الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الدين الذي لا يقوم إلا به. قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُهُ الصَّلاةُ، وذروةُ سَنامِهِ الجِهادُ” (رواه الترمذي). ولأنها أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، كان لزاماً على كل مسلم أن يتعلم كيف يؤديها بالطريقة الصحيحة التي وردت عن النبي ﷺ.
هذا المقال هو دليلك المبسّط والموثوق لأداء الصلاة خطوة بخطوة، مع ذكر الأدلة من القرآن والسنة لتطمئن نفسك وتعبد ربك على بصيرة.
أولاً: شروط صحة الصلاة
قبل أن تبدأ بالصلاة، هناك شروط أساسية لا تصح الصلاة بدونها:
1. الطهارة
وتشمل طهارة البدن من الحدثين الأصغر (بالوضوء) والأكبر (بالغسل)، وطهارة الثوب والمكان من النجاسة.
أ. الوضوء: هو شرط أساسي للصلاة. قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ” (المائدة: 6).
خطوات الوضوء الصحيح:
- النية: استحضار نية الوضوء في القلب.
- التسمية: قول “بسم الله”.
- غسل الكفين: ثلاث مرات.
- المضمضة والاستنشاق: غسل الفم والأنف ثلاث مرات.
- غسل الوجه: ثلاث مرات (من منبت الشعر إلى أسفل الذقن، ومن الأذن إلى الأذن).
- غسل اليدين إلى المرفقين: ثلاث مرات، وتبدأ باليمنى ثم اليسرى.
- مسح الرأس: مرة واحدة، مع مسح الأذنين.
- غسل القدمين إلى الكعبين: ثلاث مرات، وتبدأ باليمنى ثم اليسرى.
- الدعاء بعد الوضوء: “أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين”.
2. النية
النية محلها القلب، وهي قصد الصلاة التي تريد أداءها (مثل صلاة الظهر أو العصر). وهي ركن أساسي لا تصح الصلاة إلا به، لقول النبي ﷺ: “إنما الأعمالُ بالنيَّاتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى” (متفق عليه).
3. استقبال القبلة
يجب على المصلي أن يتوجه بكامل جسده نحو الكعبة المشرفة في مكة المكرمة. قال تعالى: “فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ” (البقرة: 144).
4. دخول وقت الصلاة
لا تصح الصلاة قبل دخول وقتها المحدد شرعاً. قال تعالى: “إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا” (النساء: 103).
5. ستر العورة
- للرجل: ستر ما بين السرة والركبة.
- للمرأة: ستر جميع جسدها ما عدا الوجه والكفين في الصلاة.
ثانياً: صفة الصلاة خطوة بخطوة
فيما يلي شرح لصفة صلاة من ركعتين (مثل الفجر أو سُنة الظهر)، ويمكن القياس عليها في الصلوات الأخرى.
الخطوة 1: تكبيرة الإحرام
بعد استيفاء الشروط، استقبل القبلة وارفع يديك حذو منكبيك أو أذنيك قائلاً: “الله أكبر”
هذه التكبيرة هي ركن لا تنعقد الصلاة إلا به، وتسمى “تكبيرة الإحرام” لأنها تحرّم عليك الأكل والشرب والكلام وأي فعل خارج عن أفعال الصلاة. لقول النبي ﷺ: “مِفتاحُ الصَّلاةِ الطُّهورُ، وتحريمُها التَّكبيرُ، وتحليلُها التَّسليمُ” (رواه أبو داود).
الخطوة 2: دعاء الاستفتاح
بعد التكبيرة وقبل قراءة الفاتحة، يُسنّ أن تقول دعاء الاستفتاح سراً، ومن صيغه: “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك.”
الخطوة 3: قراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن
- الاستعاذة والبسملة: قل سراً “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم”.
- قراءة سورة الفاتحة: قراءتها ركن في كل ركعة، لا تصح الصلاة بدونها. لقول النبي ﷺ: “لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحةِ الكتابِ” (متفق عليه).
