يُعتبر تخصص التاريخ من بين التخصصات الأكاديمية النادرة والشغفية للغاية في المجتمعات العربية، حيث يندر أن يصادف المرء أفرادًا اختاروا الالتحاق بكليات أو أقسام التاريخ في الجامعات لدراسة هذا المجال بعمق. ومع ذلك، يُلاحظ إقبال آلاف الأشخاص الشغوفين بالتاريخ سنويًا على المؤسسات التعليمية المتخصصة في تدريس هذا العلم، ممّا يُظهر وجود اهتمام متزايد بهذا المجال رغم قلّة الإقبال عليه كخيار دراسي تقليدي.
إنّ الدافع الأساسي لدراسة التاريخ ينبع في المقام الأول من الشغف والرغبة في فهم الماضي واستكشافه، بينما تأتي الاعتبارات المتعلقة بالعمل والحياة المهنية في مرتبة لاحقة، وهي نقطة جوهرية يجب على كلّ طالب تاريخ أن يرسّخها في ذهنه ويدركها جيدًا طوال مسيرته الدراسية وحتى تخرّجه.
في هذا السياق، سنتناول الحديث بتفصيل أوسع عن تخصص التاريخ، مُسلّطين الضوء على طبيعة الدراسة في هذا التخصص والمناهج المُعتمدة، بالإضافة إلى استعراض مُفصّل لفرص العمل المُتاحة لخريجي هذا التخصص، وكذلك الخيارات المُتاحة لمُواصلة الدراسات العُليا والتخصّص في مجالات أعمق ضمن علم التاريخ.
ماذا تدرس في تخصص التاريخ؟ ولماذا عليك أن تختاره؟
كما ذكرنا سابقًا، تنقسم دراسة التاريخ إلى مسارين متوازيين، أحدهما يركز على التاريخ الوطني والآخر يتناول التاريخ العالمي. ففي السنة الدراسية الأولى، ينخرط الطالب في استكشاف موجز لتاريخ وطنه الأم، بالإضافة إلى تلقي مواد تمهيدية تأسيسية في علم التاريخ.
يشمل هذا عادةً دراسة مواضيع أساسية مثل تاريخ مصر القديمة (أو تاريخ البلد الأم)، والتاريخ العربي بشكل عام، مع التركيز بشكل خاص على الفترة السابقة للإسلام، بالإضافة إلى تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، وتاريخ الحضارة اليونانية، وتاريخ آسيا، وتاريخ شعوب الشرق الأدنى القديم. من الجدير بالذكر أن دراسة تاريخ هذه الحضارات تقتصر في هذه المرحلة على فترة زمنية محددة تعتبر بمثابة نشأة وبداية ازدهار تلك الحضارات، على أن يتم استكمال دراسة تطورها التاريخي في السنوات الجامعية اللاحقة.
بالتوازي مع ذلك، يدرس الطالب مواد عامة داعمة مثل اللغة العربية (بفروعها الأدب والنحو والصرف) وعلوم الحاسب الآلي، وهي مواد تهدف إلى تعزيز كفاءته في المجال. كما يختار الطالب في هذه المرحلة دراسة إحدى اللغات القديمة أو الحديثة، سواء كانت لغة يونانية أو لغة شرقية، مثل اليونانية أو اللاتينية أو العبرية أو الفارسية أو التركية.
في السنة الدراسية الثانية، يتوسع الطالب في المحتوى التاريخي الذي يدرسه، حيث يستكمل دراسة التاريخ من النقطة التي توقف عندها في السنة الأولى. في هذه المرحلة، يتعمق الطالب في دراسة تاريخ الدولة العثمانية والدولة الأموية، وتاريخ وحضارة الرومان في العصر الإمبراطوري، وكذلك تاريخ النبوة والخلافة الراشدة في العصر الإسلامي، مع الاستمرار في دراسة بعض المواضيع التي بدأها في السنة الأولى، مثل تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، بالإضافة إلى مواصلة دراسة لغة شرقية ولغة أوروبية بشكل متوازٍ.
أما في السنة الدراسية الثالثة، فيتخصص الطالب في لغة واحدة فقط، إما شرقية أو أوروبية، ويستمر في دراستها خلال السنتين الثالثة والرابعة. في هاتين السنتين، ينتقل الطالب من دراسة بدايات الحضارات ونشوء الفكر والمنطق إلى مرحلة التاريخ الحديث، حيث يدرس التاريخ العربي الحديث، وتاريخ أوروبا الحديث، والحروب الصليبية، وتاريخ وطنه الأم الحديث أيضًا، بالإضافة إلى دراسة بعض المواد الفرعية مثل الجغرافيا السياسية ومنهج البحث التاريخي.
وأخيرًا، ينتقل الطالب إلى دراسة التاريخ المعاصر، حيث يدرس الأحداث الجارية، وبذلك يختتم دراسته للتاريخ بشكل عام. من الضروري الإشارة إلى أهمية قراءة ودراسة الكتب والمراجع المتنوعة أثناء الدراسة الجامعية وبعد التخرج، وذلك بهدف تعميق المعرفة وتوسيع المدارك، مما يساهم في تعزيز فرص الحصول على عمل بعد التخرج. يُنصح بشدة بقراءة كتاب “قصة الحضارة” للفيلسوف والمؤرخ الراحل ويل ديورانت، كمرجع قيّم لإثراء المعرفة التاريخية.
