الصوت شكلٌ من أشكال الموجات الطولية الميكانيكية غير المرئية والتي تنتقل في الأجسام الصلبة على مختلف أشكالها وفي الهواء والغازات ولا تنتقل في الفراغ، ويستطيع الإنسان سماع الأصوات التي يتراوح ترددها ما بين 20 إلى 20000 هيرتز عدا ذلك لا يُمكنه سماعه، وأول من درس الأصوات وأعطاها اهتمامًا في أبحاثه ووضع لها عدة فرضياتٍ هو العالم اليونانيّ بوليو، وقد كان لعلماء المسلمين دورًا بارزًا في هذا المجال ومنهم ابن جني وابن سينا، وسيكون محور مقالنا عن ما هي خصائص الصوت.
مصادر الصوت
للصوت مصادر متعددة، ومنها:
- اهتزاز المواد الصلبة.
- الضغط أو التوسّع السريع مثل الانبعاثات والانفجارات.
- تدفق الهواء حول المواد والذي يؤدي إلى تشكيل تردّداتٍ مختلفة، وبالتالي تشكيل موجاتٍ صوتية، مثل صوت الصافرة أو الناي.
انتقال الصوت
ينتقل الصوت من خلال الموجات الصوتية المنتشرة في الفراغ بوجود طاقة نقل بهدف المساعدة على انتشاره، وهناك نوعان من الموجات الصوتية، وهي:
- الموجات الطولية: هي عبارة عن ذبذبة الجسيمات في اتجاه نقل الطاقة نفسه، وبالتالي انتشار الصوت باتجاه حركة الجسيمات نفسها، وتُعد الموجات الطولية أبسط أنواع الموجات، وتحدثُ بشكلٍ عام في السوائل والغازات.
- الموجات العرضية: تنتشر في الأوساط الصلبة على شكل موجات متتابعة، كما تكون متعامدةً مع اتجاه انتشار الصوت.
خصائص الصوت
الصوت من أهم الظواهر التي تُستعمل من قِبل الإنسان والحيوانات من أجل التفاهم عن طريق استخدام حاسّة السمع ممثّلةً في الأذنين حيث بواسطتها تتحوّل الموجات الصوتية إلى موجاتٍ كهربائية ثم تتم ترجمة هذه الموجات في الدماغ من أجل التمييز بين الأصوات المفهومة وغير المفهومة، ومن خصائص الصوت أو الموجات الصوتية ما يلي:
- طول الموجة
الطول الموجي للصوت عبارة عن المسافة التي يقطعها الصّوت خلال دورةٍ واحدة، ويرتبط الطول الموجي بكلٍ من سرعة الصوت والتردد حسب العلاقة التالية: (الطول الموجي= سرعة الصوت/التردد)، بالتالي فإنّ الأصوات ذات الترددات العالية يكون لديها طولٌ موجي قصير، بينما الأصوات ذات الترددات المنخفضة يكون لديها طولٌ موجي طويل.
- الكثافة
يُقصد بكثافة الصوت مقدار الطاقة السمعية الموجودة في حدود السمع البشري، وهي تتناسب مع مربع السعة، وتقاس بوحدة الواط/سم2 أو بوحدة الديسيبل (بالإنجليزية: decibel)، بحيث إن كل (10-16 واط /سم2 يساوي 0 ديسيبل، وبالتالي فإنّ كل زيادة عشرة أضعاف في واط/سم2 تعني زيادة قدرها 10 ديسيبل، كما تتأثر كثافة الصوت بالمسافة؛ حيث تقل بسرعة كلما زادت المسافة من المصدر.
- الحجم
يتأثر حجمُ الصوت بكثافته؛ حيث يزداد كلما زادت الكثافة ويصبحُ أكثر ارتفاعاً، كما يتأثرُ بالتردد؛ نظراً لطبيعة الأذن البشرية الحساسة لبعض الترددات، وتبلغ أقل كثافة صوتية تصل في حدود السمع البشري حوالي صفر ديسيبل في نطاق الترددات (2000 إلى 5000 هيرتز)، بالتالي فإن الترددات التي تقل أو تزيد عن هذا النطاق ستؤدي إلى تقليل أو زيادة كثافة الصوت المسموع، وهكذا يكونُ الصوت إما بالكاد مسموعاً أو أنهُ عالٍ جداً ويسببُ الألم والضرر.
- التردد والنبرة
تعتمد نبرةُ الصوت على التردد؛ فكلما زاد التردد زادت حدة النبرة؛ إذ إنّ العلاقة طردية بين النبرة وكثافة الصوت، فهي تزداد مع ازدياد كثافة الصوت، ممّا يدل على مدى انخفاض أو ارتفاع الصوت.
- السرعة
تعتمد سرعة الصوت على مرونةِ وكثافة الوسط الذي ينتقل من خلاله، فكلما قلت كثافته وزادت مرونته زادت سرعة انتقال الصوت، فالصوتُ ينتقل بسرعةٍ أكبر في المواد الصلبة مقارنةً مع المواد السائلة، وسرعة أكبر في السوائل مقارنةً بالغازات، كما تتأثر سرعة الصوت بدرجة الحرارة؛ حيث تزداد مع زيادة درجة الحرارة بسبب تأثير درجة الحرارة على كثافة المواد، وبشكلٍ خاص المواد السائلة والغازية.
خصائص أخرى
للصوت خصائص أخرى، ومنها:
- الانعكاس.
- الانكسار.
- الانحراف.
- التشويش.
