هل تساءلت يومًا عن الفرق بين التضخم الاقتصادي والكساد الاقتصادي؟ كلمتان قد تبدوان متشابهتين، إلا أنهما تحملان معانٍ مختلفة تمامًا وتؤثران بشكل كبير على حياتنا اليومية وعلى الاقتصاد بشكل عام. في هذا المقال، سنقوم برحلة استكشافية لمعرفة أسباب كل منهما، وآثاره، وكيف يمكننا تمييز أحدهما عن الآخر. لنكتشف سويًا كيف يؤثر ارتفاع الأسعار وانخفاض النشاط الاقتصادي على حياتنا.
يعدُّ علم الاقتصاد من أبرز العلوم الاجتماعية التي تُعنى بدراسة الثروات التي يحققها الإنسان في هذه الحياة، حيث يهتمُّ بتحديد مصادر هذه الثروات، والطرق التي تؤثر على توزيع الثروة بين مختلف أفراد المجتمعات الإنسانية، بالإضافة إلى طرق استهلاك هذه الثروات بناءً على نوع السلوك الاستهلاكي للأفراد، ويتداخل علم الاقتصاد العام مع مجموعة من العلوم الأخرى مثل: علم المحاسبة، وعلم التسويق، وعلم التجارة، وإدارة الأعمال، وهناك العديد من المشكلات الاقتصادية التي قد تؤثر على العناصر التي تتشكل منها المنظومة الاقتصادية، ومن أبرز هذه المشكلات مشكلة التضخم ومشكلة الكساد.
ما هو التضخم الاقتصادي؟
يعتبر التضخم الاقتصادي من اكبر المشاكل التي تواجه دول العالم، و تحديدا دول العالم الثالث، و تسعى الحكومات بشكل جدي لزيادة معدل النمو الاقتصادي لها لكي يزيد عن معدل التضخم الاقتصادي، و تكمن المشكلة في التضخم الاقتصادي في أن أسعار السلع تكون في ارتفاع دائم، و ترتفع أسعار تكاليف الخدمات مثل خدمات النقل و الطاقة الكهربية و عدم وجود دخل كاف لمواكبة زيادة الأسعار و الخدمات، مما يؤدي إلى خفض معدلات الأجور، و هو ما يؤثر سلبا على المواطنين، و يؤثر على سوق العرض و الطلب أيضا.
ما هو الكساد الاقتصادي؟
يعتبر أيضا من أخطر المشاكل التي تهدد الاستقرار الاقتصادي للدول، و يحدث ذلك نتيجة انخفاض معدل الإنتاج و زيادة معدل الاستهلاك في فترة معينة، و بالتالي يقل إجمالي الناتج المحلي، و يصحب ذلك زيادة في معدلات البطالة، و انخفاض معدل الاستثمارات الداخلية و الخارجية، و تنخفض أرباح الشركات و التجار بشكل كبير، و يحدث أن تعلن الكثير من المؤسسات الكبيرة إفلاسها، و لذلك يجد الكثير من العمال و الموظفين أنفسهم بدون عمل.
و يشمل الكساد انخفاض المبيعات في المحال التجارية الصغيرة، و ذلك لكثرة المعروض و قلة الطلب، و بالتالي تتراكم المعروضات و السلع في المحال التجارية، و يقل الشراء من المصانع و الشركات، فتتوقف الشركات عن الإنتاج لتراكم السلع في المخازن، و مع الوقت تتوقف كثير من خطوط الإنتاج تماما، و تصبح المؤسسات الصناعية غير قادرة على دفع أجور العاملين بها، و غير قادرة على دفع مصاريف التشغيل الأخرى، و قد تقفل أبوابها تماما و يتم تسريح العاملين كلهم، و يؤدي ذلك إلى تفاقم المشكلة بشكل أكبر، حيث مع زيادة معدل البطالة تصبح القدرة الشرائية للمواطنين أقل مما كانت في بداية الكساد، و بالتالي يزيد معدل الكساد بشكل كبير في فترة قصيرة.
الفروق بين التضخم و الكساد
في الحقيقة يوجد ترابط كبير بين الكساد و التضخم الاقتصادي، حيث أن التضخم الاقتصادي يؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، و يتحول الأمر من نقص المعروض و زيادة الطلب إلى نقص المعروض و نقص الطلب، فيؤدي ذلك إلى الكساد الاقتصادي، و يحدث ذلك عادة في الحالات التي يكون فيها معدل التضخم الاقتصادي اكبر من 50 في المائة، و كذلك يؤدي الكساد أيضا إلى التضخم الاقتصادي، و ذلك بسبب توقف القدرة الإنتاجية و انخفاض معدل الناتج المحلي للدول، و التالي يقل معدل النمو الاقتصادي للدول فيحدث تضخم اقتصادي.
