إن مفهوم وجود وحدات صغيرة تكوّن المادة معروف منذ زمن اليونان القديمة، حتى أن كلمة الذرة موجودة منذ ذلك الوقت، ولكن لم يتم إثبات وجودها إلا من قبل جون دالتون في بدايات القرن الثامن عشر، إذ تعد الذرة أصغر وحدات بناء المادة، ولا يمكن فصل مكوناتها بأي وسيلة كيميائية، ومن الأمثلة على الذرات؛ الهيدروجين والكربون والزنك، أما المركبات الكيميائية فمن الممكن تكسيرها إلى أجزاء أصغر ألا وهي الذرات فعلى سبيل المثال من الممكن تكسير كلوريد الصوديوم إلى ذرات كلور وذرات صوديوم، وأصبح بالإمكان أيضًا مشاهدة هذه الذرات في الوقت الحالي باستخدام مجهر المسح النّفقي.
ما هي مكونات الذرة
يمكن القول بأن مكونات الذرة الرئيسة ثلاث، وهي: البروتونات والنيوترونات والإلكترونات، بحيث إن البروتونات والنيوترونات تتركز في النواة، وترتبط مع بعضها البعض عن طريق قوى الربط النووية التي تستطيع أن تتغلب على القوى الكهربائية التي قد تسبب بدورها تنافر البروتونات مع بعضها البعض، وهذا التنافر هو السبب في وجود الذرات غير المستقرة؛ إذ إن قوى الربط النووية تختلف باختلاف حجم الذرات، حيث إن الذرات الكبيرة عادة ما تكون غير مستقرة، فكلما زاد حجمها تزداد قوة التنافر، وبالتالي فإن قوى الربط هذه لا تستطيع التغلب على التنافر، ولهذا تقوم الذرات غير المستقرة بالتحلل إلى عناصر أخرى فمثلًا يتحلل نظير الكربون 14 إلى نظير النيتروجين 14.
البروتونات
أول مكونات الذرة هي البروتونات وهي جزيئات موجبة الشحنة، تم اكتشافها من قبل راذرفورد، لها كتلة أصغر بقليل من النيوترونات بحيث إن كتلتها بالنسبة للنيوترونات هي 0.9986، بينما إن كتلتها الفعلية تساوي 1.673 * 10-27، وقد استخدم عدد البروتونات في الذرات لتحديد العناصر، فعلى سبيل المثال ذرات الكربون تحتوي على 6 بروتونات والأكسجين 8 بروتونات وهكذا، كما يحدد هذا العدد أيضًا السلوكات الكيميائية لذرات العناصر، ويعرف عدد البروتونات هذا بالعدد الذري الذي على أساسه تم ترتيب العناصر في الجدول الدوري، ويتكون البروتون من 3 كواركات؛ اثنان يحمل كل منهما ثلثا شحنة موجبة وواحد يحمل ثلث شحنة سالبة، بحيث إن مجموعهما يساوي +1 وهي شحنة البروتون، وترتبط هذه الكواركات معًا من خلال جزيئات لا كتلة لها تدعى بالغلونات.
النيوترونات
يُرمز لعدد النيوترونات (بالإنجليزيّة: Neutrons) في الذرة بالرمز (N)، ويمثل العدد الكتلي للذرة مجموع النيوترونات، والبروتونات (Z+N)، وتساعد القوة النووية القوية على ربط النيوترونات والبروتونات معاً لتشكيل نواة الذرة، والنيوترون متعادل الشحنة؛ أي لا يحمل أية شحنة، ولا ينجذب إلى البروتونات أو الإلكترونات، وتبلغ كتلته نحو 1.6749*10-27كغ.
ويتكوّن النيوترون مثل البروتون من ثلاثة كواركات: كواركان سفليان، يحمل كل منهما شحنة سالبة، وكوارك علوي واحد يحمل شحنة موجبة.
الإلكترونات
إن أهم ما يمكن تفصيله في إجابة سؤال: “ما هي مكونات الذرة؟” هو الإلكترونات؛ إذ تمتلك الإلكترونات شحنة سالبة تنجذب للبروتونات الموجودة داخل النواة تبعًا لقوانين الجذب الكهربائي، ولقد اكتشفت على يد الفيزيائي البريطاني طومسون، ولها كتلة صغيرة جدًا، إذ إنها أصغر ب 1800مرة مقارنةً بالبروتونات والنيوترونات، ولذا فإن كتلتها تساوي 9.109 * 10-31، كما وتوجد هذه الإلكترونات داخل مدارات تحيط بالنواة على شكل سحابة بحيث تكون المدارات القريبة منها كروية بينما تكون المدارات الخارجية أكثر تعقيدًا، ونموذج السحابة الإلكترونية هذه هي فكرة طرحها العلم النمساوي إيروين شرودنجر، ومن الممكن توزيع الإلكترونات في مداراتها حول النواة بحيث إن المدار المهم هو المدار الخارجي الذي تجعل من السهل التنبؤ بخصائص الذرات كاستقرارها ونقطة غليانها وموصليتها.