مجالات العمل بعد التخرج من تخصص التاريخ
- معلم التاريخ، ومعلمو المدارس المتوسطة والثانوية باستثناء التعليم الخاص أو المهني، أو ما بعد التعليم الثانوي
- المؤرخون
- العمل في التقييم الفني
- علماء الآثار
- مرشد سياحي ومرافقة
- مدرسون لمادة الدراسات العرقية والثقافية لمرحلة ما بعد المدرسة
- معلمو العلوم السياسية والجغرافيا والفلسفة والأديان فيما بعد التعليم الثانوي
- علماء الأنثروبولوجيا وعلماء الآثار
- فنيو المتحف ومراقبونه
- علماء وأخصائيون بيئيون
- علماء الجيولوجيا، ما عدا علماء الهيدرولوجيا وعلماء الجغرافيا
- علماء الغلاف الجوي وعلوم الفضاء
مجالات الدراسات العليا المتاحة
الدراسات العُليا متاحة بالطبع، فيمكنك التدرج من خانة البكالوريوس، إلى خانة الماجستير، ثم الدكتوراة، ثم الزمالة. وتلك الزمالة على وجه الخصوص تكون بالبلدان الأجنبية عن طريق برامج الزمالة العلمية (وتكلفتها باهظة، إلَّا إذا حصلت على منحة مدفوعة كليًّا أو جزئيًّا).
الأسئلة الأكثر شيوعاً حول التاريخ
هل قسم التاريخ له مستقبل؟
يعتبر تخصص التاريخ من التخصصات المطلوبة إلى حد ما، وذلك يعود إلى طموح الدارس بعمل ما، هل يريد المتابعة في الدراسة وتثقيف نفسه والاستفادة من خبراته في مجالات أخرى خارج الإطار التدريسي، أم أنه اختار دراسة فرع جامعي للحصول على شهادة جامعية ومن ثم البحث عن أي فرصة عمل متوفر.
ما هي مجالات علم التاريخ؟
يتضمن علم التاريخ العديد من الأفرع، فهول لفظ شمولي للعديد من الأقسام، مثل التاريخ الدبلوماسي، والتاريخ الاجتماعي، والتاريخ السياسي، كذلك التاريخ الاقتصادي والتاريخ الفكري والتاريخ الثقافي.
ما هي دراسة التاريخ؟
يدرس التاريخ الحقائق عن الماضي الحديث أو السحيق، ويقوم الدارس بتتبع الأحداث ومعرفة سياقاتها التاريخية للتوصل إلى محاولة تفسيرها عبر منهج البحث التاريخي الذي يتضمن عدة طرق يتمكن الباحث خلالها من الوصول إلى الحقائق التاريخية، ومعرفة القصة الكاملة للحدث الذي يبحث فيها سواء كان عن الحضارات أو عن الشخصيات والوقائع.
كم عدد ساعات تخصص التاريخ؟
تتطلب الجامعة 27 ساعة معتمدة، تقسم إلى 18 ساعة إجبارية و9 ساعات اختيارية.
ما هي وظائف خريجي التاريخ؟
دارس التاريخ يستطيع العمل في العديد من الفرص الوظيفية، فهناك كتابة المحتوى التاريخي، والأبحاث التاريخية، والعمل في مجال الصحافة والإعلام، أيضاً في مجالات السياحة كأن يصبح دليلاً سياحياً للمواقع الأثرية، إلى جانب العمل في السلك التدريسي، ومجال المتاحف والآثار وحفظ التراث وكل المجالات التي تتطلب التعامل مع الآثار والحضارات القديمة، إضافة إلى العمل بالتدريس سواء الجامعي أو المدرسي.
ما هي مواد تخصص التاريخ؟
ماذا تدرس في تخصص التاريخ؟، جواب هذا السؤال يكون تبعاً للبلد الذي تدرس فيه، فكل بلد يركز على دراسة التاريخ المتعلق به بشكل خاص، ومن ثم التعرف إلى التواريخ المهمة على مستوى العالم، على سبيل المثال في مصر، ستدرس تاريخ مصر القديمة، وتاريخ العرب عموماً، من فترة ما قبل الإسلام وحتى مجيئه، وسيتضمن مجال دراستك في التاريخ دراسة حضارات غربية مثل الحضارة اليونانية وتاريخ أوروبا، وآسيا وتاريخ كل الشعوب الشرقية القديمة.
ماذا يسمى من يدرس التاريخ؟
يسمى خريج التاريخ تبعاً للعمل الذي يقوم فيه، مثلاً من اختار العمل بالتدريس يسمى مدرس، ومن اختار العمل بالسياحة يسمى دليلاً سياحياً، لكن عموماً يطلق على خريج التاريخ لقب المؤرخ، وهو الشخص الذي يكتب ويدون عن التاريخ ويعتبر المرجع الأفضل في حال اردنا معرفة تاريخ ما أو راودنا سؤال صعب عن التاريخ.
ما هي مواد كلية آداب قسم تاريخ؟
هناك عدة مواد، مثل تاريخ العرب قبل الإسلام، وتاريخ الدولة الفرعونية القديمة، والفكر الإنساني وغيرها.
ما هي خصائص علم التاريخ؟
علم التاريخ هو كتابة التاريخ ودراسته، خصوصاً الدراسات التاريخية القائمة على النقد وتحليل المصادر والتشكيك بها ريثما يتم التوصل للحقيقة بناء على المعطيات وليس بناء على المعلومات السائدة.
اكتشاف المزيد من عالم المعلومات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
