سورة الرحمن، تلك العروس التي يصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها عروس القرآن، تفتن القلوب بجمال آياتها وإيقاعها الساحر. تتردد فيها آية “فبأي آلاء ربكما تكذبان” كأنها اللحن الخالد الذي يذكرنا بنعم الله العظيمة. في هذا المقال، سنستكشف معًا معاني هذه السورة العجيبة، ونتدبر في آياتها التي تتحدث عن خلق السماوات والأرض، ونعم الله على عباده.
القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل، تم جمعه في كتاب جليل عظيم، حيث نزل به على سيد الخلق، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأخبره بأن هذا الكتاب هو هديا عظيمة للناس، حيث أنزل في كتابه على سيدنا محمد أن يقوم بدعاية الناس على أن يؤمنوا بالله الواحد الأحد القاهر.
يحتوي كتاب الله 114 سورة كل واحدة لها الكثير من الفضائل، كما أن الله عز وجل خصص لكل سورة الكثير من الفضائل التي لا يمكن جمعها في صفحة أو صفحتين، فكتاب الله مفسر في صفحات كثير، ومشروح وموضح بالتفاصيل التي من المفترض على كل شخص قرأتها لكي يتعرف على هذه الفضائل.
سورة الرحمن
في القرآن الكريم مئة وأربع عشرة سورة كريمة بأسماءٍ مختلفة، وتتوزع هذه السور على ثلاثين جزءًا، منها سور طويلة ومنها سور قصيرة، ومن بين السور العظيمة التي وردت في شانها أحاديث كثيرة، سورة الرحمن، وهي سورة مدنية تتميز آياتها بنسقٍ خاص، وفيها ذكرٌ للكثير من نعم الله تعالى، وإشهاددٌ عام على وجود الإنس والجن؛ لأنّ الله تعالى يُخاطب في هذه السورة كل من: الإنس والجن، ويتحدّاهما في أن يكذبا نعم الله وآلائه التي لا تُعد ولا تُحصى
سُميت سورة الرحمن بهذا الاسم لافتتاحها باسم “الرحمن”، وهي السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي تبدأ باسمٍ من أسماء الله الحسنى، بحيث يكون هذا الاسم في أول كلمة منن السورة، واسم سورة الرحمن هو الاسم الصحيح لهذه السورة، وذلك كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة وفي كتب التفسير، ومن ذلك ما رواه الترمذي عن جابر قال: “خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه فقرأ سورة الرحمن”، ويُطلق عليها أيضًا اسم “عروس القرآن”، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن”
سبب نزول سورة الرحمن
ورد في سبب نزول سورة الرحمن أنها نزلت لتثبت صفة الرحمن لله -سبحانه وتعالى- التي تساءَل عنها المشركون، وادّعوا أن الله -سبحانه وتعالى- ليس له هذا الوصف أو الاسم، وقد ذكر الله -سبحانه وتعالى- ادّعاءهم هذا في سورة الفرقان في قوله -تعالى-: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَـنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَـنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً).
وقد ورد أن قوله -سبحانه وتعالى-: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)، قد نزلت في حق أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-.
مقاصد سورة الرحمن
إنّ لسورة الرحمن جملة من المقاصد تهدف إلى إيصالها، يمكننا أن نبيّن بعضها في النقاط التالية:
- الله -سبحانه وتعالى- يمنّ على الناس بأهم شيءٍ من نعمه عليهم وهو الدين الإسلامي، واختار أعلى ما في الدين وهو القرآن الكريم.
- ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي اختصه الله -سبحانه وتعالى- بتعليمه القرآن الكريم، لينقل تعليمه إلى الناس.
- الله -سبحانه وتعالى- خلق الإنسان وميّزه على سائر خلقه بالعلم والبيان، وقد قدّم على ذكر خَلقِ الإنسان ذكر تعليمه القرآن؛ لبيان أهمية الدين على مجرد الخلق.
- التذكير بدلائل قدرته -سبحانه وتعالى-، وأنه أتقن كلّ شيءٍ من خلقه، وأن كلّ ذلك نعيمٌ منه -سبحانه وتعالى- على الإنسان؛ ليسخره فيما يشاء.
- إن الله -سبحانه وتعالى- خلق الجن كما خلق الناس، وأنهم مُكلّفون بالدين مثلهم ولهم جزاءٌ على أعمالهم.
- إن الله سبحانه وتعالى- حكم على جميع الخلائق بالفناء بالموت، ولكنه ليس فناءً نهائياً، بل سيأتي بعد ذلك يومٌ يُحشر فيه الخلق، ويُجازون فيه على الأعمال.
- التذكير بأهمية العدل، ووجوب إعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم.
- التأكيد بقوله -سبحانه وتعالى-: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)، بعد كلّ آيةٍ أو آيتين في سورة الرحمن؛ وذلك لتذكير الله -سبحانه وتعالى- للناس بنعمه عليهم، وهو أسلوب بديع تستخدمه العرب، وقد تكرّرت الآية الكريمة واحداً وثلاثين مرة في سورة الرحمن.
فضائل سورة الرحمن
- تأتي سورة الرحمن يوم القيامة كشفيع إلى قارئيها، حيث تصورهم في أحسن صورهم، وتفوح منهم أحسن الروائح.
- سورة الرحمن من فضائل السور في القرآن الكريم، حيث قيل إنه من قرأ سورة الرحمن كان له خير كثير وفي الخصوص الآية “فبأي آلاء ربكما تكذبان” فهذه السورة من قام بتلاوتها في الليل ثم نام وتوفى ورجع إلى المولى عز وجل كان متوفي وهو شهيد، وأما إذا قام بتلاوتها في النهار ثم رجع إلى الله عز وجل أيضًا توفي وهو شهيد، ويكون في عتق من النار.
- فمن يقوم بتلاوة سورة الرحمن في نهار يوم الجمعة ثم قام بتكرر الآية الكريمة “فبأي آلاء ربكما تكذبان” كانت له الدنيا وما عليها، وكانت له جنة الفردوس الأعلى، فإنها تكون شافعية إلى أصحابها يوم القيامة، حيث تخف الحساب على المسلمين جميعًا.
- تخفف الكثير في الحياة، عند تلاوتها يوميًا تنجينا من الكثير من المصائب التي تواجهنا وتقف عائق في حياتنا، فقد من خلال قراءة هذه الفضائل.
- سورة الرحمن هي من السور التي تشفع لصاحبها يوم القيامة، كما هو ورد في القرآن الكريم، حيث جعل في كتاب الله الشفاء والرحمة للعالمين، فمن صدق وأمن بالله وكتبة كانت له الجنة نزلا.