تُعرفُ الدول العظمى أيضاً بِمُسمى (مجموعة الثمانية)، كما يُطلقُ عليها باللغةِ الإنجليزيّة (Group of Eight)، والذي يعرفُ اختصاراً بالرمز (G8)، وهو مُصطلحٌ يُستخدمُ للإشارةِ إلى مجموعةٍ من الدُول الكُبرى التي تمتلكُ قوةً اقتصاديّة، وصناعيّة تؤثرُ في الاقتصادِ الدوليّ؛ إذ يُشكلُ معدلُ اقتصاد هذه الدُول معاً نسبة 65% من إجماليّ نسبة الاقتصاد العالميّ، وتحرصُ هذه الدول على عقدِ قمةٍ سنويّة من أجل متابعة الوضع الاقتصاديّ العالمي، والعوامل المؤثرة فيه مثل: الأزمات الماليّة، والحروب الدوليّة، والصراعات الإقليميّة بين الدول.
مواصفات الدول العظمى
تتميز الدولة العظمى بمجموعة من الصّفات التي تفتقر لها غيرها، والتي تمكّنها من توليّ دور القيادة لسائر بلدان العالم، وهذه الصّفات هي:
- القوّة العسكريّة: تتفرّد الدول العظمى بقوّة عسكريّة عظيمة متينة تجعلها محط رهبة، وتتمكّن من خلالها أن تقوم بأي تدخّل عسكري في أي وقت تريد.
- القوّة الاقتصاديّة: تمتلك الدول العظمى قاعدة اقتصاديّة قويّة تمكّنها من التّحكّم بالاقتصاد العالمي وتوجيهه حسب مصالحها.
- القوّة الحضاريّة: تتمتّع الدول العظمى بحضارة عريقة تسعى جاهدةً إلى الحفاظ عليها ونشرها.
- القوّة الثّقافيّة: تنشط في الدول العظمى مظاهر الثّقافة والعلم.
- القوّة الاجتماعيّة: تمكّن الدّولة العظمى لنفسها على المستوى الداخلي قبل الاتّجاه إلى الخارج وذلك من خلال الحصول على رضا الشّعب.
- اتّساع رقعة الدّولة: يوفّر اتّساع رقعة الدولة مجموعة من المقوّمات التي تجعلها دولة غنيّة على جميع الأصعدة.
- السّيطرة والتّحكّم: تتمتّع الدول العظمى بنفوذٍ واسعٍ على نطاق العالم، فتوجّه بلدانه حسب إرادتها وتنصاع البلدان لأوامرها.
- القوّة العمرانيّة: تتمثّل بالنشاط العمراني الذي يجعل منها مركزًا يستقطب الناس.
الدول العظمى على مر التاريخ
لقد اشتهرت مجموعة من الدّول على مرّ العصور واتّصفت بالعظمة، وقد كان لكلّ دولة ما جعلها عظيمة، وأهم الدّول العظمى على مرّ التّاريخ هي:
- الإمبراطورية الفارسية
تأسّست الإمبراطوريّة الفارسيّة سنة 559 قبل الميلاد على يد الحاكم قورش، وقد كانت بداياتها عبارة عن مجموعة صغيرة من القبائل التي عاشت على أرض فارس، ثمّ توسّعت بعد ذلك لتمثّل بعظمتها وقوّتها الإمبراطوريّة الفارسيّة، وتقع هذه الإمبراطوريّة في شرق شبه الجزيرة العربية وشمالها، وتعدّ من أعظم الدّول التي جاءت قبل العصر الإسلامي، أمّا عن الأسباب التي جعلت من الإمبراطورية الفارسيّة دولة عُظمى فهي تفوّقها في جميع المجالات، ففي مجال الزراعة كانت أراضي فارس خصبةً، وقد استغلّ قاطنوها ذلك وعملوا على زراعتها، وبنوا السّدود، وبرعوا كذلك في صناعة الأسلحة والأقمشة والسّجّاد.
