القائمة إغلاق

قراءات القرآن الكريم وأكثرها صحة

القرآن الكريم هو كتاب الله -سبحانه وتعالى- الذي أنزله على عبده ونبيه محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- بلسان عربي فصيح معجزة باقية تحدَّى بها أهل الفصاحة والبيان، وحاشى لله أن يضاهي كلامَه كلامٌ في الفصاحة والبلاغة والبيان، وقد نزل القرآن الكريم على قلب رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- في ليلة القدر، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}، وجعل في القرآن الكريم كلَّ ما يحتاج المرء من قوانين وأحكام وتشريعات وحدود تنظم شؤون حياة الشعوب، وجعل لقارئه أجرًا وثوابًا عظيمًا وقد وردَ القرآن الكريم عن رسول الله بقراءات متعددة تختلف في اللفظ وتتفق بالمعنى، وفيما يأتي حديث عن قراءات القرآن الكريم كاملة.

أركان قراءة القرآن

نظرًا لأن القرآن الكريم تم نقله بالتواتر، أي أنّ قُراء القرآن الكريم تناقلوه عن شيوخهم، وشيوخهم عن شيوخهم، إلى أن يرجع النسب إلى الرسول الكريم وصحابته، لذا وضع أهل العلم أركانًا لقراءات القرآن الكريم، ويُشترط توافرها جميعًا حتى تُعتبر القراءة صحيحة، وهي ثلاثة أركان:

  • الركن الأول: أن توافق القراءة وجهًا من وجوه اللغة العربية، حتى إن كان هذا الوجه ضعيفًا فهي تُعتبر قراءةً صحيحة.
  • الركن الثاني: أن توافق القراءة رسم الخط العثماني وهو الخط الذي رُسم به المصحف العثماني.
  • الركن الثالث: وهو صحّة السند، أي أن يرجع تواتر القراءة في سنده من شيخٍ إلى شيخ إلى أن يصل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبهذا تكون القراءة صحيحة.

تاريخ قراءات القرآن الكريم

نزل كتاب الله تعالى على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بسبع حروف، وهذه الحروف لا تختلف في الكتابة فقط، بل تختلف في النطق والتشكيل وعلامات الوقف وغير ذلك.

وقد اختلفت هذه القراءات لاختلاف لهجات العرب، فكانت قراءات القرآن الكريم تتوافق مع كلِّ لهجات العرب في الجزيرة العربية آنذاك، وعندما جمع الصحابي الجليل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- القرآن الكريم، جمعه على شكل واحد بينما اختلف القراءات فكانت بداية سبع قراءات ثمَّ أصبحت عشرة، وكلُّها جاءت عن رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- ونقلها الصحابة -رضوان الله عليهم-.

وقد ذكر القرآن الكريم في آياته أنَّه نزل بلسان عربي مبين، وهذا لأنَّ العرب لا تختلف باللغة وإنَّما تختلف بالقليل من الكلمات، وجدير بالذكر إنّه لا خلاف ولا حرج في أن يقرأ الإنسان القرآن الكريم بأي قراءة شاء من قراءات القرآن الكريم.

فقد روى عمرو بن العاص -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “إنَّ هذا القُرآنَ أُنزِلَ على سَبعةِ أحرُفٍ، فأيَّ ذلك قَرَأْتم فقد أصَبْتم..”، لذلك نقل الناس القراءات كلها واختص بعض الصحابة والتابعين بتعليمها، فنُسب أسماء القراءات إلى معلميها الأوائل ليس لاختراعهم إياها بل لنقلهم هذه القراءات حرفيًا، والله أعلم.

مراتب قراءة القرآن

هناك أربع مراتب تندرج تحتها قراءات القرآن الكريم، يستطيع القارئ اختيار المرتبة التي تناسبه والقراءة بها، ولكن بشرط أن تتحقق الأركان السابق ذكرها، وهذه المراتب هي:

  • التحقيق: وهو أن تتم قراءة القرآن الكريم بتأني واطمئنان دون زيادةٍ أو نقصان مع مراعاة إعطاء كلّ حرفٍ حقه من ترقيق وتفخيم، ومراعاة أحكام التجويد، وتتم القراءة بالتحقيق عند تعلّم القرآن وتعليمه.
  • الحَدْر: وهو الإسراع في القراءة ولكن دون إهمال الأحكام ومراعاتها مراعاةٍ دقيقة، وعلى القارئ أن يحذر من إسقاط حروف المد أو تضييع حروف الغنّة أو إسقاط الحركات.
  • التدوير: وهي مرحلةٌ وسط بين التحقيق أي القراءة باطمئنان، وبين الحَدْر أي القراءة السريعة.
  • الترتيل: وهو أن تكون القراءة قراءة فهمٍ وتدبر، مع إعطاء كلّ حرفٍ حقه من الأحكام والمخارج، وهذه القراءة تُعتبر أفضل قراءة بين مراتب قراءات القرآن الكريم.

