منذ القدم، ارتبط ماء الورد بالجمال والنضارة، فقد استخدمته النساء في الحضارات القديمة كجزء من روتينهن اليومي للعناية ببشرتهن وشعرهن. واليوم، ومع تزايد الوعي بأهمية المكونات الطبيعية في صناعة مستحضرات التجميل، عاد ماء الورد ليحتل مكانة بارزة في عالم الجمال.
فبفضل خصائصه المرطبة والمضادة للالتهابات، أصبح ماء الورد عنصرًا أساسيًا في العديد من المنتجات التجميلية، مثل: toners، وماسكات الوجه، والكريمات المرطبة. كما يستخدمه الكثيرون كمرطب طبيعي للبشرة والشعر، حيث يساعد على تهدئة البشرة الحساسة وتقليل الاحمرار، ويعطي الشعر لمعانًا ولمسة ناعمة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن رائحة ماء الورد العطرية تعمل على تحسين المزاج وتقليل التوتر. لذلك، ليس من المستغرب أن يعتبر ماء الورد “إكسير الجمال” الذي لا تستغني عنه الكثير من النساء في روتين العناية ببشرتهن.
ما ماء الورد؟
ماء الورد، هذا الإكسير السائل المستخلص من قلب الوردة، هو أكثر من مجرد ماء معطر. يتم إنتاجه من خلال عملية تقطير بتلات الورد، لا سيما صنف الورد الدمشقي الذي يشتهر بعطره الفريد، والذي يتحول مع البخار إلى ماء ورد غني بالزيوت العطرية. هذا المزيج السحري من الماء والزيت العطري، الذي يتراوح تركيزه بين 10 إلى 50%، يمنح ماء الورد خصائصه الفريدة التي جعلت منه عنصرًا أساسيًا في العديد من الثقافات عبر التاريخ.
تاريخيًا، ارتبط ماء الورد بالجمال والطب والطقوس الدينية. فقد استخدمه القدماء المصريون والرومان في العناية بالبشرة والشعر، كما دخل في تركيب العطور والمراهم. وفي العصور الوسطى، كان ماء الورد يُعتبر دواءً لعدد من الأمراض، بالإضافة إلى استخدامه في الطهي والتجميل. واليوم، لا يزال ماء الورد يحظى بشعبية واسعة حول العالم، حيث يدخل في صناعة مجموعة واسعة من المنتجات، بدءًا من مستحضرات التجميل والعطور ووصولًا إلى الأطعمة والمشروبات.
وليس من المستغرب أن يشهد سوق ماء الورد نموًا متسارعًا. فمع تزايد الوعي بفوائد ماء الورد الطبيعية، وارتفاع الطلب على المنتجات العضوية والطبيعية، من المتوقع أن يتجاوز حجم سوق ماء الورد العالمي 922 مليون دولار بحلول عام 2032.
فوائد ماء الورد للبشرة
يقدم ماء الورد علاجا طبيعيا للعديد من مشاكل البشرة، وقد تظهر نتائجه بشكل سريع أو قد تحتاجين إلى فترة من الاستخدام المنتظم، وتشمل فوائده:
- تأخير علامات الشيخوخة: توضح طبيبة الأمراض الجلدية، الدكتورة هادلي كينج، لموقع “هاف بوست”، أن بتلات الورد تحتوي على عدد من مضادات الأكسدة القوية مثل الأنثوسيانين والبوليفينول والفلافونويد، التي تحمي خلايا الجلد من التلف الناتج عن الجذور الحرة وتؤخر ظهور الخطوط والتجاعيد.
- توحيد لون البشرة: يقول خبير التجميل، إيان كروم لمجلة “فوغ”، يمكن أن يساعد ماء الورد في تفتيح البشرة الباهتة بسبب خصائصه المرطبة وقدرته على شد الجلد المترهل وتضييق مسام الوجه، كذلك أفادت دراسة نشرتها مجلة الأغذية الطبية عام 2020 أن ماء الورد يعزز تفتيح البشرة ويكافح التجاعيد.
- علاج حب الشباب: يتابع كروم قائلا إن ماء الورد يتحكم في إنتاج الزيوت الزائدة التي تتسبب في انسداد المسام وتراكم الأوساخ، وبالتالي يمنع ظهور البثور المزعجة. ووفق بحث نشرته المكتبة الأميركية للطب عام 2011، فإن ماء الورد غني بفيتامين “سي” والفينولات، مما يجعله خيارا طبيعيا مضادا للالتهابات لعلاج حب الشباب والطفح الجلدي، كذلك أبرزت الأبحاث فعالية زيت الورد ضد البكتيريا الجلدية الشائعة، ومنها ما أشارت إليه دراسة نشرتها مجلة “موليكيولز” العلمية عام 2010، وخلصت إلى أنه يعمل كمضاد للجراثيم، ويقتل البكتيريا المسببة لحب الشباب (بكتيريا بروبيونيباكتريوم).
