في خطوةٍ رائدةٍ تهدف إلى تعزيز مكانة اللغة العربية في قلب الثورة التكنولوجية، أعلنت دولة قطر عن إطلاق مشروع “فنار”، وهو نموذج متقدم في الذكاء الاصطناعي صُمم خصيصًا لخدمة اللغة العربية. جاء الإعلان عن هذا المشروع الهام خلال فعاليات القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي استضافتها الدوحة، ليشكل بذلك إضافة نوعيةً إلى المشهد التكنولوجي العربي.
يمثل مشروع “فنار” ثمرة تعاون مثمر بين نخبة من الخبراء والمؤسسات الرائدة في قطر، حيث شاركت فيه جامعة حمد بن خليفة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك بالتعاون مع شركاء عالميين من أبرزهم شركة غوغل. هذا التعاون الاستراتيجي يؤكد على أهمية اللغة العربية في المشهد الرقمي العالمي، ويعكس التزام قطر بدفع عجلة التنمية الرقمية في المنطقة.
“فنار” هو ثمرة جهود رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، يمثل قفزة نوعية في عالم التكنولوجيا العربية. هذا النموذج المتطور، الذي يستند إلى أحدث التقنيات في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، يتميز بقدرته الفائقة على فهم اللغة العربية بعمق ودقة، متجاوزًا بذلك الحواجز اللغوية التي كانت تحد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في منطقتنا.
فبفضل خوارزمياته المتقدمة، يستطيع “فنار” التعامل مع مختلف اللهجات العربية، مما يجعله أداة قوية لدعم التواصل والتعليم في العالم العربي. ويتعدى دور “فنار” حدود الفهم اللغوي، إذ يهدف إلى إحداث تحول نوعي في العديد من القطاعات. فهو يمثل حجر الأساس لبناء منظومة رقمية عربية متكاملة، تساهم في تطوير المؤسسات التعليمية والإعلامية، وتزويدها بأدوات مبتكرة تسهل عمليات التعلم والإنتاج.
وقد أكد معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، على أهمية هذا المشروع كخطوة استراتيجية لتعزيز الحضور العربي في السباق التكنولوجي العالمي، مشيرًا إلى أنه يمثل إنجازًا فريدًا يعكس طموحات قطر في الريادة الرقمية.
جناح “فنار”.. تجربة تفاعلية تدعم المحتوى العربي
شهد جناح “فنار” خلال القمة إقبالاً كبيراً من الزوار الذين أبدوا حماساً شديداً لتجربة هذه المنصة العربية المتقدمة للذكاء الاصطناعي. وقد تمكن الحضور من التفاعل مباشرة مع “فنار” واستكشاف إمكاناته الواعدة، مما أتاح لهم فرصة فريدة لتقديم ملاحظات قيمة تساهم في تطوير النسخ المستقبلية من المشروع. هذا التفاعل المباشر مع الجمهور يعكس التزام قطر بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعزز الهوية الثقافية واللغوية العربية، وتجعلها في قلب التقدم التكنولوجي.
وفي سياق متصل، أكدت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن الشراكات القائمة والملاحظات التي جمعتها القمة تمثل ركيزة أساسية في مسيرة تطوير مشروع “فنار”. فمن خلال التعاون مع الخبراء والمختصين، تسعى قطر إلى بناء نظام بيئي متكامل للذكاء الاصطناعي، يسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة في مختلف القطاعات.
وتجدر الإشارة إلى أن القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في قطر، التي أقيمت تحت شعار “وضع الإنسانية محور لتطورات الذكاء الاصطناعي”، ركزت على أربعة محاور رئيسية. فبالإضافة إلى استكشاف تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ناقشت القمة أهمية الحوكمة الرشيدة لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التقنيات. كما سلطت الضوء على ضرورة تسريع وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، وتعزيز التكامل بين الذكاء الاصطناعي والإنسان لتحسين نوعية الحياة.
وقد حققت القمة نجاحاً باهراً، حيث شهدت حضوراً كبيراً تجاوز 3 آلاف زائر من مختلف أنحاء العالم، مما يعكس الاهتمام المتزايد بتقنيات الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي. وقد تمكن المشاركون من الاستماع إلى نخبة من الخبراء والمتحدثين، والتعرف على أحدث التطورات في هذا المجال. كما قدمت القمة منصة مثالية للشركات الناشئة لعرض أفكارها المبتكرة، مما يساهم في تعزيز بيئة الابتكار في قطر.
رؤية غوغل لمستقبل الذكاء الاصطناعي العربي
بدوره، أكد غسان كوستا المدير الإقليمي لغوغل كلاود في حديث خاص مع الجزيرة نت أن المحتوى العربي يواجه تحديات كبيرة مقارنة بالمحتوى بلغات أخرى مثل الإنجليزية والصينية.
وقال كوستا “أحد أهم عوامل نجاح مشروع مثل فنار هو التركيز على المحتوى العربي، كلما زاد المحتوى المتاح واستخدم بشكل صحيح زادت دقة وفعالية نماذج الذكاء الاصطناعي”. وأشار إلى أن غوغل ملتزمة بتوسيع نطاق المحتوى العربي الرقمي، موضحا أنها “تسعى لتوفير التكنولوجيا لدعم المشاريع المحلية وتعزيز الشراكات مع المؤسسات في المنطقة”.
وأضاف كوستا “لدينا تطلعات كبيرة لمستقبل الذكاء الاصطناعي العربي، يمكننا بالتعاون مع حكومات وشركات المنطقة أن نخلق نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على المنافسة عالميا، الخطوة الأولى تكمن في إثراء المحتوى العربي عبر الإنترنت، ليس فقط من قطر ولكن من جميع الدول العربية”.