ازدهرت بلاد فارس تجاريًّا بسبب موقعها الاستراتيجي في منتصف طريق التّجارة، ونشطت فيها الحركة المعمارية التي كانت قد تأثّرت بشكلٍ كبير بالحضارتين اليونانية والمصريّة، ولعلّ أبرز المعالم الحضاريّة التي تركوها المنازل المنحوتة في الجبال، والممرات المائيّة، والنصب التّذكارية الضّخمة في العراق، وبنوا أيضًا العديد من المقابر والقصور، وهكذا كانت الإمبراطوريّة الفارسيّة آنذاك مركزًا حضاريًا وثقافيًّا وتجاريًّا وعمرانيًّا، وقد كانت دولة عظمى منذ تحولها إلى إمبراطورية حتى مجيء الإسلام الذي أنهى وجودها في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
- الإمبراطوريّة اليونانية
الإمبراطوريّة اليونانية هي إمبراطورية ضخمة وواسعة بدأت في اليونان القديمة سنة 478 ق.م، ثمّ استمرّت بعد ذلك إلى أن صار اسمها الحضارة الهيلينيّة والتي بدأت سنة 323 ق.م، وصولًا إلى الإمبراطوريّة اليونانيّة في العصور الوسطى، وقد امتازت الإمبراطوريّة اليونانية بمجموعة من السمات الطّبيعيّة والاقتصاديّة والبشريّة التي جعلت منها دولة عظمى؛ فمع أنّ الإمبراطوريّة اليونانيّة امتلكت أرضًا جبليّة قسمتها عدّة أقسام، وكذلك تربة غير خصبة بشكل كامل في المناطق السهليّة، لكن عوّض ذلك كلّه موقعها على البحر المتوسّط، فقد سهّل لها الملاحة البحريّة.
ظهرت في التّاريخ اليوناني مجموعة من المظاهر الفنيّة مثل المسرح اليوناني والأدب المسرحي في أثينا، وقد كان لذلك المسرح مقوّماته الخاصّة به، سواء أكانت مقوّمات ماديّة أم مقوّمات بشريّة، وكذلك امتازت الإمبراطوريّة اليونانية بفكرٍ سياسي لم يسبقها أحدٌ إليه؛ فقد عالجت القضايا علاجًا منطقيًّا بعيدا عن الإطار الدّيني.
ضُمّنت جميع تلك الأفكار ضمن الأعمال الأدبيّة والمسرحيّة التي كتبت في ذلك العصر، ومن المظاهر الفنيّة التي نشطت آنذاك تخطيط المنازل تخطيطًا هندسيًّا بخلاف المدن التي نمت نموًا عشوائيًا، كما نشط النحت والتّصوير، وقد استخدم اليونانيون للتّصوير الرسم بالألوان المائيّة على الجص، بالإضافة إلى الصّناعات المعدنيّة.
- الإمبراطورية الرومانية
تأسّست الإمبراطورية الرومانية في مدينة روما الإيطالية، وقد امتدت هذه الحضارة لتشمل المملكة الرومانية والجمهورية الرومانية والإمبراطورية الرومانية الغربية، فقد بدأت بشكل صغير ثم نمت وتوسّعت لتصبح واحدة من أكثر الإمبراطوريات اتساعا في العالم، وقد ضمّت قوّة بحرية وبرية لا يستهان بها، وأقامت الطرق لتسهيل عملية التجارة فأصبح التنقل أسهل.
توسّعت علاقاتها التجارية فشملت البحر والبر، ونشطت الأعمال العمرانية فيها فبنى الرومان القوس والقبة والجسور المتينة والكبيرة، وأشهر تلك الجسور جسر تاجان تراجانوس الذي بني على نهر الدانوب. ويمكن القول إنّ الإمبراطورية الرومانية التي امتدّت من عام 27 قبل الميلاد وانتهت عام 476م كانت إحدى الدول العظمى منذ نشوئها إلى ما قبل سقوطها بنحو مئتي عام، وتحديدًا مع ظهور ما كان يُعرف بـ”أزمة القرن الثالث”.
- الدولة الإسلامية في عهد الرسول والخلفاء الراشدين
نشأت الدولة الإسلاميّة عند بدء دعوة الرسول محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بعد نزول الوحي، وقد استطاع أن يبلّغ الإسلام إلى مساحاتٍ واسعةٍ من البلدان، وكذلك انضوت كثير من الدّول تحت لواء الإسلام، ولمّا اتّسعت رقعة الدّولة الإسلاميّة كان لا بدّ من وجود نظام سياسي قوي ومتين يحكمها، فاعتمد ذلك النظام على ما جاء من أسسٍ في القرآن الكريم، وقد كان المجتمع الإسلامي أيضًا متحابًّا ومتراصًّا، فقد اعتمد ذلك المجتمع على الأخوة الإسلاميّة، والوقوف إلى جانب الضّعيف إلى أن ينال حقّه.
