محمود درويش، صوت فلسطين الأبدي، شاعرٌ حفر اسمه بأحرف من نور في سماء الشعر العربي. بصوته الشجيّ وأقواله المؤثرة، رسم لوحاتٍ بديعة عن الوطن والحب والفقدان. لقد كان أكثر من مجرد شاعر، فهو رمزٌ للمقاومة والصمود، وأيقونةٌ للشعر العربي الحديث. في هذا المقال، سنتعرف عن قرب على حياة هذا الشاعر الكبير، وأجمل أقواله التي لا تزال تلهمنا حتى يومنا هذا.
من هو محمود درويش ؟
محمود درويش، شاعر فلسطين الذي ترك بصمة عميقة في الأدب العربي، ولد في الثالث عشر من مارس عام 1941 في قرية البروة، الواقعة في الجليل الأسفل داخل فلسطين التاريخية. منذ صغره، أظهر درويش شغفاً كبيراً بالأدب والشعر، حيث كانت الكلمات تعبر عن مشاعره وأفكاره بعمق.
غير أن هذه البدايات الهادئة سرعان ما انقطعت بسبب النكبة الفلسطينية عام 1948، والتي أدت إلى تدمير قريته وتهجير عائلته إلى لبنان. بعد فترة من اللجوء والتشرد، عاد درويش وعائلته إلى فلسطين واستقروا في قرية دير الأسد، حاملين معهم جراح الوطن وآلام النزوح. هذه الأحداث المؤلمة شكلت تجربة عميقة في حياة الشاعر، وتركّت بصمتها الواضحة على شعره الذي حمل هموم وطنه وقضيته.
بدأ الشاعر الفلسطيني محمود درويش مسيرته المهنية في عالم الكتابة والإعلام في سنٍ مبكرة، حيث عمل كصحفي في جريدة الهيئة العامة للإعلام، ثم انتقل إلى جريدة الفجر ليشغل منصب مساعد تحرير. وفي سن السادسة عشرة تحديدًا، في عام 1957، خطا درويش خطواته الأولى في عالم الشعر بكتابة أول قصيدة له، والتي كانت شرارة الانطلاق لمسيرة أدبية حافلة بالإبداع.
لم يمضِ وقت طويل حتى برز صوت درويش كأحد أهم الأصوات الشعرية في العالم العربي، خاصةً في القضية الفلسطينية. فقد تمكن ببراعة من أن يعبر عن أحاسيس ومشاعر الشعب الفلسطيني تجاه وطنه وحبه، وتجسيد معاناته في ظل الاحتلال، كما تناول قضايا الحب والحياة والأمل واليأس بعمق وشاعرية.
خلال مسيرته المهنية، تنقل درويش بين العديد من المدن العربية والأوروبية، حيث عاش وعمل في بيروت وتونس وباريس، وفي كل مكان ترك بصمته الأدبية الفارقة. وفي عام 1996، استقر درويش في مدينة رام الله بالضفة الغربية، حيث أمضى بقية حياته، مستمرًا في الإبداع وإنتاج الشعر الذي أثرى المكتبة العربية.
لقد كان محمود درويش شخصية بارزة في الحقلين الثقافي والسياسي الفلسطيني، حيث شارك بنشاط في مختلف الحركات المقاومة. وقد عانى بسبب مواقفه الوطنية من اعتقالات متكررة على يد السلطات الإسرائيلية امتدت من عام 1961 وحتى عام 1972. بعد هذه الفترة المضطربة، سافر درويش إلى موسكو لاستكمال دراساته، ثم انتقل إلى القاهرة ومنها إلى بيروت.
خلال هذه الفترة، انخرط بشكل عميق في العمل الوطني الفلسطيني، حيث شغل منصب مستشار في منظمة التحرير الفلسطينية، وتولى مهام قيادية في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لها. ومع ذلك، وفي خطوة جريئة تعكس تمسكه بمبادئه، قرر درويش الاستقالة من منصبه احتجاجاً على اتفاقية أوسلو التي أبرمت بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
شهدت بيروت خلال الفترة الممتدة من عام 1973 وحتى عام 1982، مقر إقامة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، حيث تولى فيها منصب رئيس تحرير مجلة شؤون فلسطينية، هذا بالإضافة إلى عمله كمدير لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية. وفي سياق هذه الفترة الزاخرة بالإنتاج الإبداعي، أسس درويش مجلة الكرمل عام 1981، والتي سرعان ما أصبحت منصة مهمة للفكر والثقافة الفلسطينية.
