تعدَّدت تعريفات الثقة بالنفس؛ حيث ربطها البعض بتوقُّعات الفرد لأدائه، ومدى تقديره لذاته، وتقييمه لهذا الأداء، أمّا البعض الآخر، فقد ربطها بمعرفة الفرد لقدراته، ومقدرته على مواجهة التحدّيات؛ بهدف الوصول إلى النجاح، وهذا يعني أنّ الثقة بالنفس ترتكز في الأساس على أداء الفرد في المستقبل، ومدى نجاحه، إلّا أنّ هذا لا يعني أنّها تنفي أداء الفرد في الماضي، بل يعني أنّها ترتكز عليه؛ لتحقيق النجاح في المستقبل.
وقد يعانى بعض الأطفال من الخجل الزائد، مما يؤثر سلبياً عليه سواء مع أصدقائه أو زملائه بالمدرسة، الأمر الذى قد يستمر معه حتى بلوغ سن الشباب، ولعلاج ذلك وتزويد ثقته بنفسه، يجب اتباع بعض النصائح التي سنتعرف عليها في السطور القادمة.
كيفيّة بناء الثقة بالنفس عند الأطفال:
غالباً ما يتأثَّر الأطفال بالأفراد الذين يُحيطون بهم، ومن خلال الآباء يستمدُّ الطفل القِيَم، والعادات، ولبناء الثقة لدى الطفل، يجدر بالآباء تشجيع أطفالهم، وفيما يلي بعض الخطوات التي تزيد من ثقة الأطفال بأنفسهم:
- مساعدة الطفل على تحسين صورته الذاتيّة عن نفسه، وذلك عن طريق تعزيزه، سواء كانت باستخدام اللغة اللفظيّة، مثل استخدام كلمة (رائع)، أو (شكراً) لدى إنجاز عملٍ مُعيَّن، أو عن طريق استخدام اللغة غير اللفظيّة، مثل العِناق، ومن المُهمّ بمكان مساعدة الطفل على حديث النفس الإيجابيّ، كأن يُقال له: على الرغم من صعوبة هذه المهمّة، إلّا أنّك قادر على إنجازها.
- استخدام كلمات التشجيع للصفة التي يُراد للطفل اكتسابها، فمثلاً إذا اعترف الطفل بأمرٍ خاطئ صدر عنه، ممّا يعني أنّه لجأ إلى الصدق، فلا بُدّ من تعزيزه، وإشعاره بالفخر؛ نظراً لتحلّيه بقول الحقيقة، وتحمُّله للمسؤوليّة.
- تعليم الطفل كيفيّة التعلُّم من أخطائه، وذلك من خلال تشجيعه على مواجهة الفشل، بالإضافة إلى إخباره ببعض التحدّيات التي تعرَّض لها الآخرون عندما كانوا في مثل سِنّه، وكيفيّة تغلُّبهم عليها؛ ليتعلمَّ بأنّ البشر جميعهم يتعرَّضون للتحدّيات، وأنّ بإمكانهم جميعهم التغلُّب عليها.
- معرفة اهتمامات الطفل، وتنميتها، حيث إنّ معرفة هذه الاهتمامات تزيد من ثقته بنفسه، كما لا بُدّ من الابتعاد عن إلزام الطفل بعمل مُعيَّن؛ حتى يشعرَ بالإنجاز لما يؤدّيه.
- تعليم الطفل كيفيّة التعامُل مع مخاوفه، وذلك من خلال التحدُّث معه، وطمأنته، ومكافأة سلوك الشجاعة لديه، أو من خلال تعريض الطفل لبعض المواقف الصعبة، والتي تكون مضبوطة لفترة قصيرة، فمثلاً إذا كان الطفل يخاف من التحدُّث مع الآخرين، فإنّه يمكن تدريبه على قول كلمة (مرحباً) لمدّة 15 دقيقة لمَن يُقابلُه في السوق، ومن المهمّ أنّ يترافق مع قوله لهذه الكلمة تقديم كلمات التشجيع له.
