ما هي مكونات الذرة Atoms ومعلومات عامة عنها

يعود مفهوم وجود الوحدات الأساسية التي تشكل المادة إلى فلاسفة اليونان القديمة، حيث نشأت فكرة “الذرة” كمكون أساسي غير قابل للتجزئة، وقد صاغوا مصطلح “أتوم” (Atom) الذي يعني “غير قابل للانقسام”. ومع ذلك، لم يتم إثبات الوجود الفعلي للذرات كوحدات بناء أساسية للمادة حتى أوائل القرن الثامن عشر على يد العالم جون دالتون، الذي وضع أسس النظرية الذرية الحديثة.

تُعرَّف الذرة بأنها أصغر جزء من العنصر الكيميائي يحتفظ بخصائصه، وهي الوحدة الأساسية التي لا يمكن تجزئتها أو تقسيمها باستخدام الوسائل الكيميائية التقليدية. تتكون المادة من هذه الذرات، سواء كانت عناصر بسيطة مثل الهيدروجين (H) والكربون (C) والزنك (Zn)، أو مركبات كيميائية معقدة. والفرق الجوهري بين العنصر والمركب هو أن المركبات الكيميائية، على عكس الذرات المنفردة، قابلة للتحليل والتفكيك إلى مكوناتها الذرية.

على سبيل المثال، يمكن تحليل مركب كلوريد الصوديوم (NaCl)، المعروف باسم ملح الطعام، إلى ذراته المكونة: ذرات الكلور (Cl) وذرات الصوديوم (Na). يُعدُّ هذا التحليل دليلاً على أن المركبات تتكون من اتحاد ذرات مختلفة بنسب محددة. مع التطور التكنولوجي، أصبح من الممكن الآن رؤية الذرات وتصويرها بشكل مباشر باستخدام تقنيات متقدمة مثل مجهر المسح النفقي (STM)، الذي يوفر صورًا عالية الدقة تُظهر ترتيب الذرات على أسطح المواد، مما يُعدُّ إنجازًا علميًا مهمًا في فهمنا لبنية المادة على المستوى الذري.

ما هي مكونات الذرة

تتكون الذرة، وهي الوحدة الأساسية للمادة، من ثلاثة جسيمات رئيسية: البروتونات والنيوترونات والإلكترونات. تشكل البروتونات، ذات الشحنة الموجبة، والنيوترونات، المتعادلة الشحنة، نواة الذرة، وهي مركز كثيف يشغل حيزًا صغيرًا جدًا مقارنة بحجم الذرة الكلي. ترتبط هذه الجسيمات النووية، البروتونات والنيوترونات، داخل النواة بواسطة قوى الربط النووية القوية، وهي قوى جذب هائلة تتغلب على قوى التنافر الكهربائي بين البروتونات المتشابهة في الشحنة.

تلعب قوى الربط النووية دورًا حاسمًا في استقرار الذرة، حيث أن التوازن بينها وبين قوى التنافر الكهربائي يحدد ما إذا كانت الذرة مستقرة أم لا. تختلف قوة الربط النووية باختلاف حجم النواة، ففي الذرات الكبيرة، تزداد قوة التنافر بين البروتونات بشكل ملحوظ مع زيادة حجم النواة، مما يضعف قدرة قوى الربط النووية على الحفاظ على استقرارها.

نتيجة لذلك، تصبح الذرات الكبيرة أكثر عرضة لعدم الاستقرار، حيث تفشل قوى الربط في التغلب على قوى التنافر المتزايدة. هذا النقص في الاستقرار يدفع الذرات إلى التحلل الإشعاعي، وهي عملية تتحول فيها الذرة إلى ذرة عنصر آخر أكثر استقرارًا عن طريق إطلاق جسيمات أو طاقة. مثال على ذلك تحلل نظير الكربون 14 المشع إلى نظير النيتروجين 14 المستقر، وهي عملية تستخدم في التأريخ بالكربون المشع.

