هل يرفض طفلك الذهاب إلى المدرسة؟ لا تقلق، أنت لست وحدك. يواجه العديد من الآباء تحدي التعامل مع الأطفال الرافضين للمدرسة. في هذا المقال، سنستكشف الأسباب الشائعة وراء هذا السلوك، ونقدم لك استراتيجيات عملية وفعالة لمساعدة طفلك على التغلب على هذا الرفض والعودة إلى بيئة التعلم بسهولة.
لا شك في أنَّ التعليم هو العامل الأكثر أهمية في النهوض بالمجتمع وتقدُّمه، وإيماناً من الإنسان بأهمية التعليم أوجد المدارس لكي يعبر بأبنائه إلى بر الأمان وضفة التقدم والحضارة؛ إذ تُعَدُّ المدرسة المكان الذي تنمو فيه إمكانات الطفل النفسية والفكرية والاجتماعية والمعرفية وكذلك يُصقل بالمهارات اللازمة للحياة.
وتعتبر العودة سواء إلى المدرسة أو الحضانة مهمة في حياة الأطفال ولكنها صعبة عليهم في الوقت نفسه، لأنها تجعلهم يخرجون من بيئتهم المألوفة والآمنة المعتادين عليها. فالأيام الأولى بالمدرسة عادة ما تكون مليئة بالبكاء والتذمر.
لذلك، يحتاج الأطفال للتكيف مع الإجراءات وجداول الأوقات والأنشطة الجديدة. وبما أن الطفل سيتعامل مع غرباء (المعلمين وزملاء الدراسة) فإنه من الطبيعي أن يواجه هذه التغيرات بالخوف والقلق.
كيفية اكتشاف المشكلة
عادة، الأيام القليلة الأولى للعودة المدرسية مليئة بالبكاء والتذمر، ومحاولة تجنب الذهاب للمدرسة بتقديم الأعذار، وإطالة مدة الإفطار، وتأخير خلع الملابس أو اختفاء بعض المواد. وتظهر سلوكيات العزلة أو العدوانية على الطفل مثل المشاغبة في الصف.
والأعراض الجسدية الأكثر شيوعا: الصداع، آلام البطن، الإسهال والقيء قبل دخول المدرسة، ويمكن أن تختفي في عطلات نهاية الأسبوع والأعياد. وفي بعض الحالات تتغير عادات النوم لدى الأطفال ويواجهون صعوبة في تناول الطعام، أو التبول الليلي اللاإرادي. وتتراجع علامات نضج الطفل عندما يطلب المساعدة من أحد والديه في تناول الطعام أو ارتداء الملابس.
وتظهر هذه المشاكل أحيانا بعد العطلة أو مرض أجبر الطفل على التغيب عن المدرسة، أي عند العودة إلى الروتين والالتزامات بعد تلقي اهتمام شخصي. وفي حالات أخرى، قد تكون هناك عوامل أخرى مسببة لهذه الأعراض، مثل تجربة سلبية في المدرسة، أو تغيير مقر الإقامة أو ولادة أخ جديد.
ما الذي يمكنك فعله؟
تفضل التدخلات المتعلقة بعلاج رفض المدرسة العلاج السلوكي المعرفي (CBT) للتشجيع على الاسترخاء، وتحدي الأفكار المقلقة ودعم التعرض التدريجي للخوف. وتشمل التدخلات أيضا علاج الوالدين لمناقشة استراتيجيات الدعم الأمثل والتواصل مع المدرسة. ويهدف التدخل إلى توفير المهارات المتطلبة للتعامل مع الضيق أو عدم الراحة فضلا عن زيادة نسبة الحضور المدرسي. كما تشير الأبحاث إلى إمكانية تحسين الحضور المدرسي بمساعدة الدعم المهني، ولكن قد يستمر القلق لبعض الوقت. فإن كان طفلك يرفض الذهاب إلى المدرسة أو كنت تقدم الدعم لوالد أو طفل آخر في هذا الموقف، إليك كيفية التصرف:
- اطلب المساعدة
غالبا ما تنتظر المدارس وأولياء الأمور المشكلة حتى تستفحل قبل التعامل معها. وللأسف؛ يؤثر كل يوم يفوتك من أيام المدرسة على التحصيل الأكاديمي، ويرتبط الغياب المستمر بارتفاع معدلات التسرب المدرسي المبكر (الهدر المدرسي)، والصعوبات العاطفية والسلوكية، بالإضافة إلى سوء التكيف الاجتماعي. لتقليل هذه النتائج، عليك أن تتعامل مع الأمر مبكرا، وأن تحشد شبكة الدعم الخاصة بك، وإذا لزم الأمر، اطلب المساعدة المهنية.
- ضع في الاعتبار المحفزات الممكنة
اطلب من طفلك في وقت تنعمان فيه بالهدوء (ليس في صباح يوم دراسي) أن يصف التحديات الرئيسة للذهاب إلى المدرسة. قد تتمكنان معا من حلّ هذه المشكلات أو تطوير خطة لإدارتها.بالنسبة للأطفال الأقل عمرا أو هؤلاء الذين لا يملكون القدرة على التعبير عن مشاعرهم، قد تحتاج إلى استخدام نموذج الملاحظة وإثبات صحة الأمر وإعادة التوجيه:
- الملاحظة: “لاحظت أنك تبدو مستاء وقلقا في الصباح وتطلب البقاء في المنزل غالبا”.