كان المسلمون على المستوى الداخلي متحابين أقوياء، وذلك لأنّ النبي محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- اعتمد بدايةً على التّأهيل والتّأديب النفسي للناس، وبقي كذلك إلى أن أصبحوا جاهزين للتضحيّة بأنفسهم في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى، فاستطاع بذلك أن يخلق مجتمعًا متينًا يتمتّع برأيٍ واحدٍ، أمّا فيما يتعلّق بالعلاقات مع الدّول المجاورة، فقد اعتمد النبي مبدأ تحقّق المصلحة ودرء المفسدة، سواء أكان الخيار حربًا أم سلمًا.
بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- استلم الخلفاء الراشدون زمام الحكم الإسلامي وقد استمرّوا بعد نبيّهم -عليه الصلاة والسلام- بتطبيق النظام الإسلامي، الذي اتسم بالعدل والإنصاف، فقد اعتمدوا على مجموعة من القواعد في اختيار الحاكم، كما طبّقوا نظام الشّورى الذي يعتمد على المشاورة وأخذ الرأي والاستفتاء، واهتمّ الخلفاء الراشدون بمصادر الدّولة الماليّة من زكاة وخراج وغنائم، وقد اهتمّوا ببناء المساجد والسّدود، وحفروا الأنهار واهتمّوا بالجيش والمعسكرات، واعتنَوا بالتّعليم أيّما عناية، ولا سيّما أنّ الدّعوة الإسلاميّة قد بدأت بالدّعوة إلى التّعلّم بقول الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.
اتّصفت تلك المدة التي كان فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- على قيد الحياة ومن بعده الخلفاء الراشدون عمومًا بالقوّة والاستقرار؛ فقد استطاع الخلفاء الراشدون جميعهم الإمساك بزمام الحكم بأفضل صورة، ويمكن القول إنّ هذه الدولة قد صارت قوّة عظمى -بالمعنى المصطلح عليه- منذ فتح النبي -عليه الصلاة والسلام- مكة المكرمة نحو عام 8 للهجرة 630 للميلاد، وبلغت أوج عظمتها في عهد الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه، وبقيت تمثّل قوّة عظمى حتى تنازل آخر خليفة من خلفائها وهو علي بن أبي طالب عن حكمه لمعاوية -رضي الله عنهما- سنة 41 للهجرة 661 للميلاد.
- الدولة الأموية
تعد الدّولة الأمويّة أكبر الدول الحاكمة في التّاريخ، فقد بدأ حكم الأسرة الأمويّة سنة “41هـ – 662م”، وهي أوّل أسرة حكمت بعد الخلفاء الراشدين، وكانت عاصمتها دمشق، وقد تأسّست على يد معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-، وبلغت اتساعًا كبيرًا لا سيّما في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك، إذ أصبحت حدودها تمتدّ من أطراف الصّين شرقًا حتّى جنوب فرنسا غربًا، كما استطاعت بسط سيطرتها على إفريقيا والمغرب والأندلس وجنوب الغال والسّند وما وراء الهند، فقد تميّز العهد الأموي بكثرة الفتوحات، سواء في بلاد الروم أم في الشّمال الإفريقي والأندلس، والتي كان أهمّها فتح الأندلس على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير.
أصبحت الدّعوة الإسلاميّة دعوة عالميّة بسبب السّياسة التي اتّبعها الأمويون في البلاد، فقد مالوا إلى المعاملة الحسنة بالإضافة إلى إشراك سكان المناطق المفتوحة بأمور الحكم، ممّا جعلهم يدينون لهم بالولاء، وكذلك نشطت الحركة العمرانيّة، وكان أكثرها شهرةً توسيع المسجد النبوي بالإضافة إلى بناء الجامع الأموي.