قراءات القرآن الكريم

في الحديث عن قراءات القرآن الكريم جدير بالذكر بداية إنَّه ثبت في صحيح السنة النبوية المباركة عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: “أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ علَى حَرْفٍ فَراجَعْتُهُ، فَلَمْ أزَلْ أسْتَزِيدُهُ ويَزِيدُنِي حتَّى انْتَهَى إلى سَبْعَةِ أحْرُفٍ”، وبناء على هذا الحديث يعتقد بعض الناس أنَّ عدد قراءات القرآن الكريم سبع قراءات وأنَّ كلَّ حرف من الحروف السبعة هو بمثابة قراءة، وهذا خطأ، ولكن الراجح أنَّ أهل العلم جمعوا سبع قراءات كاملة للقرآن الكريم ثمَّ أضافوا عليها ثلاث قراءاتٍ أخرى، وقراءات القرآن الكريم العشر كما وردت مع أسماء رواتها بالترتيب هي:

  • رواية نافع: واسمه أبو رؤيم، كان قارئًا في المدينة وهو من تابعي التابعين وقد توفي في المدينة سنة 196هـ.
  • رواية ابن كثير: وهو عبد الله بن كثير وكان قارئًا في مكة المكرمة وهو من التابعين، توفي في مكة سنة 120هـ.
  • رواية أبي عمرو: وهو أبو عمرو بن العلاء البصري المتوفَّى في الكوفة في العراق سنة 154هـ.
  • رواية ابن عامر: وهو عبد الله بن عامر، من التابعين، عاش في دمشق ومات فيها سنة 118هـ.
  • رواية عاصم بن أبي النجود: وهو من التابعين من قرَّاء الكوفة، توفي فيها سنة 128هـ.
  • رواية حمزة: وهو حمزة بن حبيب الزيات، قارئ من قارئي الكوفة، توفي سنة 156هـ.
  • رواية الكسائي: وهو علي بن حمزة النحوي، واحد من قراء الكوفة أيضًا، توفي سنة 189هـ.
  • رواية أبو جعفر يزيد بن القعقاع: وهو من التابعين، توفي في المدينة سنة 128هـ.
  • رواية يعقوب: وهو يعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، توفي في البصرة سنة 205هـ.
  • رواية خلف: وهو خلف بن هشام البزار البغدادي، توفي في بغداد سنة 229هـ.

الفرق بين قراءات القرآن والأحرف السبعة

تختلف قراءات القرآن عن الأحرف السبعة، فالأحرف السبعة هي لغات القبائل ولهجات العرب، وقد نزل القرآن الكريم على النبيّ الكريم في بادئ الأمر على هذه الأحرف السبعة، وقد ورد ذكر ذلك في نص الحديث الشريف: “عن أُبيّ بن كعب قال: رُحتُ إلى المسجدِ فسمعتُ رجلًا يقرأُ ، فقلتُ: من أقرأَك ؟ فقال: رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فانطلقتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقلتُ: استقرِئْ هذا ! قال: فقرأ، فقال: أحسنتَ، قال: فقلتُ: إنك أقرأتني كذا وكذا! فقال: وأنت قد أحسنتَ! قال: فقلتُ: قد أحسنتَ، قد أحسنتَ! قال: فضرب بيدِه على صدري، ثم قال: اللهم أذهب عن أُبَيٍّ الشكَّ! قال: ففضتُ عرقًا، وامتلأ جوفي فرَقًا، ثم قال: إنَّ الملَكين أتياني، فقال أحدُهما: اقرأ القرآنَ على حرفٍ، وقال الآخرُ: زِدهُ، قال: فقلتُ: زِدْني، قال: اقرأْه على حرفَينِ، حتى بلغ سبعةَ أحرفٍ، فقال: اقرأْ على سبعةِ أحرفٍ”.

إلّا أنّه في عهد عثمان بن عفان حدث خلافٌ بين المسلمين الجدد ولخوف الصحابة من حدوث تحريفٍ بالقرآن الكريم، طبع كلّ القرآن على لهجةٍ واحدة وهي لهجة قريش، وتم اتلاف كل المصاحف باللهجات الأخرى، وتم توحيد المصحف وسمي المصحف العثماني، أمّا قراءات القرآن العشر فهي اختلافٌ بلهجات العرب لكنّ القراءة تكون من المصحف العثمانيّ المرسوم بالخط العثماني.

أصح القراءات من حيث قوة التواتر

تختلف قراءات القرآن الكريم من حيث القوة في التواتر، فأقوى القراءات العشر تواترًا هي قراءة نافع، ثمَّ تأتي بعدها قراءة ابن عامر وقراءة ابن كثير، وجدير بالقول إنّ بعض القراءات اختلف فيها الناس، فذمَّ بعض الناس قراءة حمزة وما خرج منها من فروع، ويعتقد بعض الناس أيضًا أنَّ انتشار قراءة حفص بن عاصم في الوقت الحالي هو دليل على أنَّها أصح قراءات القرآن الكريم ولكنَّ الصحيح أنّ قراءة حفص بن عاصم لم تكن منتشرة كحالها الآن، وإنَّما في القديم كانت قراءة أبي عمرو وقراءة نافع الأكثر انتشارًا في العالم الإسلامي، ثمَّ بعد وصول الحكم العثماني اعتمدت قراءة حفص بن عاصم، والله أعلم.

فضل قراءة القرآن الكريم

تعتبر قراءة القرآن الكريم من العبادات العظيمة ذات الأجر العظيم، فقد جاء في نص ّ الحديث الشريف عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: “من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ { ألم } حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ”، فكلّ حرفٍ يقرأه العبد له عند الله -سبحانه وتعالى- عشرة أضعاف الأجر، ولهذا سمح الله ورسوله بتعداد قراءات القرآن الكريم ليعمّ الأجر ويستطيع كلُّ مسلمٍ فهم آياته، وقراءة القرآن تشفع لصاحبها يوم القيامة، قال -صلى الله عليه وسلم- “اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ”، كما أنّ الله -عزّ وجلّ- يحب العبد القارئ للقرآن فيأتي يوم القيامة للقارئ ويقول له أن إقرأ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، وهذا ما ذكره الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام بقوله: “يقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرَأ وارقَ ورتِّل كما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها”، ثمّ أنّ قراءة القرآن بتأملٌ وتدبر تهدي الإنسان إلى العمل الصالح وتلين قلبه وتهذّب نفسه وتزيد إيمانه.

Related Posts

اترك رد