يُستحَبّ الإكثار من تلاوة القرآن الكريم ومدارسته في رمضان، ويُستحَبّ أيضاً الاجتماع في المساجد من أجل تلاوته، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
(ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ).
وقد ورد أنّ رسول الله كان يتدارس القرآن بين يدَي جبريل ليلاً؛ ففي الليل تتجلّى السّكينة والأُنْس، ويصفو فِكَر المرء ممّا يُعكّره.
ويُستحَبّ أيضاً أن يتطهّر المسلم، ويتوجّه إلى القبلة حين تلاوة القرآن الكريم، ويجوز أن يقرأه في أحواله جميعها؛ أثناء قيامه، وقعوده، واضطجاعه، وركوبه؛ فهو من ذكر الله، وقد قال الله -تعالى-:
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ).
أسهل طريقةٍ لختم القرآن في رمضان
الأفضل للمسلم تلاوة القرآن الكريم، مع تدبّر آياته؛ استدلالاً بقول الله -تعالى-:
(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ).
فتدبّر آيات القرآن من الغايات التي أُنزل القرآن لتحقيقها، ومع ذلك فإنّ لتلاوة القرآن أجراً عظيماً مُضاعفاً بكلّ حرفٍ منه، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-:
(مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ).
- ختم القرآن مرةً واحدةً في رمضان
يستطيع المسلم ختم القرآن الكريم مرّةً واحدةً في شهر رمضان؛ بقراءة جزءٍ كلّ يومٍ، فالجزء عبارةٌ عن عشرين صفحةً، ويُقسّم إلى أربعة أجزاءٍ، تُقرأ في أربعة أوقاتٍ مختلفةٍ، كلّ جزءٍ منها خمس صفحاتٍ، فتُقرأ الخمس صفحاتٍ الأولى بعد صلاة الفجر، والخمس الثانية من بعد صلاة الظهر أو العصر، ثمّ خمس صفحاتٍ بعد صلاة المغرب، ثمّ تُقرأ الصفحات الخمس الأخيرة بعد صلاة التراويح، أو حين السُّحور، وبذلك يكون المسلم قد ختم القرآن مرّةً واحدةً في شهر رمضان بسهولةٍ ويُسرٍ، كما يُمكن تقسيم الجزء إلى خمسة أجزاءٍ، كلّ جزءٍ منها أربع صفحاتٍ، فتُقرأ كلّ أربع صفحاتٍ ما بين الأذان والإقامة لكلّ صلاةٍ، فيكون بذلك قد أتمّ قراءة جزءٍ كاملٍ في اليوم، ويُختم القرآن مرّةً واحدةً في الشهر.
- ختم القرآن مرّتين في رمضان
يستطيع المسلم أن يختم القرآن مرّتين في شهر رمضان؛ بقراءة جزأين كلّ يومٍ، بقراءة عشر صفحاتٍ في أربعة أوقاتٍ مختلفةٍ من اليوم، أو قراءة ثمان صفحاتٍ بين كلّ أذانٍ وإقامةٍ، أو بعد كلّ صلاةٍ.
- ختم القرآن ثلاث مراتٍ في رمضان
يُمكن للمسلم ختم القرآن الكريم ثلاث مرّاتٍ في شهر رمضان؛ بتخصيص ساعةٍ ونصف يومياً للقراءة، على ثلاث فتراتٍ مختلفةٍ، موزّعةٍ طوال اليوم، بجعل الفترة الواحدة نصف ساعةٍ، فيُقرأ جزءٌ واحدٌ في النصف ساعة الأولى، ثم يُقرأ جزءٌ ثانٍ في النصف ساعة الثانية، ثمّ جزءٌ ثالثٌ في الفترة الأخيرة، وبذلك يُتمّ ثلاثة أجزاءٍ في اليوم الواحد.
- ختم القرآن أربع مراتٍ في رمضان
يستطيع المسلم ختم القرآن الكريم في سبعة أيامٍ، اقتداءً بالسلف الصالح؛ إذ كانوا يجعلون القرآن سبعة أجزاءٍ، ويقرؤونه في سبعة أيّامٍ، حيث يبتدؤون اليوم الأول بقراءة السُّور الثلاث الأولى من القرآن، ثمّ السُّور الخمس التي تليها، ثمّ السُّور السَّبع، ثمّ السُّور التسع، ثمّ السُّور الإحدى عشر، ثمّ السُّور الثلاث عشرة، ثمّ يختمون اليوم السابع بقراءة سور المُفصّل؛ من سورة ق، إلى آخر سورة النَّاس.