سعت الدّولة إلى تحسين أوضاع أفرادها، ممّا جعلها تكسب ثقتهم وولاءهم لها، وأنشأت كثيرًا من الدواوين الخاصّة بتسيير شؤون البلاد، وبنوا نظامًا اقتصاديًّا متينًا اعتمدت عليه البلاد، ووضعوا القوانين بما يتوافق مع شريعة الدّين الإسلامي الذي يقوم على نشر العدل، وقد بقيت الدولة محافظة على قوتها وعظمتها منذ تأسيسها وحتى سقوطها على يد العباسيين، مع أنّ الخلفاء في النهاية صاروا ضعفاء إلّا أنّ صورتها الخارجية لم تهتز وإنّما تمزّقت داخليًّا حتى وفاة آخر خلفائها مروان بن محمد وسقوط الدولة سنة 131هـ.
- الدولة العباسية
الدّولة العباسيّة هي ثالث دول الخلافة الإسلاميّة في التّاريخ، فكانت الدّولة العباسيّة بدايةً عبارة عن مجموعة من الأشخاص الذين يرجع نسبهم إلى العباس بن عبد المطّلب عمّ النبي محمّد -صلى الله عليه وسلّم- قد اجتمعوا وخططوا لنقل الحكم إلى الأسرة العباسية من قريش، وتعود هذه الدّعوة إلى محمّد بن علي بن عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنهما- وابنه إبراهيم، بدأت بدعوة سرية في خراسان حتى بويع أبو العبّاس خليفةً لدعاتها، وقد كان العهد الذّهبي للدّولة العبّاسيّة في عهد الخليفة هارون الرشيد، إذ اهتمّ بالإصلاحات الدّاخليّة، وبنى المساجد والقصور، واستُعمل القنديل في عهده لأوّل مرّة لإنارة الطرقات.
حصل تطورٌ ملحوظٌ أيضًا في مجال العلوم، لا سيّما الفيزياء، وصارت هنالك طفرة في الاختراعات الجديدة كالسّاعة المائيّة مثلًا، وقد شجّع الرشيد التبادل التجاري بين الولايات، وحمى طرق التّجارة التي تمر بها الحملات التّجاريّة، ووطّد العلاقات مع الدّولة الرومانيّة، كذلك استمرّ هذا الازدهار في عصر بعض من وليه من الخلفاء، فقد شجّعوا العلم والعلماء، ويمكن القول إنّ الخلافة العباسية بقيت محافظة على قوتها وعظمتها منذ نشوئها سنة 132هـ/750م حتى وفاة المتوكل سنة 246هـ/861م، ولكن بعده كثر تدخل الدول الخارجية في شؤونها، وصار الخليفة لا يملك من أمره شيئًا حتى وفاة آخر الخلفاء على يد المغول سنة 656هـ.
- الدولة العثمانية
تأسّست الإمبراطوريّة العثمانيّة على يد عثمان بن أرطغرل، وقد بلغت ذروة مجدها وقوّتها في القرنين السّادس عشر والسّابع عشر الميلاديين، فامتدّ نفوذها لتشمل بسيطرتها مساحات واسعة من قارّات العالم القديم أوروبا وآسيا وإفريقيا، فقد أحكمت سيطرتها على آسيا الصّغرى ومساحات واسعة من جنوب شرق أوروبا، وغربي آسيا وشمالي إفريقيا، وقد وصل عدد ولاياتها إلى تسع وعشرين ولاية، وقد شكّلت قوةً سياسيةً عُظمى في عهد السّلطان سليمان القانوني الأوّل، وحينها أصبحت عاصمتها القسطنطينية، والتي كانت نقطة الوصل بين العالمين الشّرقي والغربي.
أمّا فيما يخصّ ثقافتها فقد كانت مزيجًا من الحضارات التي سبقتها، فلم تتفرّد الإمبراطوريّة العثمانيّة بشيءٍ خاصٍّ بها، بل كانت امتدادًا للحضارة الإسلاميّة التي تميّزت في العصر العبّاسي، لكنّها كانت مطبوعةً بطابعٍ تركي، وفيما يتعلّق بالتعليم أقامت الدّولة العثمانيّة مجموعة من المدارس الإسلاميّة بالإضافة إلى مدارس الملل التي كانت تقوم تحت إشراف أصحاب الديانات غير الإسلاميّة.