البروتونات

تُعتبر البروتونات من المكونات الأساسية للذرة، وهي جسيمات دون ذرية تحمل شحنة كهربائية موجبة. اكتشفها العالم إرنست رذرفورد، وتتميز بكتلة تُعادل تقريبًا كتلة النيوترونات، حيث تبلغ نسبة كتلة البروتون إلى النيوترون حوالي 0.9986، بينما تُقدر كتلتها الفعلية بحوالي 1.673 × 10⁻²⁷ كيلوغرام.

يُعد عدد البروتونات في نواة الذرة عاملاً حاسمًا في تحديد نوع العنصر الكيميائي، فعلى سبيل المثال، تحتوي ذرة الكربون على ستة بروتونات، بينما تحتوي ذرة الأكسجين على ثمانية بروتونات، وهكذا بالنسبة لبقية العناصر. هذا العدد، الذي يُعرف بالعدد الذري، لا يُحدد فقط هوية العنصر، بل يُؤثر أيضًا بشكل كبير على سلوكه الكيميائي وتفاعلاته مع العناصر الأخرى.

وبناءً على هذا العدد الذري، تم ترتيب العناصر في الجدول الدوري للعناصر. على المستوى التركيبي، يتكون البروتون الواحد من ثلاثة كواركات: اثنان من نوع “كوارك علوي” يحمل كل منهما شحنة موجبة مقدارها (+⅔)، وكوارك واحد من نوع “كوارك سفلي” يحمل شحنة سالبة مقدارها (-⅓).

وبجمع هذه الشحنات الجزئية، نحصل على الشحنة الموجبة الكاملة للبروتون (+1). ترتبط هذه الكواركات معًا بواسطة قوة نووية قوية، تتوسطها جسيمات تُعرف باسم الغلونات، وهي جسيمات عديمة الكتلة تعمل كحاملة للقوة النووية بين الكواركات داخل البروتون.

النيوترونات

النيوترونات (Neutrons) هي جسيمات دون ذرية متعادلة الشحنة كهربائياً، أي أنها لا تحمل أي شحنة موجبة أو سالبة، وتتواجد داخل نواة الذرة جنباً إلى جنب مع البروتونات الموجبة الشحنة. يُرمز لعدد النيوترونات في الذرة بالرمز (N)، ويُعتبر العدد الكتلي للذرة، والذي يُرمز له بالرمز (A)، هو مجموع عدد البروتونات (Z) وعدد النيوترونات (N) معاً (A = Z + N).

تلعب القوة النووية القوية دوراً حاسماً في ربط النيوترونات والبروتونات معاً داخل النواة الذرية، مما يُساهم في استقرار الذرة. يتميز النيوترون بكتلة تُقدر بحوالي 1.6749 × 10−27 كيلوغرام، وهي قريبة جداً من كتلة البروتون. على الرغم من تعادل شحنته الظاهرية، إلا أن النيوترون، مثله مثل البروتون، يتكون من جسيمات أصغر تُعرف بالكواركات.

يتألف النيوترون تحديداً من ثلاثة كواركات: كواركان سفليان (down quarks) يحمل كل منهما شحنة سالبة مقدارها −⅓، وكوارك علوي واحد (up quark) يحمل شحنة موجبة مقدارها +⅔، مما يجعل المحصلة النهائية للشحنة الكهربائية للنيوترون صفراً. هذه المكونات الداخلية تُفسر الخصائص المعقدة للنيوترون وتفاعلاته داخل النواة الذرية، وتُعتبر النيوترونات عنصراً أساسياً في فهم تركيب الذرة واستقرارها وتفاعلاتها النووية.

الإلكترونات

تُعدّ الإلكترونات من أهم المكونات الأساسية للذرة، حيث تحمل هذه الجسيمات الدقيقة شحنة كهربائية سالبة تجذبها نحو البروتونات الموجبة الشحنة الموجودة داخل نواة الذرة، وذلك وفقًا لقوانين الجذب الكهربائي. وقد اكتُشفت الإلكترونات على يد الفيزيائي البريطاني الشهير جوزيف طومسون، وتتميز بكتلتها الصغيرة جدًا مقارنةً بالبروتونات والنيوترونات، فهي أصغر منها بحوالي 1800 مرة، حيث تُقدّر كتلتها بحوالي 9.109 × 10-31 كيلوغرام.

