هو ضرورة حتمية للحفاظ على صحة الطالب النفسية والجسدية وتحقيق النجاح الأكاديمي المنشود.
اكتشاف المزيد من عالم المعلومات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.