- التعبير عن الحبّ المُوجَّه للطفل كلّما سَنَحت الفرصة لذلك، وإشعاره بالفخر، وأنّه مُقدَّر عندما يتصرَّف بطريقة مناسبة، كما أنّه من الضروريّ الابتعاد عن التسبُّب في شعور الطفل بأنّه محبوب؛ بسبب أدائه في المدرسة، بل لا بُدّ من إشعاره بالحب مهما كانت الظروف.
- تعليم الطفل الاعتماد على نفسه، مثل تحضير، وتناول الطعام بنفسه، حتى لو تسبَّب ذلك في حدوث بعض الفوضى، ممّا يساعده على التعلُّم من أخطائه.
- تعزيز نقاط القوّة لدى الطفل، وذلك من خلال تكليفه ببعض المهمّات التي يكون قادراً على إنجازها.
- الابتعاد عن لَوم الطفل؛ وذلك لأنّ الطفل خلال مرحلة الطفولة يعتمد في بنائه لثقته بنفسه على نظرة والديه إليه، ومحاولة إرضائهم، ومن المهم أن يتمّ وضع أهداف واقعيّة تناسب عمر الطفل، ومرحلة نُموّه، وعدم مقارنته بزملائه الآخرين؛ لأنّ ذلك يُقلِّل من ثقته بنفسه.
كيفية زيادة الثقة بالنفس:
هناك عدّة أساليب، وطرق؛ لزيادة ثقة الفرد بنفسه، وفيما يلي ذِكر للبعض منها:
- البحث عن أهداف جديدة، وخبرات جديدة، وإحاطة الفرد بأشخاص إيجابيّين أمرٌ يُساهم في زيادة ثقته بنفسه، كما يساعد على تغيير نظرة الفرد إلى نفسه، وإلى الحياة التي يعيش فيها.
- تقبُّل الفرد لذاته، ولنفسه، ومعرفته لنقاط قوّته، وتعزيزها، ومعالجة نقاط الضعف لديه، والتعامُل معها، بالإضافة إلى شعور الفرد بالرضا، بغَضِّ النظر عن الظروف التي يعيش فيها، حيث إنّها أمور تساعد على زيادة ثقة الفرد بنفسه.
- محاولة تحقيق الفرد لأهدافه التي يصبو إليها، وتغييرها في حال عدم الرضا عنها على الأصعدة جميعها، سواء في العمل، أو الحياة الاجتماعيّة، ويكون ذلك من خلال تجزئة هذه الأهداف الكبيرة إلى أهداف صغيرة.
- الاهتمام بالحديث الإيجابيّ مع النفس؛ لزيادة ثقة الفرد بنفسه، كأن يقول الفرد لنفسه أنّه شخص جيّد، وجدير بالاهتمام، وقادر على مواجهة الصعوبات التي تُواجهه جميعها.
أمور يجب تجنّبها عند تعليم الطفل الثقة بالنفس:
هناك بعض الممارسات والكلمات التي ينبغي تجنّبها أثناء عمليّة غرس ثقة الطفل بنفسه، منها عدم المبالغة في الحزم والانضباط، والاعتدال في مساعدة الطفل على التصرّف بالشكل الصحيح، بالإضافة إلى عدم المبالغة في انتقاد الذات الذي قد يدفع الطفل لتبنّي منهج جلد الذات وإضعاف ثقته بنفسه، كما ينبغي عدم حماية الطفل من كافة الخيبات؛ نظراً لكونها تُعلّم الطفل المرونة في مواجهة مواقف الحياة، إضافةً لما سبق لا بدّ من الابتعاد عن إنجاز مهمّات الطفل، ومنعه من ارتكاب الأخطاء، لتجنّب دفعه نحو الاتكاليّة والاعتماد على الآخرين، ولتعليمه اكتشاف الأمور التي يُجيدها ويبرع فيها.