تتوزع الإلكترونات في مدارات دقيقة تحيط بنواة الذرة على شكل سحابة إلكترونية، حيث تأخذ المدارات القريبة من النواة شكلًا كرويًا بسيطًا، بينما تصبح المدارات الخارجية أكثر تعقيدًا وتشابكًا. يُنسب مفهوم السحابة الإلكترونية هذا إلى العالم النمساوي إرفين شرودنجر، الذي وضع نموذجًا رياضيًا يصف احتمالية وجود الإلكترون في أي نقطة حول النواة.

ويُعتبر توزيع الإلكترونات في هذه المدارات، وخاصةً المدار الخارجي (مدار التكافؤ)، ذا أهمية بالغة في تحديد الخصائص الكيميائية والفيزيائية للذرات، مثل استقرارها الكيميائي، ونقطة غليانها، وقدرتها على توصيل التيار الكهربائي والحرارة.

مكونات الذرة الثانوية

هنالك عدد من المكونات الثانوية لذرات العناصر والتي غالبًا ما تنبعث أثناء عملية الاضمحلال الإشعاعي، وهذه المكونات الثانوية تشمل جسيمات ألفا وجسيمات بيتا، ومن الجدير بالذكر أن أشعة جاما التي تنبعث خلال بعض أنواع الاضمحلال الإشعاعي لا تعتبر جسيمات على الإطلاق، وفيما يأتي شرح بسيط لجزيئات ألفا وبيتا:

جزيئات ألفا:

جسيمات ألفا (α) كأحد المكونات الذرية دون الذرية، تمثل أنوية ذرات الهيليوم، حيث تتألف كل جسيمة ألفا من بروتونين ونيوترونين مرتبطين بإحكام داخل النواة. تُطلق جسيمات ألفا من نوى الذرات غير المستقرة للعناصر المشعة الثقيلة، كجزء من عملية الاضمحلال الإشعاعي، سعيًا للوصول إلى حالة أكثر استقرارًا عبر التحول إلى عناصر أخرى ذات طاقة أقل.

تتميز جسيمات ألفا بقدرتها المحدودة على الاختراق؛ حيث تتوقف عند مواجهة عوائق بسيطة كطبقة الجلد الخارجية، ما يجعلها غير ضارة نسبيًا للكائنات الحية عند التعرض الخارجي. ومع ذلك، يصبح تأثير جسيمات ألفا ضارًا للغاية في حال انبعاثها من مصادر داخل الجسم، حيث يمكنها إحداث تلف كبير في الأنسجة الحيوية نتيجة لتأثيرها التأيني القوي على الخلايا الحية.

على الرغم من هذا الخطر المحتمل، تُستخدم جسيمات ألفا في تطبيقات طبية مهمة، مثل تصنيع أجهزة تنظيم ضربات القلب الاصطناعية، حيث تُستغل طاقتها في توفير مصدر طاقة موثوق وطويل الأمد لهذه الأجهزة الحيوية.

جزيئات بيتا:

جسيمات بيتا (β) تمثل إلكترونات حرة أو بوزيترونات فائقة السرعة والطاقة، حيث يشترك البوزيترون مع الإلكترون في الكتلة ولكنه يحمل شحنة موجبة معاكسة. تتميز جسيمات بيتا بقدرة اختراقية للأجسام تفوق قدرة جسيمات ألفا بألف ضعف، مما يجعلها ذات تأثير مدمر على التركيب الحيوي للكائنات الحية.

هذا الاختراق العالي يجعلها عاملًا مسببًا للعديد من أنواع السرطانات، وقد يؤدي التعرض الشديد لها إلى الموت. على الرغم من هذه المخاطر الصحية الجسيمة المرتبطة بجسيمات بيتا وتأثيرها على الذرة ومكوناتها، إلا أنها تستخدم بشكل مفيد في مجال العلاج الإشعاعي للأورام السرطانية، حيث يتم توجيهها بدقة لتدمير الخلايا السرطانية مع تقليل الضرر على الأنسجة السليمة قدر الإمكان.