- التئام الجروح وعلاج البقع: يحتوي ماء الورد على خصائص مطهرة ومقاومة للبكتيريا يمكن أن تُعجل شفاء الجروح وعلاج البقع الداكنة والندوب الناتجة عن حب الشباب ومشاكل الجلد الأخرى، وفي عام 2021 أشارت مراجعة منهجية حول الفوائد الصحية المحتملة للورد إلى أن مستخلصات الورد تتمتع بخصائص مضادة للفيروسات والميكروبات ومضادة للالتهابات، مما يسمح باستخدامها لعلاج اضطرابات الجلد المختلفة.
- تخفيف احمرار البشرة الحساسة: يخفف ماء الورد احمرار البشرة المتهيجة بشكل فعال لما له من تأثير قابض على الشعيرات الدموية القريبة من سطح الجلد. ووفقا لدراسة نشرتها دورية “إنفلاميشن” عام 2011، فإن خصائص ماء الورد المضادة للالتهابات قد تساعد في تخفيف أعراض الأمراض الجلدية مثل الأكزيما والصدفية والاحمرار الناتج عن الوردية عن طريق تثبيط الإنزيمات الضارة المعروفة باسم الإيلاستاز والكولاجيناز.
- ترطيب البشرة: يتمتع ماء الورد بفوائد مرطبة ومهدئة للبشرة، إذ يتغلغل بعمق في الطبقة الخارجية من الجلد، ويساعد على دعم حاجز صحي للبشرة عن طريق تقليل فقد الماء.
- تقليل الانتفاخ حول العينين: يساعد ماء الورد في تهدئة العيون المنتفخة والمتعبة، ولتطبيق ذلك، يمكنكِ غمس قطعتين من القطن في ماء الورد البارد، ووضعهما على عينيك المغلقتين لمدة 10 دقائق.
استخدام ماء الورد في روتين العناية بالبشرة
لا يلغي ماء الورد عادات العناية بالبشرة وعلاجها، وإنما ينبغي استخدامه كوسيلة لتعزيز أو استكمال روتينك اليومي بعدة طرق، ومنها:
- شراء منتجات العناية بالبشرة التي تحتوي على ماء الورد: تعد من أبسط الطرق لاستخدام ماء الورد وتحقيق استفادة مزدوجة.
- منظف أو تونر طبيعي للوجه: استخدمي ماء الورد كتونر طبيعي بعد تنظيف وجهك، يمكنكِ تبليل قطعة من القطن بماء الورد البارد ثم امسحي وجهك بلطف لإزالة الزيوت والشوائب، ويمكنك تكرار هذه العملية مرتين يوميا.
- بخاخ ماء الورد: املئي زجاجة بخاخ صغيرة بماء الورد لاستخدامه كرذاذ منعش طول اليوم ولتعزيز ترطيب بشرتك واستعادة توازن درجة حموضتها، كذلك يمكن استخدامه كرذاذ تثبيت للحفاظ على مظهر مكياجك، مع مراعاة إغماض عينيك قبل رشه وتركه حتى يجف تماما.
- قناع للوجه: يمكنك تعزيز أقنعة الوجه التي تصنعينها بنفسك عن طريق خلط ماء الورد مع مكونات أخرى مثل العسل أو الزبادي أو الصبار أو بندق الساحرة.
- مزيل للمكياج: إذا كنتِ لا تفضلين استخدام المنتجات الكيميائية في إزالة مكياج الوجه، ضعي القليل من ماء الورد وزيت جوز الهند على قطعة من القطن لتنظيف بشرتك بلطف وفاعلية.
متى ينبغي تجنب استخدام ماء الورد؟
يتفق الخبراء على أن ماء الورد آمن بشكل عام لجميع أنواع البشرة، ولكن قد تكون هناك بعض الآثار الجانبية السلبية، إذ قد يعاني البعض من ردود فعل تحسسية، مثل الاحمرار أو التهيج أو ظهور طفح جلدي.
لذا، إذا قررتِ إضافة ماء الورد إلى روتينك اليومي، قومي بإجراء اختبار حساسية على جزء صغير من بشرتك، وإذا لم يظهر أي رد فعل تحسسي خلال 24 ساعة، يمكنك تطبيقه بأمان في روتين العناية ببشرتك.