صلاة الفجر والعصر: مفتاح الجنة ونور الدرب. هل تساءلت يومًا عن السر وراء تأكيد الإسلام على أداء هاتين الصلاتين في أوقات محددة؟ دعنا نستكشف معًا الفضائل العظيمة التي تختبئ وراء هذين الركنين الأساسيين من الإسلام، وكيف يمكنهما أن يغيرا حياتنا للأفضل.
عظّم الإسلام من شأن الصّلاة كونها عمودًا رئيسًا وركنًا من الأركان التي بُني عليها الإسلام، وقد وجب على أمّة المسلمين خمس صلواتٍ مفروضات بيّن وجوبها الله سبحانه في مواطن عديدة من القرآن الكريم، قال تعالى في سورة البقرة: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، و قد روى معاذ بن جبل -رضي الله عنه- في الحديث الحسن الصّحيح عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد”، ولقد جعل الإسلام الصّلاة أعظم فريضة بعد شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدًا عبده ورسوله، وجعل للمؤمنين المحافظين على صلاتهم الأجر العظيم.
وقد رُوي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الصّحيح: “إن أولَ ما يُحاسبُ به العبدُ يومَ القيامةِ من عملهِ صلاتهُ ، فإن صلحتْ فقدْ أفلحَ وأنجحَ، وإن فسدتْ فقد خابَ وخسرَ، فإن انتقصَ من فريضَةٍ شيئا، قال الربّ سبحانهُ وتعالى: انظروا هلْ لعبدِي من تَطوعٍ فتكملْ به ما انتقصَ من الفريضةِ، ثم يَكُونُ سائر أعمالهِ على هذا”، وقد بيّن الله سبحانه في القرآن الكريم الفوز العظيم بجنّات النّعيم للمحافظين على صلاتهم، قال تعالى في سورة المعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ*أُولَٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ}، وفي المقابل أوضح النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حكم التّهاون بها بقوله في الحديث الصّحيح: “إنَّ العهدَ الَّذي بيْنَنا وبيْنَهم الصَّلاةُ فمَن ترَكها فقد كفَر”.
فضل صلاة الفجر والعصر
تعد صلاتي الفجر والعصر من الصلوات الخمس المفروضة على المسلم وتتميز صلاة العصر أنها الصلاة الوسطى وقد ذكر في محكم التنزيل ما يدل على حث المسلمين على أدائها في وقتها فقد قال سبحانه وتعالى “حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين” وفي هذه الآية في أمر من الله سبحانه وتعالى بضرورة الحفاظ على أداء جميع الصلاة بوجه عام وصلاة العصر بوجه خاص مما يدل على أن فضل صلاة العصر عظيم وثوابها كبير ومن فضائل صلاة الفجر والعصر ما يأتي:
- أنه من صلى الفجر والعصر في وقتهما حرم جسده على النار لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح: من صلى البردين دخل الجنة”.
- أنه من صلى الفجر والعصر سوف يدخل الجن دون عقاب ولا سابقة عذاب وذلك وفقا لما جاء في حديث عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ” وها يعني صلاتي الفجر والعصر.
- إن فضل صلاة العصر كبير وذلك لأنه سبحانه وتعالى قد اختصها في قوله تعالى “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ” وقد فضلها الله سبحانه وتعالى لأن الناس في هذا الوقت يكونون منشغلين بأمور الدنيا وفي صلاة الفجر يكونون في حالة من النوم لعمي.
- أنه من صلى الفجر والعصر في جماعة كتبه الله تعالى من الساجدين الراكعين وإذا مات بعد أدائها نادت الملائكة ربها فقالت يا رب جئنا عبدك فلان بن فلان وهو يصلي وتركناه وهو يصلي حيث إن هذين الوقتين تتناوب الملائكة على العباد.
- إنه من أدى صلاة العصر وصلاة الفجر في وقتها شهدت له الملائكة عن الله سبحانه وتعالى. أن الدعاء بعد الانتهاء من صلاة الفجر وصلاة العصر من الأدعية المستجابة.
سنن صلاة الفجر
صلاة الفجر أو ما تُعرف بصلاة الصّبح هي واحدة من الصّلوات الخمس المفروضة، وكغيرها من الصّلوات لها من النّوافل التي سنّها النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- للتّزوّد من خيراتها، فقد ورد في كتب السنّة النبويّة أنّ لصلاة الصّبح ركعتان نافلتان تُؤدّى قبل صلاة الفجر، وقد روت السيّدة عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- في صحيح البخاري: “لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى شيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أشَدَّ منه تَعَاهُدًا علَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ”، كما سنّ النبيّ الذهاب إلى المساجد مشيًا لما له من البشرى العظيمة بالنّور التّام يوم القيامة، إضافةً إلى الوصول باكرًا للمسجد وألّا يضيع المرء تكبيرة الإحرام، وبعد نهاية الصّلاة يجلس في مصلّاه ويتلو أذكار الصّلاة وأذكار الصّباح.
الترهيب من تَرْك صلاة العصْر
حذّر الشارع الحكيم من التهاون في أداء صلاة العصْر، أو التشاغل عنها، يدلّ على لك ما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (الذي تَفُوتُهُ صَلَاةُ العَصْرِ، كَأنَّما وُتِرَ أهْلَهُ ومَالَهُ)، أي أنّ على المُسلم الحذر والخوف من تضييع أداء صلاة العصر كالخوف من تضييع الأهل والمال.
أهميّة أداء الفرائض
افترض اللهُ -سُبحانه وتعالى- على عباده عّدة فرائضَ، وجعلها أفضل القُرباتِ التي يُتقرَّب بها إليه، بل جعل أهلها القائمين بها على وجهها من أوليائِه، كما ثبت في الصحيح أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه…)، وتجدر الإشارة إلى أنّ الفرائض على درجاتٍ، فليست كلُّها مرتبةً واحدةً، وإنّ أعلاها منزلةً وأعظمَها في تقريب العبد من مولاهُ فريضةُ الصلاةِ، كما قال -سُبحانه-: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب)، وقال النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).