لعلّ أبرز السلاطين عملًا في هذا الاتّجاه كان السّلطان عبد الحميد الثّاني، إذ قام بتطوير مدرسة إستانبول الكبرى التي أقيمت سابقًا، وأصبحت جامعة استانبول، وقد ضمّت في بداية الأمر أربع كلّيات وهي العلوم الدينيّة، والعلوم الرياضيّة والعلوم الطبيعيّة والعلوم الأدبية، كما عدّت مدرستا الطب والحقوق ملحقتين بالجامعة، كما اهتمّ العثمانيون أيضًا بالأعمال العمرانيّة، فأقاموا شبكة واسعة من الطرقات والجسور، وبنوا المدارس والمستشفيات والبيمارستانات والمقاهي ودور العجزة، وغير ذلك من الأعمال العمرانية.
أبرز تلك الأعمال العمرانية التي ما زالت موجودة حتى الآن مسجد السلطان محمد الفاتح، وقد اهتم العثمانيون بالشّعر والموسيقى والطّرب والغناء. وقد بقيت الدولة العثمانية تتمتع بقوتها وعظمتها حتى القرن الثامن عشر، بعد ذلك صارت دولة ضعيفة خسرت أكثر حروبها.
- بريطانيا
بريطانيا أو المملكة المتّحدة، هي دولة تضمّ مساحات واسعة من الأراضي، فتتألف من أربعة أقاليم هي: إنجلترا وإيرلندا الشّمالية وإسكتلندا وويلز، كما يخضع لها أيضًا أربعة عشر إقليمًا، وتسمّى هذه الأقاليم بلاد ما وراء البحار، وهذه الأقاليم تابعة لبريطانيا في الحماية فقط؛ إذ تتعهّد بريطانيا بحماية تلك الأقاليم لكنّها تتمتّع بحكمٍ ذاتيٍّ.
المملكة المتّحدة بأكملها هي نتاج الإمبراطوريّة الرومانيّة وتوسعاتها، وتمتاز باقتصادٍ متين؛ إذ تعدّ السّادسة عالميًا من حيث الإنتاج المحلّي والقدرة الشّرائيّة، وهي أوّل دول العالم التي اهتمّت بالناتج الصّناعي وقادت الثّورة الصّناعية، وكانت تُعدّ القوّة العظمى الأكبر في العالم خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية عند نهوض الولايات المتحدة واستلامها زعامة العالم بالقوة، فقد تمتّعت بنفوذ اقتصادي وسياسي واجتماعي وعسكري قوي ومتين، وحازت على المراكز الأولى كذلك في المجال العلمي.
- القيصرية الروسية
يعدّ اسم “روسيا القيصرية” الاسم الرسمي لدولة روسيا العظمى منذ أن تولّى القيصر إيفان الرابع الحكم في روسيا سنة 1547م إلى أن تولّى بطرس الحكيم الحكم وأعلن إقامة الإمبراطوريّة الروسيّة سنة 1721م، وقد شهدت المدة الزّمنية التي فصلت بين هذين الحكمين توسعًا كبيرًا لروسيا، فخاضت كثيرًا من الحروب مع السّويد والعثمانيين والكومنولث البولندي الليتواني، وتوسّعت نحو سيبيريا، وكانت روسيا القيصرية في عداد الدول العظمى منذ نشوئها حتى قيام الإمبراطورية الروسية على يد بطرس الحكيم؛ أي: بين القرنين السادس عشر والثامن عشر الميلاديين.
- الولايات المتحدة الأمريكية
تأسّست الولايات الأمريكية عن طريق ثلاث عشرة مستعمرة بريطانيّة على طول السّاحل الأطلسي، ثمّ خاضت بعد ذلك عدّة حروب وتوسّعت لتضمّ مدنًا أخرى تحت لوائها، وقد اختصّت الولايات المتّحدة الأمريكية بمجموعة من عوامل القوّة الاقتصاديّة والماليّة التي جعلتها تتفوّق على غيرها، كما ظلّت لفترة طويلة بعيدة عن الحروب، فلم تحدث أي حرب على أرضها على الرغم من اشتراكها في الحربين العالميتين الأولى والثّانية، وبذلك كان لها متسعٌ من الوقت لإعداد قوّة سياسية واقتصاديّة وعسكريّة لا يستهان بها.