- إثبات صحة الأمر: “نشعر جميعا بالإحباط والقلق أحيانا وقد نشعر بعدم الارتياح”.
- إعادة التوجيه: “إن الذهاب إلى المدرسة ضروري جدا. ما الأشياء التي يمكننا القيام بها لمساعدتك على الذهاب إلى هناك؟”.
- تعامل برفق لكن بنهج حازم
من المهم إظهار التعاطف، لأن طفلك يعاني من شيء مزعج. يمكن إظهار التعاطف من خلال الاستماع إلى همومهم، ومنحهم لحظات من العاطفة الجسدية، أو التزام الهدوء في مواجهة الإحباط. هناك أيضا تعاطف في تشجيع الأطفال على مواجهة مخاوفهم، مما يعزز الثقة والاستقلالية. وعلى العكس من ذلك، فإن تجنب دوافع القلق يزيد من القلق على المدى الطويل. كن لطيفا لكن حازما في تصميمك على العمل مع طفلك لمعالجة رفض المدرسة. يمكن أن ينعكس هذا الموقف في تعليقات مثل:
أتفهم أن الذهاب إلى المدرسة يبدو صعبا. يمكننا العمل على مخاوفك معا. لكنك بحاجة إلى الحضور، لأن كل يوم في المدرسة مهم.
- قدِّم رسائل واضحة ومتسقة
تشير الأبحاث والتجارب السريرية إلى أن هناك اختلافات دقيقة ولكن حاسمة في كيفية تواصل الوالدين حول الحضور المدرسي. تخيل في هذا السيناريو:
توقظ طفلك للمدرسة الساعة 8:15 صباحا وتحتاج إلى مغادرة المنزل الساعة 8:45 صباحا، وتشعر بالقلق لأنه بحاجة إلى مزيد من النوم. تجلس على السرير وتسأل: “كيف حالك اليوم؟”، يشعر طفلك بالضيق ويقول إنه لن يذهب إلى المدرسة. ينتابك شعور بالقلق، لاحظ “سيكون من الجيد حقا إذا تمكنت من ذلك”. يرفض طفلك. يزداد شعورك بالقلق والانزعاج، وتقول قبل أن تخرج: “لا يمكنك الاستمرار في فعل هذا”. لم يكن لدى الطفل سوى وقت قصير للاستعداد، وبينما كان الوالد داعما وقلقا بشكل واضح، فإن الرسائل اللفظية حول الحضور بالمدارس غامضة ويترك الوالد الغرفة وهو يشعر بالضيق.
هناك نهج أكثر فائدة يتضمن:
- إيقاظ الطفل في الوقت نفسه كل يوم مع بقاء ما يكفي من الوقت للاستعداد للمدرسة.
- إعطاء رسائل واضحة حول الحضور المدرسي مثل “حان وقت الاستيقاظ للمدرسة” و”أعلم أنك لا تريد الذهاب ولكن لا يمكننا السماح لك بالبقاء في المنزل”.
- والتشجيع على اتباع نهج متدرج في الصباح إذا أصيب الطفل بالضيق: “دعونا نركز على الإفطار أولا”، “لنرتب حقيبتك المدرسية”، وما إلى ذلك.
- ضع نهجا يوميا واضحا لأيام الإجازة
يجد الآباء والأمهات ذوو النيّات الحسنة غالبا أن الجهود المبذولة لتشجيع الأطفال على الالتحاق بالمدرسة تعوقها المميزات الإيجابية للبقاء في المنزل: القدرة على النوم وقضاء يوم من الاسترخاء، ومشاهدة التلفاز ولعب ألعاب الفيديو، أو الحصول على مزيد من الاهتمام الفردي من أحد الوالدين.
إذا وجدت طفلك في المنزل في أيام الدراسة، قم بإعداد نهج روتين منزلي مماثل للمدرسة:
- استيقظ وارتد ملابسك في وقت المدرسة.
- الحد من إمكانية تشغيل التلفزيون والإنترنت خلال ساعات الدوام المدرسي.
- تشجيع الطفل على إكمال الواجب المدرسي.
- تحديد وقت منفرد مع الوالد حتى بعد ساعات الدوام المدرسي.
- تقليل الأنشطة خارج المنزل، مثل التسوق.
- افرض النظام
انقل وحدد بوضوح التوقعات الواضحة لجميع المشاركين: الوالدين والمدرسة والشخص الصغير وأي مهنيين آخرين معنيين، مثل الممارس العام لطفلك. في المدرسة، يقدم هؤلاء الأطفال غالبا للمدرسين أو لطاقم جناح المرضى عددا لا يحصى من الشكاوى الجسدية مثل آلام الصداع والمعدة. إذا كنت تشعر بالقلق، خذ الطفل إلى الممارس العام للتحقق من عِلّاته البدنية. في حالة عدم وجود مرض جسدي، من المرجح أن تكون هذه الشكاوى مرتبطة بالقلق.
تحدث إلى معلم صف طفلك أو منسق المستوى السنوي حول التحديات التي يواجهها طفلك. قد يساعدون على وضع خطة لانخفاض التحصيل المدرسي، فضلا عن المساعدة في معالجة أي قضايا اجتماعية أو تعليمية أخرى. في حين أن هذه المشاعر تُعدّ سيئة لك ولطفلك، لكن مع الدعم والتدخل المناسب يمكن لطفلك البقاء في البيئة المدرسية وزيادة مشاركته تدريجيا. ويعتبر الصبر والمثابرة والانفتاح على حل المشكلات من العناصر المحورية.