سورة الشمس سورة مكية، يبلغ عدد آياتها 15 آية، وقد نزلت بعد سورة القدر، وتتميز سورة الشمس بعدة مميزات، تلخيصها ما يأتي:
- سورة قصيرة.
- الفاصلة القرآنية فيها على قافية واحدة.
- تحدثت عن بعض مظاهر الحياة، وظواهر الكون.
- تناولت الإشارة إلى العديد من اللمسات الوجدانية.
- تحدثت عن النفس البشرية، وعن فطرتها، ودور الإنسان في تحديد مصيرها.
- تحدثت عن بعض المشاهد الناتجة عن فجور النفس، وعدم تزكيتها؛ وقصة قوم ثمود نموذجاً.
- تحدثت عن مشاهد الكون الثابتة؛ كإشراق الشمس، وتعاقب الليل والنهار.
- ذات اتصال وثيق بسورة البلد، والتي تسبقها في ترتيب المصحف؛ فأصحاب الميمنة في سورة البلد هم المقصودون في قوله -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا)، وأصحاب المشأمة هم المقصودون في قوله -تعالى-: (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا).
- يأتي تفصيل إجمال هذه السورة ومعانيها في سورة الليل التي تتبعها في ترتيب المصحف؛ فقوله -تعالى-: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى)، هي تفصيل لإجمال قوله -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا)، وقوله -تعالى-: (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى)، تفصيل لقوله -تعالى-: (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا).
أين نزلت سورة الشمس؟
لقد ذكر سليم الهلالي في كتابه الاستيعاب في بيان الأسباب أنَّ عبد الله بن عباس ذكر أنَّ سورة الشمس من السور التي نزلت في مكة المكرمة، وسورة الشَّمس عدد آياتها خمس عشرة آية، ولقد نزلت بعد سورة القدر، وكان نزول سورة القدر بعد سورة عبس، أمَّا سورة عبس فقد نزلت في الوقت ما بين هجرة الصَّحابة -رضوان الله عليهم- إلى الحبشة وحادثة الإسراء والمعراج التي جرت مع النَّبي عليه السَّلام، فبذلك تكون سورة الشَّمس نزلت في هذا الوقت أيضًا.
وذكر النووي في كتابه “جزء فيه ذكر اعتقاد السلف في الحروف والأصوات” أنَّ سورة الشمس ضمن الآيات والسور الخمس والثَّمانون التي نزلت في مكة، وفي التَّرتيب القرآني للسور، تأتي سورة الشَّمس قبل سورة الليل في الفهرس القرآني، إلَّا أنَّ سورة الشَّمس نزلت بعد سورة الليل والرَّاجح أن بينها وبين سورة الليل التي نزلت قبلها حوالي الست عشرة سورة.
سبب نزول سورة الشمس
لم يذكر في كتاب لباب النقول في أسباب النُّزول للسِّيوطي شيئًا عن سبب نزول سورة الشَّمس، وكذلك فإنَّه لم يرد سببًا لنزول سورة الشَّمس في كتب التَّفسير الأخرى ككتاب التفسير الوسيط للطنطاوي، وبالنّظر إلى كتب التفسير الأخرى فإنَّه أيضًا لم يرد في سبب نزولها شيء مثل كتاب تفسير مجاهد لمؤلفه مجاهد بن جبر، وكذلك كتاب عبدالرحمن السَّعدي وهو تفسير السَّعدي، فالله أعلم.
ما سبب تسمية سورة الشمس بهذا الاسم؟
ذكر الطَّاهر ابن عاشور في كتابه التحرير والتنوير عن سورة الشَّمس أنَّها سُميت بهذا الاسم في جميع كتب التَّفسير ومن غير أن يسبقها حرف الواو، وقد أورد ذكرها التِّرمذي في كتابه جامع التِّرمذي باسم الشَّمس وكذلك وردت في كتاب ابن العربي عارضة الأحوذي، وقيل إنَّه سميت بهذا الاسم لأنَّه ورد اسم الشِّمس بها فكان هذا الاسم تميزًا لها عمَّا سواها من السُّور، وقد ورد القسم بالشَّمس لعظمة هذا المخلوق الذي خلقه الله.