الفرق بين التضخم والكساد من حيث الأسباب
يتلخص الفرق بين التضخم والكساد من حيث الأسباب فيما يأتي:
أسباب الكساد الاقتصادي
ينتج الكساد الاقتصادي بشكل أساسي عند تدهور ثقة المستهلك بالمنتجات، ممّا يُؤدي إلى انخفاض الطلب، حيث تتوقف الشركات عن العمل، بسبب توقف المستهلكين عن شراء المنتجات والدفع مقابل الخدمات، ويتطلب تخفيض ميزانية الشركات، وتقليل العمالة، وأبرز أسباب الكساد الاقتصادي فيما يأتي:
- انهيار سوق الأسهم: يتكون سوق الأوراق المالية من الأسهم التي يمتلكها المستثمرون في الشركات العامة، حيث يُمكن أن تكون التغييرات في الأسهم انعكاسًا لكيفية أداء الاقتصاد، وعندما ينهار سوق الأسهم، يكون ذلك مؤشرًا على تراجع ثقة المستثمرين في الاقتصاد.
- انخفاض طلبيات التصنيع: تزدهر الأعمال التجارية عند الطلب على منتجاتها وخدماتها، وعندما تنخفض طلبيات التصنيع لفترة طويلة من الزمن، يُؤدي ذلك إلى الركود وثم إلى الكساد الاقتصادي.
- مراقبة الأسعار والأجور: عندما تتحكم الحكومة في الأجور ولا يُسمح للشركات بتخفيضها، قد تضطر الشركات إلى تسريح الموظفين لتبقى قادرة على العمل.
- الانكماش: يُعرف الانكماش بأنّه انخفاض أسعار السلع، إذ إنّ الأسعار تنخفض بسبب انخفاض الطلب.
- ارتفاع أسعار النفط: يتسبب ارتفاع أسعار النفط في تأثير مضاعف على كل شيء في السوق تقريبًا، وعند حدوث ذلك، يفقد المستهلكون قوتهم الشرائية، ممّا يُؤدي إلى انخفاض الطلب.
أسباب التضخم الاقتصادي
تتلخص أسباب التضخم الإقتصادي فيما يأتي:
- الطلب المتزايد: يحدث تضخم الطلب عندما يكون الطلب على سلع وخدمات معينة أكبر من قدرة الاقتصاد على تلبية تلك الاحتياجات.
- التضخم في ارتفاع التكاليف: تضخم دفع التكلفة هو زيادة الأسعار عندما ترتفع تكلفة الأجور والمواد، يتم تمرير هذه التكاليف إلى المستهلكين في شكل أسعار أعلى لتلك السلع والخدمات.
- زيادة العرض النقدي: يُعرف زيادة العرض النقدي على أنّها المبلغ الإجمالي للأموال المتداولة، والتي تشمل النقد والعملات المعدنية والأرصدة والحسابات المصرفية وفقًا للمجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث إنّه إذا زاد عرض النقود بشكل أسرع من معدل الإنتاج، فقد يُؤدي ذلك إلى التضخم الاقتصادي بشكل كبير جداً.
تأثيرات التضخم و الكساد على الحياة الاقتصادية
لا بُدَّ من الإشارة إلى تأثيرات هاتين الظاهرتين على الحياة الاقتصادية وعلى المجتمعات الإنسانية التي تعيش في ظل وجود إحدى هاتين الظاهرتين أو كليهما، فمن أبرز تأثيرات ظاهرة الكساد ارتفاع نسبة البطالة، ونقص الإنتاجية في الأسواق، وإفلاس بعض الشركات، وتراجع الاستثمار بسبب انخفاض الثقة الائتمانية.
أمّا في ظاهرة التضخم فإنّ التأثير المباشر يتمثل في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ما يعني تراجع قدرة الأفراد على اقتنائها، ووجود حالة من الغلاء المعيشي، وبالرغم من ذلك فإنّ بعض السياسات الاستهلاكية قد تؤدّي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات بسبب توقع استمرار ارتفاع أسعارها.