بحلول عام 1977، كان قد حقق نجاحًا باهرًا في عالم النشر، حيث تجاوزت مبيعات دواوينه الشعرية حاجز المليون نسخة، مما يؤكد مكانته كأحد أهم الشعراء العرب في عصره. غير أن هذا الحضور الأدبي المميز لم يمنعه من مواجهة الصعاب التي شهدتها المنطقة، فبعد أن تعرضت بيروت لغزو إسرائيلي وحصار دام لشهرين في عام 1982، اضطر درويش إلى مغادرتها مع منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد ذلك، بدأ مرحلة جديدة من التيه والتنقل بين عدة عواصم عربية وأوروبية، حيث عاش في سوريا وقبرص والقاهرة وتونس قبل أن يستقر في باريس.
توفي الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش يوم 9 أغسطس عام 2008 في مدينة هيوستن الأمريكية، بعد خضوعه لعملية جراحية في القلب. وقد ترك رحيله حزناً عميقاً في قلوب محبيه ومحبي الشعر العربي في كل مكان. وبعد رحيله، تمّ تكريمه على نطاق واسع باعتباره أيقونة من أيقونات الشعر العربي الحديث. وقد وري جثمانه الثرى في مقبرة خاصة خصصت له في مدينة رام الله بتاريخ 13 أغسطس من نفس العام، وذلك في مقر قصر رام الله الثقافي، حيث أُقيم له حفل تأبين مهيب شارك فيه كبار الشعراء والأدباء والمفكرين.
من أجمل ما قال محمود درويش
تُعتبر هذه المجموعة من الاقتباسات والعبارات كنزًا أدبيًا حقيقيًا يعكس عمق فكر الشاعر محمود درويش وجمال أسلوبه الساحر. من خلال هذه الكلمات، نستطيع أن نستكشف عالمًا من المشاعر والأحاسيس التي تجسدت في قصائده الخالدة:
- هل في وسعي أن أختار أحلامي، لئلّا أحلم بما لا يتحقّق.
- ذهبَ الذينَ تُحبهم ذهبوا، وكأنَ شيئًا لم يكُنْ وها أنا وحدي ملء هذا الكون.
- أتيت و لكنّي لم أصل، و جئت و لكنّي لم أعد .
- أمّا أنا، فسأدخل في شجر التوت حيث تحوّلني دودة القزّ خيط حرير، فأدخل في إبرة امرأة من نساء الأساطير، ثمّ أطير كشالٍ مع الريح.
- مهما كان عمرك ستجد نفسك تتصرّف بعض التصرفات الطفوليّة عند جلوسك مع اشخاصٍ ترتاح لهم جدًا.
- كل الطرق تؤدي إليك، حتّى تلك التي سلكتُها لنسيانك.
- والتاريخ يسخر من ضحاياه ومن أبطاله، يلقي عليهم نظرةً ويمُر.
- كنت سأشتري لكِ البنفسج هذا الصباح، لكنّ الرّفاق كانوا جياعًا فاشتريت لهم خبزًا وكتبتُ لكِ قصيدةَ حب.
- حين ينتهي الحب، أُدرك أنّه لم يكن حبًا، الحب لا بدّ أن يُعاش، لا أن يُتذكَّر.
- هناك من يرَى الحبَّ حياة، وهناك من يراه كذبة، كلاهما صادق: فالأوَّل التَقى بروحه، والثاني فقدها.
- عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءًا يا وطني.
- أحببتك مُرغمًا ليس لأنّك الأجمل بل لأنّك الأعمق فعاشق الجمال في العادةِ أحمَق.
- في قانون الحب، الصباح الذي لا تسمع فيه صباح الخير ممن تحب، يبقى ليلًا حتى إشعارٍ آخر.
- عيناك نافذتان على حلم لا يجيء و في كل حلم أرمم حلمًا وأحلم.
- سأصير يوماً ما أريد.. سأصير يوماً طائراً، وأسلّ من عدمي وجودي.. كلّما احترق الجناحان اقتربت من الحقيقة، وانبعثت من الرماد.. أنا حوار الحالمين، عزفت عن جسدي وعن نفسي لأكمل رحلتي الأولى إلى المعنى، فأحرقني وغاب.. أنا الغياب.. أنا السماويّ الطريد.
- لا أتذكر قلبي إلّا إذا شقه الحب نصفين أو جفّ من عطش الحب.
- سجّل أنا عربي أنا اسم بلا لقب يعيش بفورة الغضب، جذوري قبل ميلاد الزمان رست، وقبل تفتح الحقب. سجل أنا عربي أنا من هناك ولي ذكريات ولدت كما تولد الناس، لي والدة و بيت كثير النوافذ، لي إخوة أصدقاء وسجنٌ بنافذةٍ باردة، ولي موجة خطفتها النوارس، لي مشهدي الخاص، لي عشبة زائدة ولي قمر في أقاصي الكلام ، ورزق الطيور ، وزيتونة خالدة مررت على الأرض قبل مرور السيوف على جسدٍ حوّلوه إلى مائدة .