أمَّا الإمام البخاري فقد أوردها باسم والشمس وضحاها، وذاك نسبةً للفظ الآية الأولى بها في قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، وهذا الاسم كان من أول الأسماء التي أُطلقت على سورة الشَّمس وذلك كي لا يكون هناك خلطٌ بينها وبين سورة التَّكوير التي تبدأ بقوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، إلَّا أنَّه لم يرد ذكرها في كتاب الإتقان من ضمن السَّور التي تحمل أكثر من اسم.
فوائد سورة الشمس
إنّ لسورة الشمس فوائد ولطائف عديدة، نذكر منها ما يأتي:
- أقسم الله -تبارك وتعالى- فيها 11 قسماً، وهذا أكبر عدد من الأقسام، والتي ترد في سورة واحدة؛ وذلك لعظم المقسوم عليه وهي: النفس التي تتزكى، وخيبة النفس التي تتدسى.
- ذكر قصة ثمود دون غيرهم من الأقوام السابقة، وذلك لبيان أنَّ الله -تبارك وتعالى- بيّن لهم الحق، وأراهم إياه واضحاً كوضوح الشمس، والتي جاءت السورة في الحديث عنه، لكنهم تجبّروا وطغوا، واستحقّوا العذاب بذلك، في قوله -تبارك وتعالى-: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا)، نسب الفعل إلى الجميع لرضاهم بهذا الفعل، وسكوتهم عنه.
- العلاقة بين الشمس وتزكية النفس، هي الإشراق؛ فكما أنَّ للشمس إشراق، فإنَّ للنفس نور وإشراق.
- إرجاع سبب عدد من الظواهر إلى الشمس، وذلك في قوله -تبارك وتعالى-: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا* وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا* وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا* وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا)، فنور القمر وجلاء النهار واشتداد الضحى ومغيب الشمس وحدوث الليل، كله مرتبط بالشمس وضيائها.
- كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا)، وهذا الدعاء مستخلص من الآيات الكريمة، وطلب التزكية من المولى -عز وجل-.
فضل سورة الشمس
لم يرد عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أحاديث مخصوصة صحيحةً في فضل سورة الشمس، ولكنّ لقارئها ما لقارئ باقي السّور في القرآن الكريم من فضل، وقد وردت عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعض الأحاديث غير الصّحيحة في فضل هذه السّورة، ومن ذلك:
- عن سلمانَ الفارسيّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ صَلَّى يَوْمَ الْفطر بعد مَا يُصَلِّي عِيدَهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسبح اسْم رَبك الأعلى، وفى الثَّانِيَة بالشمس وَضُحَاهَا، وفى الثَّالِثَة وَالضُّحَى، وَفِي الرَّابِعَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَكَأَنَّمَا قَرَأَ كُلَّ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ، وَكَأَنَّمَا أَشْبَعَ جَمِيعَ الْيَتَامَى وَدَهَنَهُمْ وَنَظَّفَهُمْ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَيُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُ خَمْسِينَ سَنَةً”، وهَذَا الحَدِيث موضوعٌ على النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وفي رواتِه مجهولون.
- عن أبيّ بن كعبٍ -رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن قرأَها فكأَنَّما تصدّق بكلّ شيء طلعت عليه الشمس والقمر”، وهذا حديثٌ لا يصحّ أن يُنسبَ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
- عن عليّ بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّمَ- قال: “يا علىّ مَن قرأَ {والشَّمْسِ وَضُحَاهَا} فكأَنَّما قرأَ الزَّبور، وله بكلّ آية قرأَها ثواب مَن صلَّى بين الرّكن والمقام أَلفَ ركعة”، وهذا حديث مردود لا يصح.
هل ورد فضل مخصوص لسورة الشمس في قضاء الحاجة؟
لم يرد عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حديثٌ صحيحٌ يجعلُ لسورة الشّمسِ أفضليّةً على باقي السّور في مسألة قضاء الحاجة وغيرها، بل هي سورة من سور القرآن الكريمِ ولقارئها من الأجر والمثوبة عند الله -جلّ وعلا- ما لقارئ القرآن الكريم من الأجر والمثوبة، وكلّ ما ورَدَ فيها من أحاديث ضعيف والله -سبحانه- أعلم.