- ختم القرآن عشر مراتٍ في رمضان
يُمكن للمسلم ختم القرآن الكريم كلّ ثلاثةٍ أيّامٍ؛ بتوزيع أوقات قراءته على خمسة أوقاتٍ في اليوم والليلة، فيقرأ جزءاً ما بين الأذان والإقامة، من بعد أذان الفجر، بتقدير وقت قراءة الجزء بعشرين دقيقةً، لمن يقرأ قراءةً سريعةً مع مراعاة أحكام التجويد، ثمّ يخصّص ساعةً بعد صلاة الفجر، لقراءة ثلاثة أجزاءٍ من القرآن، ثمّ يقرأ جزأين بعد صلاة الظهر، ثمّ ثلاثة أجزاءٍ بعد صلاة العصر، ثمّ يقرأ جزءاً بعد صلاة المغرب أو العشاء.
نصائح لختم القرآن في رمضان
يُنصح المسلم الراغب بتحقيق هدفه في عدد مرّات ختم القرآن الكريم في شهر رمضان، بعدّة أمورٍ، بيان البعض منها فيما يأتي:
- الحرص على تهيئة النفس قبل رمضان؛ بالحرص على قراءة القرآن الكريم، وتدبّره طوال أيّام السَّنة.
- تنظيم الأوقات في اليوم والليلة، وتخصيص وقتٍ معيّنٍ لقراءة القرآن، وتدبّره.
فَضْل خَتم القرآن الكريم
تُعَدّ المُواظبة على قراءة القرآن الكريم، وخَتمه مراراً وتكراراً من الأعمال العظيمة التي يجزي الله -تعالى- فاعلَها خيرَ الجزاء في الدُّنيا والآخرة؛ إذ ينشرح صدره، وتُزكّى نفسه، ويزداد إيمانه ويقينه بالله -تعالى-، وينال الشفاعة والدرجات العظيمة، ويفوز بالجنّة يوم الحساب، وقد وردت الكثير من الآيات والأحاديث التي تدلّ على عِظَم فَضْل خَتم القرآن الكريم، ومنها:
ما ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال:
(مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ).
بالإضافة إلى قَوْل الله -تعالى-:
(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ).
وممّا يدلّ على أهميّة قراءة القرآن الكريم ما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال:
(مَثَلُ المُؤْمِنِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها طَيِّبٌ، ومَثَلُ المُؤْمِنِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لا رِيحَ لها وطَعْمُها حُلْوٌ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحانَةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها رِيحٌ وطَعْمُها مُرٌّ).
والأصل البَدء بتلاوة القرآن الكريم من أوّله؛ أي من سورة الفاتحة، إلى سورة الناس، كما دلّت السنّة النبوية على فَضْل خَتم القرآن الكريم، ثمّ افتتاحه بأوّله؛ فقد شبَّهَ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مَن يختم القرآن بالمسافر الذي يصل إلى منزله، فيحلّ، ثمّ يفتتح سَيره مُجدَّداً، وقد أشار أهل العلم إلى نزول الرحمة والسكينة على الحضور عند خَتم القرآن الكريم؛ لِما ورد عن الحكم بن عُتيبة أنّه قال:
(كانَ مجاهدٌ وعبدَةُ بنُ أبي لبابةَ وناسٌ يعرِضونَ المصاحفَ فلمَّا كانَ اليومُ الَّذي أرادوا أن يختِموا فيهِ أرسلوا إليَّ وإلى سلمةَ بنِ كُهَيلٍ فقالوا إنَّا كنَّا نعرِضُ المصاحفَ وإنَّ أردنا أن نختِمَ فأحببنا أن تشهدوا وأنَّهُ كانَ يقالُ إذا خُتِمَ القرآنُ نزلتِ الرَّحمةُ عندَ خاتمتِهِ أوقالَ حضرتِ الرَّحمةُ عندَ خاتِمِهِ).