- قراءة سورة قصيرة: بعد الفاتحة، يُسنّ أن تقرأ ما تيسر من القرآن (مثل سورة الإخلاص أو الكوثر) في الركعتين الأوليين من كل صلاة.
الخطوة 4: الركوع
بعد القراءة، كبّر واركع، واجعل ظهرك مستوياً ورأسك حيال ظهرك، وضع يديك على ركبتيك. وقل في ركوعك: “سبحان ربي العظيم” (ثلاث مرات أو أكثر).
الخطوة 5: الرفع من الركوع
ارفع رأسك من الركوع قائلاً: “سمع الله لمن حمده” وعندما تستوي قائماً، قل: “ربنا ولك الحمد” (أو “ربنا لك الحمد”).
الخطوة 6: السجود
كبّر واسجد على أعضائك السبعة: الجبهة مع الأنف، الكفين، الركبتين، وأطراف القدمين. وقل في سجودك: “سبحان ربي الأعلى” (ثلاث مرات أو أكثر).
السجود هو أقرب موضع يكون فيه العبد من ربه، فأكثر فيه من الدعاء. لقول النبي ﷺ: “أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجدٌ، فأكثِروا الدُّعاءَ” (رواه مسلم).
الخطوة 7: الجلوس بين السجدتين
ارفع رأسك من السجود وكبّر، واجلس مفترشاً قدمك اليسرى وناصباً اليمنى. وقل: “ربِّ اغفر لي، ربِّ اغفر لي”. ثم كبّر واسجد السجدة الثانية كما فعلت في الأولى تماماً.
الخطوة 8: الركعة الثانية
قم من السجود مكبراً لأداء الركعة الثانية، وكرر فيها ما فعلته في الركعة الأولى من قراءة الفاتحة وسورة، ثم الركوع والسجود.
الخطوة 9: التشهد
أ. التشهد الأول (بعد الركعة الثانية): إذا كانت الصلاة ثلاثية (المغرب) أو رباعية (الظهر، العصر، العشاء)، فبعد السجدة الثانية من الركعة الثانية، اجلس للتشهد الأول وقل: “التحياتُ للهِ والصلواتُ والطيباتُ، السلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، السلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسولُه.” وهذا واجب من واجبات الصلاة.
ب. التشهد الأخير (في آخر الصلاة): في الركعة الأخيرة من كل صلاة، اجلس للتشهد الأخير وقل الصيغة السابقة كاملة، ثم أضف إليها الصلاة الإبراهيمية (وهي ركن): “اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صليتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ، إنك حميدٌ مجيدٌ. اللهم بارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ، إنك حميدٌ مجيدٌ.”
الخطوة 10: التسليم
بعد التشهد الأخير، التفت يميناً وقل: “السلام عليكم ورحمة الله”. ثم التفت يساراً وقل: “السلام عليكم ورحمة الله”. وبهذا تكون قد أتممت صلاتك.
نصائح هامة للخشوع في الصلاة
الخشوع هو لب الصلاة وروحها. إليك بعض النصائح لتحقيقه:
- استحضار عظمة الله: تذكر أنك تقف بين يدي ملك الملوك.
- فهم المعاني: حاول تعلم معاني ما تقرأه من قرآن وأذكار.
- النظر إلى موضع السجود: هذا يساعد على تركيز الذهن.
- الطمأنينة: لا تستعجل في أداء الحركات، بل أعطِ كل ركن حقه.
ختاما
تعلم الصلاة الصحيحة هو رحلة إيمانية مباركة. لا تيأس إن أخطأت في البداية، فالمهم هو صدق نيتك وحرصك على التعلم. استمر في الممارسة والمراجعة، وستجد أن الصلاة أصبحت مصدر طمأنينة وسعادة لا مثيل له في حياتك.
اكتشاف المزيد من عالم المعلومات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.