سورة الملك وفضائلها والدروس المستفادة منها

سورة الملك، وهي سورة مكيّة ذات أهمية بالغة في القرآن الكريم، تتألف من ثلاثين آية كريمة، وتحتلّ الترتيب السابع والستين في المصحف الشريف، لتكون بذلك فاتحة الجزء التاسع والعشرين الذي يُعرف أيضًا باسم “جزء تبارك” نسبةً إليها. وقد نزلت سورة الملك بعد سورة الطور، وتضمّ بين دفّتيها ما يقارب ثلاثمائة وسبعة وثلاثين كلمة، مُشكّلة من ألف وثلاثمائة وستة عشر حرفًا.

وتُعرف هذه السورة المباركة بعدة أسماء تدلّ على فضلها ومكانتها، منها “تبارك” وهو الاسم الذي يُطلق على الجزء الذي تقع فيه، و”المنجّية” لما ورد في فضلها من أنها تنجي قارئها من عذاب القبر، و”المانعة” لأنها تمنع عن صاحبها عذاب القبر وتحميه منه بالمداومة على قراءتها، و”الدافعة” لدفعها الضرّ عن الإنسان في الدنيا والآخرة، و”الشافعة” لشفاعتها لقارئها يوم القيامة، و”المجادلة” لمجادلتها عن قارئها الملكين منكر ونكير في القبر، و”المخلّصة” لتخليصها من يتلوها من عذاب القبر، وكل هذه الأسماء تُشير إلى عظيم فضلها وبركتها.

الوقت المستحبّ لقراءة سورة الملك

يُستحبّ للمسلم قراءة سورة الملك المباركة في كلّ ليلة، وذلك لما ورد في فضلها من أحاديث نبوية شريفة، منها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ سورتي السجدة والملك، وهما من السور التي يُستحبّ للمسلم المواظبة على قراءتها لما فيها من فضل عظيم وأجر كبير.

ويُفضّل قراءة سورة الملك تحديدًا قبل النوم اقتداءً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان يجوز للمسلم قراءتها في أيّ وقت من اليوم سواء في الصباح أو في غير الليل ويُرجى له الثواب والأجر على قراءتها في كلّ الأحوال، إلّا أنّ قراءتها قبل النوم تحمل فضلًا إضافيًا لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون بذلك من السنن النبوية التي يُثاب فاعلها.

سبب نزول سورة الملك

لم يرد سبب لنزول كامل سورة الملك، بل جاء ذلك في بعض آياتها، وفيما يأتي بيان ذلك:

  • سبب نزول الآية الثالثة عشر: قال الله -تعالى-: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، قال ابن عباس -رضي الله عنه-: كان المشركون يؤذون النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في كلامهم، ويقولون: “أسروا قولكم لكي لا يسمعُكم إله مُحمد”، فنزلت الآية.
  • سبب نزول الآية الرابعة عشر: قال الله -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، وسبب نزول الآية هو الموقف السابق للمشركين، وفيه تنبيه لهم بخشية الله والخوف منه، فهو الذي يعلم السرّ وأخفى، ويعلم ما في صدورهم، وما يكيدون به للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- من القول.

تعلمنا هذه السورة الكثير من الحكم والمواعظ، والدروس إلى نقرأها في كل آية من آيات السورة الكريمة، ومنها:

  • على الإنسان أن يحاسب نفسه عما يدور في داخله من حديث نفس وعما يلهج به لسانه من كلام وذكر وقول، فالله عز وجل لا تخفى عليه خافية وهو يعلم ما في السر والجهر أن تحدث به الإنسان أو أبقاه في نفسه وأسره في خبيئته.
  • وجوب الشكر والحمد لله مالك كل شيء وخالقه من بيده ملكوت السموات والأرض المعطي لنا من فيض نعمه والمصانع عنا شر الدنيا والبلاء والمدافع عنا أذى العباد بفضله وقدرته إني المالك وعلى كل شيء قدير.
  • التأمل والتدبر فيما خلق سبحانه في السموات والأرض من خلق الإنسان والكائنات الحية والجبال والطبيعة فهذا يؤدي إلى حسن عبادته والتأمل في قدرته والشكر لنعمه، والخوف من عذابه وخشيته.

ورد في سورة الملك وفضائلها الكثير من المعاني السامية، والتي تجعل المسلم يحرص على قراءتها وحفظها حتى ينال شفاعته، ومن الفضل في هذه السورة:

  • أن سورة الملك تحمي من يقرئها من عذاب القبر وتمنعه عنه فقد جاء عن ابن مسعود رضي الله عنها قال: “مكتوب في التوراة سورة الملك من قرأها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب وهي المانعة، تمنع من عذاب القبر إذا أتى من قِبَل رأسه، قال له رأسه قِبلَك عني فقد كان يقرأ بي وفي سورة الملك، وإذا أتى من قِبل بطنه قال له بطنه قبلك عني فقد كان وعيّ في سورة الملك، وإذ أتى من قِبَل رجليه قالت رجلاه قِبلَك عني فقد كان يقوم بي بسورة الملك”.
  • تأتي سورة الملك يوم القيامة شافعة نافعة لصاحبه وقد تدخله الجنة كثر ما قرأها وداوم على قراءتها فقد جاء في سنن الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثين آية قد شفعت لرجل فأخرجته من النار وأدخلته الجنة”.
  • ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من المداومين والمحافظين على قراءة سورة الملك فقد جاء عن جابر بن عبد الله أنه قال “أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ “ألم تنزيل” و”تبارك الذي بيده الملك”.
  • ومن الأوقات المستحب فيها تلاوة السورة هي آناء الليل أي قبل النوم لما تقدم من فعل النبي الذي ذكره جابر بن عبدالله في الحديث الشريف، ولما في رسول الله أسوة حسنة، حتى تكاد تكون قراءتها في الليل سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فقد أجاز العلماء قراءتها على مدار اليوم فتلاوة القرآن في كل الأوقات، وإنما استحباب واستحسان تلاوته ليلاً سنة عن النبي ولما ورد في فضل قراءتها قبل النوم.

اكتشاف المزيد من عالم المعلومات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيك بهذه المقالة؟ كن أول من يعلق

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على موقعنا. تساعدنا هذه الملفات على تذكر إعداداتك وتقديم محتوى مخصص لك. يمكنك التحكم في ملفات تعريف الارتباط من خلال إعدادات المتصفح. لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية لدينا.
قبول
سياسة الخصوصية