يُعدّ الانقلاب الشمسي نتيجة لدوران الأرض والكواكب حول نفسها وحول الشمس، حيث تستغرق الأرض 365 يومًا لإتمام دورة كاملة حول الشمس في مدار إهليلجيّ وليس دائريّ، ما يُغيّر المسافة بينهما على مدار السنة بمتوسط يبلغ 93 مليون ميلًا، ويُسبّب الميل المحوريّ الثابت للأرض ودورانها حول الشمس تعاقب الفصول الأربعة.
حيث تسقط أشعة الشمس بزوايا مختلفة على الأرض، مُوزّعةً كميات غير متساوية من الحرارة والضوء، فعندما يميل نصف الكرة الأرضية الشمالي نحو الشمس، تزداد كمية وشدة الضوء والحرارة عليه، فيحلّ فصل الصيف في هذا النصف بينما يحلّ الشتاء في النصف الجنوبي المقابل، وبعد حوالي نصف مدة الدورة الكاملة (6 أشهر) يحدث العكس.
ما هو الانقلابين؟
يُوصَف الانقلاب الشمسي (Solstice) بأنه حدث شمسي تبلغ فيه الشمس أقصى نقطة لها شمالًا أو جنوبًا بالنسبة لخط الاستواء، مشيرًا إلى تغير الفصول على الأرض، والكلمة مشتقة من اللاتينية “solstitium” حيث “sol” تعني “الشمس” و “stitium” تعني “الوقوف ساكنًا”، وقد أتت هذه التسمية لأن حركة الشمس أثناء انحرافها تبدو وكأنها تتوقف للحظة عند حدوث الانقلاب.
يُقصد بمصطلح الانقلابين الانقلاب الصيفي والانقلاب الشتوي اللذان يحدثان في قطبيّ الأرض، فعندما يحدث الانقلاب الصيفي في أحد القطبين يحدث الانقلاب الشتوي في القطب الآخر، ويختلف الانقلابان من حيث علاقتهما بالمواسم وبموقع الشمس بالنسبة لخطّ الاستواء وتأثيرها المختلف على نصفيّ الكرة الأرضيّة.
الانقلاب الشتوي والصيفي
يُعدّ الانقلاب الشتوي في نصف الكرة الأرضية الشمالي، الذي يحدث في 21 أو 22 ديسمبر، أقصر أيام السنة الأرضية المدارية المؤلفة من 365 يومًا، وهو يُنذر بقدوم الشتاء في نصف الأرض الشمالي والصيف في نصفها الجنوبي، بينما يُعدّ الانقلاب الصيفي، الذي يحدث في نصف الكرة الشمالي في 20 أو 21 يونيو، أطول أيام السنة، مُعلنًا حلول الصيف فيها والشتاء في نصف الكرة الجنوبي.
عند حدوث الانقلاب الصيفي في نصف الأرض الشمالي، تتعامد أشعة الشمس مع خط العرض 23.5 شمالًا، بينما في الانقلاب الشتوي تكون الشمس مباشرة فوق مدار الجدي، مع العلم أن الانقلابات تحدث في جميع أنحاء العالم في الوقت ذاته، لكن أوقاتها المحلية تتغير تبعًا للمناطق الزمنية.
خلال الانقلاب الشمسي لنصف الكرة الشمالي في شهر يونيو، المعروف بالانقلاب الصيفي، تكون أشعة الشمس عمودية على مدار السرطان، أي أن النقطة الشمسية الفرعية، وهي النقطة على سطح الأرض التي تصلها أشعة الشمس بشكل عمودي تمامًا، تكون في أقصى نقطة شمالية ممكنة عند خط عرض 23.5 درجة شمالًا.
في الانقلاب الشمسي لنصف الكرة الشمالي في شهر ديسمبر، تكون أشعة الشمس عمودية على مدار الجدي، بحيث تصل النقطة الشمسية الفرعية إلى أقصى نقطة جنوبية ممكنة عند خط عرض 23.5 درجة جنوبًا.
