المراهقة مرحلة عاصفة من التغيرات الجسدية والعاطفية والنفسية. في هذا المقال، سنقدم لك أدوات عملية تساعدك على التعامل مع الابن المراهق وتحديات المراهقة بحكمة وحب، وبناء علاقة قوية تدوم مدى الحياة مع ابنك.
تعدّ المراهقة مرحلة من المراحل العمرية التي يمر بها جميع الأطفال وهي تقع بين مرحلة الطفولة ومرحلة الشباب، لذلك تراها تحمل صفات من المرحلتين، لكن تتميز هذه المرحلة بصعوبة التعامل مع المراهق نظراً للتغيرات النفسية والجسمية التي تطرأ عليه، حيث يكون قد اقترب من النضج النفسي، والعقلي، والاجتماعي، والجسمي، لكنّه لم يصل إليها. تطرأ مظاهر المراهقة على الشخص بالتدريج فلا ينتقل الطفل إلى مرحلة المراهقة بين ليلة وضحاها، ويمكن وصف التغيرات التي تحدث بالنمو البركاني حيث ينمو جسم المراهق من الداخل فسيولوجياً، وهرمونياً، وكيماوياً، وذهنياً، وانفعالياً، ويشترك بالنمو العضوي مع النمو الخارجي.
كيفية التعامل مع المراهق:
- الموازنة بين الانضباط والحرية:
قد يشعر بعض الآباء بفقدهم السيطرة على تصرّفات ابنهم المراهق، ويشعرون بالقلق في كلّ مرة يتخطّى فيها حدوده، وبعضهم الآخر يتجنّبون الخلاف كليّاً مع ابنهم خوفاً من تركه لهم، لذلك يجب إيجاد موازنة بين الانضباط والحرية؛ حيث يؤدّي التركيز الزائد على الطاعة والانضباط إلى دفع المراهق لتخطّي حدوده، فالمراهق الذي يعيش في بيئة صارمة لا تسنح له الفرصة بتطوير مهاراته في حلّ المشاكل لأنه لا يأخذ قراراته بنفسه.
- الحديث معه والإجابة على أسئلته:
يجب الحديث مع الطفل المراهق في كافّة أمور الحياة وباستمرار، كذلك يجب الإجابة على جميع أسئلته وخاصّةً التي تتعلق بجسده، فمثلاً يجب الحديث عن الحيض أو الاحتلام وذلك عندما يبدي المراهق استعداداً لذلك، أو التحدّث معه حول الاختلاف بين أجسام الفتيات وأجسام الفتيان، وأيضاً الإجابة على سؤاله حول من أين يأتي الطفل، ومثل هذه الأمور، مع مراعاة الإجابة عن أسئلته بشكل دقيق ودون زيادة غير مرغوبة في الإجابة عن مثل هذه الأسئلة، ويُمكن الاستعانة بصديق ذي خبرة مع التعامل مع المراهقين أو الاستعانة بالطبيب.
- احترام خصوصيته:
بعض الآباء لا يَحترمون خصوصية طفلهم المراهق، فتجدهم يتدخّلون في كافة أمور حياته وبكل ما يفعله، وهذا أمر خاطىء؛ حيث يجب أن تترك مساحةً للمراهق لإعطائه بعض الخصوصية، فمثلاً يجب جعل بعض الأمور المتعلّقة به أشياء خاصّة له كغرفة نومه، وبريده الإلكتروني ومكالماته الهاتفية، وعدم التوقّع منه أن يشارك كل ما يحصل معه أو يفكّر به فهو يعتبرها أموراً خاصة، بهذه الطريقة يتعلّم كيف يصبح شخصاً بالغاً مسؤولاً، وعلى الرغم من ذلك يجدر بالآباء التدخّل في حياة ابنهم المراهق في حال لاحظوا وجود مشكلة ما، كما يجب أن يعرفوا دائماً أين يذهب ابنهم ومتى سيعود، وما الذي يفعله ومع من، ولكن دون الدخول في التفاصيل، وذلك لإعطائه ثقه أكبر.
- تعليمه تحمل المسؤولية:
يتعلّم الأبناء تحمّل المسؤولية من محيطهم، فمصدرهم الأول لتعلم المسؤولية هم الآباء، ثم الظروف التي يمرّون بها، فقد يُقلّد الأبناء آبائهم الذين يتحمّلون المسؤولية، ويمكن تعليمهم المسؤولية دون التعرض لظروف قاسية حتى سن الثالثة عشرة، بعد هذا تُصبح الحياة والظروف التي يمرّون بها هي مصدرهم في التعلم؛ حيث يشعر المراهقون بأنّهم بحاجة إلى أن يتعلّموا أنّ لديهم القدرة على التأثير على ما يَحدث لهم في حياتهم وذلك من خلال جعلهم يتحمّلون بعضاً من المسؤولية حول أمور حياتهم، كما أنّهم بحاجة لأن يَعرفوا كم من القوّة والامتيازات التي سيفقدونها جراء سلوكيّات مُعيّنة غير مسؤولة.
- الدعم المستمر:
على الآباء تقديم الدعم المستمر والوقوف دائماً بجانب ابنهم المراهق؛ فالمراهق يمر بمرحلة تجعله دائم الشعور بالخوف، فهو يواجه مشاعر ومسؤوليات جديدة، لذلك فهو بحاجة لمن يقف بجانبه دائماً ويطمئنه، وهو بحاجة لمن يستمع له، في الوقت الذي يكون مستعداً للحديث فيه، لذلك يجب الاستماع له دون مقاطعته، كما يجب أن يكون الآباء متفهّمين ومنفتحين بحيث يعطون ابنهم المراهق الموافقة والدعم على بعض الأمور التي يفكر بها، حيث أثبتت الدراسات أنّ المراهقين الذكور والإناث يمتلكون أعلى نسبة من تقدير الذات إذا ظنوا أن لديهم الموافقة والدعم من قبل أولياء أمورهم.
- مراقبة ما يشاهده ويقرأه:
يَستطيع المراهق الحصول على كميّة كبيرة من المعلومات من البرامج التلفزيونية والمجلات والكتب، وشبكة الإنترنت، لذلك يجب أن يكون لدى الآباء علم حول كل هذا، كما يجب عليهم وضع حدود على مقدار الوقت الذي يقضيه أمام الكمبيوتر أو التلفزيون، ومعرفة ما يتعلّمه من وسائل الإعلام ومع من يتواصل عبر الإنترنت.
وأخيرا، يجب على الآباء التحلي بمزيد من الصبر عند معاملة ابنهم المراهق؛ حيث إن الطفل المراهق يحتاج إلى الوقت الكثير ليجد التوازن الصحيح لسلوكياته واستقلاليته، فحتى لو انحرف بسلوك سيئ في بعض الأحيان، فإنه سيعود لطبيعته في الوقت المناسب، لذلك يجب على الآباء أن يغفروا وينسوا أخطاء أبنائهم المراهقين، وعدم التوقف عندها والمضي قدماً.