محطات تاريخية في اكتشاف الصوت
مر تاريخ الصوت بعصور مختلفة حيث أضاف كل عالم تجاربه وفرضياته ونتائجه على الصوت، ليستفيد منها من بعده، ويعدل عليها، حتى وصلوا إلى الحد الذي تراكمت فيه علوم الصوت بشكل واضح ليتم الحصول على النتائج الحالية في العصر الحاضر.
فيثاغورس
كان فيثاغورس يعتقد أن الأرقام هي المرشد لتفسير كل شيء حتى الموسيقى، وأن جميع الأجسام تصدر اهتزازات بناءً على مدارها والمسافة بينها وبين بعضها البعض، مما أدى إلى تجاربه على الوتر، فالوتر الذي يبلغ طوله نصف طول الوتر الآخر بالضبط سيصدر نغمة عند ضربه أو سحبه أعلى بمقدار مقام Octave، وأن قسم الوتر إلى ثلاثة أثلاث سيرفع طبقة الصوت مقام وخمس، وإلى أربعة أرباع سينطلق الصوت أعلى فأعلى، ويُعرف هذا المفهوم بالمتسلسلة التوافقية وهي سمة من سمات الفيزياء تؤثر على الموجات والترددات.
ساعدت هذه النسب الرياضية التي اكتشفها في تحديد كل أنظمة الصوت عبر التاريخ، أي أن الآلات الحديثة التي تستخدم حاليًا قائمة على الرياضيات التي اكتشفها فيثاغورس منذ 2500 عام تقريبًا.
فيتروفيوس
فيتروفيوس هو مهندس معماري روماني من القرن الأول قبل الميلاد، قام بتحديد الآلية الصحيحة لانتقال الموجات الصوتية، وساهم بشكل كبير في التصميم الصوتي للمسارح، حيث افترض أن الأصوات تشبه أمواج المحيط، فكتب:
“كما في حالة الأمواج الناشئة في الماء، كذلك الحال بالنسبة للصوت” وأضاف بأن “الموجة الأولى، عندما لا يكون هناك عائق يقطعها، فلا تكسر الموجة الثانية أو التابعة، لكنها تصل جميعها إلى آذان المتفرجين بدون صدى”.
جاليليو جاليلي
إن الدراسة الحديثة للموجات والصوتيات نشأت مع جاليليو جاليلي (1564م-1642م)، الذي ارتقى بمستوى العلم إلى مرحلة أخرى عن طريق دراسة الاهتزازات والعلاقة بين درجة الصوت وتردد مصدر الصوت، حيث كان اهتمامه بالصوت مستوحى جزئيًا من والده، الذي كان عالم رياضيات وموسيقيًا وملحنًا مشهور.
مارين ميرسين
في عام 1640م أجرى عالم الرياضيات الفرنسي مارين ميرسين التجارب الأولى لتحديد سرعة الصوت في الهواء، حيث يُنسب إلى ميرسين أيضًا اكتشاف القانونين الثاني والثالث للأوتار.
روبرت هوك
في وقت لاحق من القرن 1636م، أنتج عالم الفيزياء الإنجليزي روبرت هوك لأول مرة موجة صوتية ذات تردد معروف، باستخدام عجلة مسننة دوارة كجهاز قياس.
جوزيف سوفور
في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، أجرى الفيزيائي الفرنسي جوزيف سوفور دراسات تفصيلية للعلاقة بين التردد والنبرة والموجات في الأوتار الممتدة ، حيث قدم إرثًا من المصطلحات الصوتية المستخدمة حتى يومنا هذا، وهو أول من اقترح اسم علم الصوتيات لدراسة الصوت.
أثناسيوس كيرشر
قام العالم الألماني أثناسيوس كيرشر بتجربة وضع جرس داخل الفراغ، فحتى بعد ضخ الهواء خارج الجرة كان لا يزال بإمكانه سماع صوت الجرس، مما أدى إلى استنتاجه الخاطئ بأن الهواء ليس مطلوبًا لنقل الصوت، لكن في الواقع لم تكن جرة كيرشر خالية تمامًا من الهواء، ربما بسبب ضعف مضخة التفريغ الخاصة به.
روبرت بويل
في عام 1660م، أوضح العالم البريطاني روبرت بويل أن انتقال الصوت يتطلب وسيطًا من خلال إظهار أنه لا يمكن سماع رنين جرس في جرة تم تفريغ الهواء منها، وذلك عن طريق ضبط رنين منبه، ووضعه داخل وعاء زجاجي، فبينما كانت الساعة لا تزال ترن، قام بامتصاص كل الهواء بمضخة، مع اختفاء الهواء تدريجيًا، تلاشى الصوت لأنه لم يتبق شيء في الجرة لينتقل الصوت من خلاله.
جيوفاني ألفونسو بوريلي وفينشنزو فيفياني
قام العالمان الفيزيائيان جيوفاني ألفونسو بوريلي وفينسينزو فيفياني بقياس سرعة الصوت في الهواء في عام 1650م، فكانت نتيجة تجاربهم أنهما حصلا على قيمة تبلغ 350 مترًا في الثانية كسرعة للصوت.
جي إل بيانكوني
أظهر جي إل بيانكوني في عام 1740م، أن سرعة الصوت في الهواء تزداد مع ارتفاع درجة الحرارة، فكان هو أول من قام بتجربة دقيقة لحساب سرعة الصوت، فكانت النتائج بأن سرعة الصوت هي 332 متر في الثانية، وقد قام بإجراء تلك التجارب في أكاديمية العلوم في باريس عام 1738م، وتعد هذه القيمة قريبة جدًا من القيمة المعتمدة في الوقت الحاضر والتي تساوي 331.45 متر في الثانية مما يدل على صحة تجربته.