- وليس لنا في الحنين يد، وفي البعد كان لنا ألف يد. سلامٌ عليك، افتقدتك جدًا، وعليّ السلام فيما أفتقد.
- اطَّلع على مجموعة من أشهر أقوال دوستويفسكي العميقة
- في اللامبالاة فلسفة، إنّها صفةٌ من صفاتِ الأمل.
- ولنا أحلامنا الصغرى، كأن نصحو من النوم مُعافين من الخَيبة. لم نحلم بأشياءٍ عصيّة .. نحن أحياء وباقون، وللحلم بقية.
- ليس الحب فكرة، إنّه عاطفة تسخن وتبرُد وتأتي وتذهب.
- النسيان هو تدريب الخيال على احترام الواقع.
- هناك حبٌ يمر بنا فلا هو يدري ولا نحن ندري.
- هذا هو الحب.. أني أحبك حين أموت وحين أحبك أشعر أني أموت.
- من سوء حظي نسيت أنّ الليل طويل ومن حسن حظك تذكرتك حتى الصباح.
- إليك المزيد: أشهر اقتباسات وأقوال إبراهيم الفقي
- علموك أن تحذر الفرح لأنّ خيانته قاسية.
- لم يبقَ في اللغة الحديثة هامش للاحتفال فكل ما سيكون كان.
- لا أتذكر قلبي إلا إذا شقه الحب نصفين أو جف من عطش الحب.
- ليتنا استطعنا أن نحب أقل كي لا نتألم أكثر.
- سأمدَح هذا الصباح الجديد.. سأنسى الليالي كل الليالي وأمشي إلى وردة الجار أخطف منها طريقتها في الفرح.
- الليل يا أماه ذئب جائع سفّاح يُطارد الغريب أينما مضى.
- قُل للغياب نقصتني وأنا أتيتُ لأكملك.
- ما أشد سعادة المرء حين لا يودع أحدًا ولا ينتظر أحدًا.
- وكلما فتّشتُ عنهم لم أجد فيهم سوى نفسي الغريبة.
- لا بأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا.. ولكن الشقاء الكامل أن يكون حاضرنا أفضل من غدنا.. يا لهاويتنا كم هي واسعة.
- حين عطشت طلبت الماء من عدوي ولم يسمعني فنطقتُ باسمك وارتويت.
- ما أجمل الصدفة، إنّها خالية من الانتظار.
- أحب الحديث معك رغم أني لا أملك ما أقول.
- هل كان علينا أن نسقط من علوٍ شاهق ونرى دمنا على أيدينا لنٌدرك أنّنا لسنا ملائكة كما كُنّا نظُن.
- سأبقى أحبك راحلاً إليك.. إن كان في الماء فلا أخشى الغريق وإن كان في اليابسة فلا أهاب سيوف الطريق.
- عيناك نافذتان على حلمٍ لا يجيء وفي كل حلم أرمّم حلمًا وأحلم.
- آه يا جرحي المُكابر، وطني ليس حقيبةً وأنا لست مسافرًا.. إنني العاشق والأرض حبيبة.
- بكل ما أوتيت من فرح أخفي دمعتي.
- قصب هياكلنا و عروشنا قصب في كل مئذنة حاوٍ ومُغتصب يدعو لأندلسٍ إن حُوصرت حلب.
- في البيت أجلس لا سعيدًا لا حزينًا بين بين.. ولا أُبالي إن علمت بأنني حقاً أنا أو لا أحد.
- أيها الموت انتظرني خارج الأرض، انتظرني في بلادك ريثما أُنهي حديثًا عابرًا مع ما تبقَّى من حياتي.
- إنّني أحتفل اليوم بمرور يومٍ على اليوم السابق، وأحتفل غدًا بمرور يومين على الأمس، وأشرب نخب الأمس ذكرى اليوم القادم .. هكذا أواصل حياتي.
- وتشابهت أنت وقهوتي.. باللذّة والمرارة والإدمان.
- ربما ماتت.. فإنّ الموت يعشق فجأة مثلي وإن الموت مثلي لا يحب الإنتظار.
- وأنت تفكر بالآخرين البعيدين فكر بنفسك.. قل ليتني شمعة في الظلام.
- بالأمس كنا نفتقد للحرية .. اليوم نفتقدُ للمحبّة .. أنا خائف من غد لأننا سنفتقد للإنسانية .
- ما بين دقيقةٍ أُقرُّ فيها النسيان ودقيقة أحاول تجربة ذلك، مجازر تقام بداخلي ولا تتوقف.
- أخاف العيون التي تستطيع اختراق ضفافي.. فقد تُبصر القلب حافي.. أخاف اعترافي.
- في البيت أجلس لا سعيداً لا حزيناً بين بين .. و لا أبالي إن علمت بأنني حقاً أنا أو لا أحد.