نشأت فكرة “الذرة” (Atom) من الكلمة الإغريقية التي تعني “غير القابل للتجزئة”، حيث كان يُعتقد قديمًا أنها أصغر وحدة بنائية للمادة ولا يمكن تقسيمها. لكن مع تطور العلم، اكتشف العلماء المكونات الأساسية للذرة، وهي الإلكترونات ذات الشحنة السالبة التي تدور حول النواة، والبروتونات ذات الشحنة الموجبة، والنيوترونات المتعادلة الشحنة الموجودة داخل النواة، علمًا بأن هذه الجسيمات دون الذرية تتكون بدورها من جسيمات أصغر تُعرف باسم الكواركات.

تعود نشأة الذرات إلى المراحل الأولى للكون بعد الانفجار العظيم الذي حدث قبل حوالي 13.7 مليار سنة. فبعد هذا الانفجار، كان الكون حارًا وكثيفًا للغاية، ومع انخفاض درجة حرارته تدريجيًا، تهيأت الظروف لتشكل الجسيمات الأولية مثل الإلكترونات والكواركات. تجمعت الكواركات معًا لتكوين البروتونات والنيوترونات التي اندمجت بدورها لتشكيل نواة الذرة خلال الدقائق الأولى من عمر الكون.

ومع استمرار الكون في التوسع والتبريد، استغرق الأمر حوالي 380,000 سنة حتى انخفضت سرعة الإلكترونات بما يكفي لتتمكن النواة من التقاطها وتكوين أولى الذرات المتعادلة كهربائيًا. كانت ذرات الهيدروجين والهيليوم أولى الذرات التي تشكلت، وما زالت تُعتبر أكثر العناصر الكيميائية وفرة في الكون حتى يومنا هذا، حيث تُشكل المادة الأساسية للنجوم والمجرات.

  • يتساوى كل من البروتون والنيوترون في الحجم تقريبًا، وهما أكبر بكثير من الإلكترون، وتبلغ كتلة البروتون نحو 1840 ضعف كتلة الإلكترون.
  • تضم النواة كلًا من البروتون والنيوترون، وهي موجبة الشحنة.
  • تعد الذرات صغيرة جدًا في الحجم، حيث يبلغ متوسط حجمها نحو 100 بيكومتر.
  • تشكل النواة (بالإنجليزيّة: Nucleus) معظم كتلة الذرة، بينما تشغل الإلكترونات معظم حجم النواة.
  • ينتج عن اختلاف عدد النيوترونات النظائر المختلفة للعنصر (بالإنجليزيّة: Isotopes)، بينما تنتج الأيونات (بالإنجليزيّة: Ions) عن اختلاف عدد الإلكترونات، وهي تمثل الذرات المشحونة كهربائيًا، وتشكل النظائر والايونات لذرة معينة مع ثبات عدد البروتونات، الأشكال المختلفة لنفس العنصر الكيميائي.
  • تعد إزالة أو إضافة الإلكترونات من الذرة أسهل بكثير من إزالة البروتونات أو الإلكترونات، ويشمل التفاعل الكيميائي ذرات أو مجموعات من الذرات، والتفاعل بين إلكتروناتها.
  • تمتلك الذرات دائمًا عددًا متساويًا من البروتونات والإلكترونات.
  • اكتُشف النواة في عام 1911م، من قبل العالم الفيزيائي إرنست رذرفودر، وهو الذي أطلق اسم البروتون على الجسيمات موجبة الشحنة في الذرة، كما أعلن عن وجود جسيمات متعادلة في النواة أيضًا، والتي تم التعرف عليها في عام 1932م بعد ذلك من قبل الفيزيائي جيمس شادويك.

اكتشاف المزيد من عالم المعلومات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيك بهذه المقالة؟ كن أول من يعلق

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على موقعنا. تساعدنا هذه الملفات على تذكر إعداداتك وتقديم محتوى مخصص لك. يمكنك التحكم في ملفات تعريف الارتباط من خلال إعدادات المتصفح. لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية لدينا.
قبول
سياسة الخصوصية