الاعتدالان والانقلابان
يتخلل الانقلابين حدوث أحد الاعتدالين، الربيعي أو الخريفي، فبعد الانقلاب الصيفي في (20 أو 21) يونيو في نصف الكرة الشمالي، يحدث الاعتدال الخريفي في 23 سبتمبر مُحددًا بداية الخريف، يليه الانقلاب الشتوي في (21 أو 22) ديسمبر في نصف الكرة الشمالي، الذي يتبعه الاعتدال الربيعي في 21 مارس مُعلنًا حلول الربيع، والاعتدالان الربيعي والخريفي هما أيام يتساوى فيها طول الليل والنهار، لأن أشعة الشمس تكون عمودية على خط الاستواء مُباشرةً.
أثناء دوران الأرض حول الشمس على مدار عام، يتغير ميل محورها فتارةً يتجه نصف الكرة الأرضية نحو الشمس وتارةً أخرى يبتعد عنها، وهذا التغير في ميل المحور هو ما يُسبب تعاقب الفصول.
نتيجة لميل محور الأرض بحوالي 23.4 درجة، تمر الأرض أثناء دورانها حول الشمس بعدة نقاط مفصلية هامة، ينتج عنها الاعتدالان الخريفي والربيعي والانقلابان الصيفي والشتوي؛ فالاعتدال يحدث مرتين سنويًا عندما لا يكون ميل محور الأرض باتجاه الشمس تمامًا ولا بعيدًا عنها، فيتساوى الليل والنهار، وعندما يكون الاعتدال صيفيًا في النصف الشمالي يكون خريفيًا في النصف الجنوبي بين شهري مارس وسبتمبر.
بينما في الانقلابين الصيفي والشتوي يكون النهار أطول من الليل في الانقلاب الصيفي الذي يبدأ في 21 يونيو، مؤشرًا لبداية فصل الصيف في المناطق الشمالية للكرة الأرضية، ويكون العكس في الانقلاب الشتوي حيث تكون مدة الليل هي الأطول، مؤشرًا لبداية فصل الشتاء.
احتفال البشر بالانقلابين
احتفل البشر منذ القدم بالانقلابين الشتوي والصيفي، مُبجلين الظواهر الطبيعية، ومن أمثلة ذلك نصب ستونهنج في بريطانيا، الذي بُني منذ حوالي خمسة آلاف عام، والذي يُعتقد أنه كان تجمعًا للاحتفال بالانقلاب الصيفي حيث تتعامد أشعة الشمس على الأحجار المعلقة.
كما بنى المصريون الأهرامات العظيمة في الجيزة بشكل محاذٍ لبعضها البعض، حيث تغيب الشمس بين هرمي خوفو وخفرع في فترة الانقلاب الصيفي في مشهد مهيب، بينما تستقبل الدول الإسكندنافية الانقلابين بحفلات الرقص وارتداء أطواق الزهور وممارسة بعض الطقوس الوثنية كالرقص حول النار والقفز فوقها لضمان الحظ السعيد والصحة والشباب الدائم.
تواريخ الانقلابين وتغيرها حول العالم
تختلف تواريخ الانقلابين باختلاف المنطقة الزمنية، حيث قد يحدث انقلاب يونيو في 20 أو 21 أو 22 يونيو، ويعود ذلك إلى نظام التقويم المتبع، فالتقويم الغربي الغريغوري (الميلادي) الذي تتبعه معظم دول الأرض يتألف من سنة مدارية من 365 يومًا وسنة كبيسة من 366 يومًا، كما أن الحركة الدورانية والمدارية للأرض في مدارها الإهليجي، والتي تتم بدقة يوميًا، تتأثر بالكواكب الأخرى فتحدث ذبذبات في محور الأرض تساهم في تغيير تواريخ الانقلابين.
يقع الكثيرون في خطأ الاعتقاد بأن الانقلابين والاعتدالين يقسمان العام المداري إلى أربعة فصول متساوية المدة، بينما الحقيقة هي أن الفصول غير متساوية الطول؛ فنتيجةً للسرعة المتغيرة للأرض في مدارها الإهليجي حول الشمس، تستغرق الأرض 92.8 يومًا للانتقال من الاعتدال الربيعي في 21 مارس إلى الانقلاب الشمسي في يونيو.
ثم 93.6 يومًا للانتقال إلى الاعتدال الخريفي في 23 سبتمبر، و89.8 يومًا بعدها لحدوث انقلاب ديسمبر، وأخيرًا 89 يومًا للعودة إلى اعتدال مارس، ما يعني أن الربيع والصيف في النصف الشمالي من الأرض يدومان أطول من الخريف والشتاء.
اكتشاف المزيد من عالم المعلومات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.