مكونات الذرة الثانوية
هنالك عدد من المكونات الثانوية لذرات العناصر والتي غالبًا ما تنبعث أثناء عملية الاضمحلال الإشعاعي، وهذه المكونات الثانوية تشمل جسيمات ألفا وجسيمات بيتا، ومن الجدير بالذكر أن أشعة جاما التي تنبعث خلال بعض أنواع الاضمحلال الإشعاعي لا تعتبر جسيمات على الإطلاق، وفيما يأتي شرح بسيط لجزيئات ألفا وبيتا:
- جزيئات ألفا: والتي يرمز لها بالرمز α، وهي عبارة عن أنوية الهيليوم التي تتكون من بروتونين ونيوترونين، والتي تنبعث من العناصر المشعة ذات النوى الكبيرة غير المستقرة لتتحول إلى عناصر أخرى أكثر استقرارًا، وهي ليست ضارة للكائنات الحية فهي تتوقف عند مواجهة أي عائق كالجلد، ولكن إذا كان مصدر انبعاثها من داخل الجسم فإنها تسبب ضررًا كبيرًا، وتستخدم هذه الجزيئات في صناعة أجهزة تنظيم القلب الصناعية.
- جزيئات بيتا: والتي يرمز لها بالرمز β، وهي عبارة عن إلكترونات حرة أو بوزيترونات ذات طاقة وسرعة عاليتين، بحيث إن البوزيترونات لها نفس كتلة الإلكترونات ولكنها ذات شحنة موجبة، وتمتلك جزيئات بيتا القدرة على الاختراق الأجسام أكثر بألف مرة من جزيئات ألفا، ولذلك فهي تسبب أضرارًا كبيرةً في بنية الكائنات الحية فقد تسبب عددًا من السرطانات وقد تؤدي إلى الموت، وعلى الرغم من آثاره الضارة إلا أنه يستخدم في العلاج الإشعاعي للسرطانات.
كيف نشأت الذرة
جاء اسم الذرة (atom) من الكلمة اليونانية التي تعني الشيء غير القابل للتجزئة؛ بسبب الاعتقاد السائد في وقتها بأنها أصغر شيء في الكون، ولا يمكن تقسيمها إلى أجزاء أصغر منها، وفي الوقت الحالي تمكن العلماء من اكتشاف مكونات الذرة الرئيسة، وهي: الإلكترونات، والبروتونات، والنيوترونات، التي تتكون من جسيمات أصغر منها تُعرَف باسم الكواركات (بالإنجليزيّة: quarks).
تكوّنت الذرات بعد الانفجار العظيم الذي حدث منذ 13.7 مليار عام تقريبًا؛ فبعد انخفاض درجة حرارة الكون الحار والكثيف، أصبحت الظروف مناسبة لتشكل الإلكترونات والكواركات؛ حيث شكلت الكواركات معًا النيوترونات والبروتونات، والتي شكّلت النواة معًا، وهو الأمر الذي حدث خلال الدقائق الأولى القليلة من وجود الكون.
استغرق الكون مدة 380,000 عام حتى برد بشكل كافٍ، لتقل سرعة الإلكترونات، وتتمكن النواة من التقاطها؛ لتكوين أول ذرة في الكون، وشكلت ذرات الهيدروجين، والهيليوم أولى هذه الذرات، وما زالت حتى وقتنا هذا أكثر العناصر وفرةً في الكون.
معلومات عامة عن مكونات الذرة
- يتساوى كل من البروتون والنيوترون في الحجم تقريبًا، وهما أكبر بكثير من الإلكترون، وتبلغ كتلة البروتون نحو 1840 ضعف كتلة الإلكترون.
- تضم النواة كلًا من البروتون والنيوترون، وهي موجبة الشحنة.
- تعد الذرات صغيرة جدًا في الحجم، حيث يبلغ متوسط حجمها نحو 100 بيكومتر.
- تشكل النواة (بالإنجليزيّة: Nucleus) معظم كتلة الذرة، بينما تشغل الإلكترونات معظم حجم النواة.
- ينتج عن اختلاف عدد النيوترونات النظائر المختلفة للعنصر (بالإنجليزيّة: Isotopes)، بينما تنتج الأيونات (بالإنجليزيّة: Ions) عن اختلاف عدد الإلكترونات، وهي تمثل الذرات المشحونة كهربائيًا، وتشكل النظائر والايونات لذرة معينة مع ثبات عدد البروتونات، الأشكال المختلفة لنفس العنصر الكيميائي.
- تعد إزالة أو إضافة الإلكترونات من الذرة أسهل بكثير من إزالة البروتونات أو الإلكترونات، ويشمل التفاعل الكيميائي ذرات أو مجموعات من الذرات، والتفاعل بين إلكتروناتها.
- تمتلك الذرات دائمًا عددًا متساويًا من البروتونات والإلكترونات.
- اكتُشف النواة في عام 1911م، من قبل العالم الفيزيائي إرنست رذرفودر، وهو الذي أطلق اسم البروتون على الجسيمات موجبة الشحنة في الذرة، كما أعلن عن وجود جسيمات متعادلة في النواة أيضًا، والتي تم التعرف عليها في عام 1932م بعد ذلك من قبل الفيزيائي جيمس شادويك.