اتّبعت في فرض سيطرتها ونفوذها طريقةً أخطر من الغزو بالسّلاح والحروب، وهي العولمة والسّيطرة على العقول، وذلك من خلال الإعلام المسيّس والموجّه، وبذا أصبحت مسيطرةً على معظم دول العالم وإن لم يكن ذلك بشكلٍ مباشر، حتّى باتت تسيّر الدول جميعًا وفقًا لإرادتها، وقد تحولت الولايات المتحدة إلى دولة عظمى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وما تزال حتى اليوم القطب الأكبر من أقطاب العالم.
- الصين
تقع الصّين في مساحات واسعة على السّاحل الغربي للمحيط الهادي، وبذلك تتمتّع بموقعٍ جغرافيٍّ مهمٍّ تتنوّع فيه الظّروف المناخيّة، وتتمتّع كذلك بثروات مائيّة ضخمة كما تتنوّع مناخاتها وتضاريسها وذلك بفضل امتدادها الكبير على مساحات واسعة من الأرض، وتبعًا لتنوّع المناخ تتنوّع الموارد فيها أيضًا، وتعد الحضارة الصّينية من أقدم الحضارات وأكثرها محافظةً على شخصيّتها، فلم يعرف الزّمان حضارةً حافظت على تفاصيلها كالحضارة الصّينية.
برعت الصين بالصّناعات المتنوّعة، ونما اقتصادها سريعًا فهي تُعدّ أكبر دولة مصدّرة في العالم وثاني أكبر دولة مستوردة، فهي الثّانية عالميًّا من ناحية الاقتصاد، وتمتلك جيش التحرير الشّعبي الصّيني الذي يعد الجيش الأضخم في العالم، ويتكوّن هذا الجيش من قوّة بريّة وبحريّة ونوويّة أيضًا، إذ تمتلك الصّين أسلحة نووّية وأنظمة تسليم لهذه الأسلحة، لذا تعد قوّة عسكريّة إقليميّة كبرى. أمّا فيما يتعلّق بالتّعليم؛ فقد جعلت التّعليم إلزاميًّا ومجانيًّا لمدّة تسع سنوات، ويمكن القول إنّ الصين هي من الدول العظمى منذ الأزل، لكن مع العصر الحديث شهدت تراجعًا لكنها مع نهايات القرن العشرين استعادت توازنها وصارت من القوى العظمى في العالم.
تجمع الدول الثمانية Group of Eight
يمكن القول إنّ الدول العظمى في العالم اليوم ممثلة في مجموعة دول الثماني التي تضم كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، وروسيا، اليابان، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا، حيث يمثل اقتصاد تلك الدول فقط أكثر من نصف اقتصاد العالم، بالإضافة إلى المراكز الأولى في الإنفاق على التسليح والقوة العسكريّة، لامتلاكها الأسلحة النووية، وقد أسست تلك المجموعة بعد الأزمة النفطية والركود الاقتصادي العالمي في عام ألف وتسعمئة وثلاثة وسبعين، وكانت تضم ست دول انضمت إليهم كندا في فترة لاحقة، وآخر الدول انضماماً إلى المجموعة كانت روسيا الاتحاديّة وريثة الاتحاد السوفييتي السابق، وحدث ذلك في عام ألف وتسعمئة وسبعة وتسعين بعد ستة أعوام من سقوط الاتحاد السوفييتي، إلا أنّ التدخل الروسي عسكرياً في القرم طرح فكرة إخراجها من المجموعة.
- أنشطة المجموعة
لقاءات مجموعة الثماني غير رسمية ولا تخضع لسلطة قوانين المنظمات الدولية، وتنتقل الرئاسة سنوياً بين أعضاء المجموعة وتبدأ من أول يوم في العام، وتنظم الدولة الحائزة على رئاسة العام استضافة مجموعة اجتماعات وزاريّة استعداداً لقمة الرؤساء التي تعقد مرتين في العام، وتبحث الاجتماعات الوزاريّة القضايا المشتركة بين تلك الدول وبعضها، بالإضافة إلى القضايا العالميّة، كالطاقة والبيئة والتنمية الاقتصاديّة العالمية والإرهاب والحركة التجاريّة.