القائمة إغلاق

من هو ورقة بن نوفل

ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن لؤي، ابن عم السيدة خديجة -رضي الله عنها- وكان قد بشر محمد -صلى الله عليه وسلم- بالنبوة، فرآه النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام بأن عليه ثيابًا بيضًا، وأخبر أنَّه شاهده في بطنان من الجنة وعليه السندس، توفي ورقة بن نوفل في فترة الوحي أي في عام 14 قبل الهجرة الموافق 620 م.

وقد كان قُبيل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- شيخًا مسنًا فاقدًا لبصره، وورقة هو ابن عم السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، اعتنق النصرانية في الجاهلية، وكان يعرف العبرانية، فيَكتُب بها ما شاء الله من الإنجيل.

حياة ورقة بن نوفل

كان ورقة بن نوفل يعبد الأصنام، فاعتزلها قبل الإسلام وتنصَّر، وقرأ كتب الديانات السماوية، وأدرك بداية نبوة رسول الله وهو حين ذاك شيخ كفيف، وكان هو وعبيد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث وزيد بن عمرو ممن تناجوا في يوم عيد كان عند المشركين كانوا فيه يطوفون حول أصنام لهم، فتناجوا وتعاهد الأربعة على كتمان ما يقال بينهم، وأجمعوا على بطلان ما كانت قريش عليه من عبادة للأصنام، واتفقوا على أن يتفرقوا ليجوبوا الآفاق التماسًا لدين إبراهيم الحنيف، فذهب ورقة وزيد إلى بلاد الشام.

فقصدا راهبًا وأخبراه ما يريدان، فأجابهما بأن ما يطلبانه لم يأت بعد، وأنَّ هذا زمانه، ونبي هذا الدين يخرج من تيماء، أما ورقة بن نوفل قد استحكم النصرانية وقتها، وكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء، كان من مواقفه مما نقل عنه، أنه مرَّ ببلال بن رباح ذات يوم وهو يُعذب، ويقول: “أحد أحد”، فيقول له تثبيتًا وتشجيعًا: “أحد أحد يا بلال”.

قصة ورقة بن نوفل مع النبي الكريم النبي -عليه الصلاة والسلام- في غار حراء

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخلو في غار حراء عدة أيامٍ وليال؛ يتفكر في الكون ويتعبد فيه؛ لعله يهتدي إلى خالق هذا الكون وموجده، فنزل عليه المَلك جبريل -عليه الصلاة والسلام- بأول سورةٍ من القرآن وهي سورة العلق، فقال له: (اقْرَأْ)، وأعادها عليه ثلاث مرّات، وكان المَلَك جبريل يضمهُ ضمةً قويةً في كل مرة، حتى أجهد ذلك النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- غاية الجهد، ثمّ تركه دون أن يعرف الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- حقيقة هذا الأمر.

فرجع -عليه الصلاة والسلام- إلى بيته خائفًا مضطربًا، فاستقبلت السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- مطمئنةً إياه أنَّ الله -تعالى- لا يُضيعه، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يكثر من أعمال البر والخير كصلة الرحم، وصدق الحديث، وإكرام الضيف، وغيرها من أعمال الخير بين الناس. ورد في الحديث الصحيح عن السيدة خديجة أنَّها قالت للنبي -عليه الصلاة والسلام- عقب نزول الوحي عليه أول مرة: “كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ”.

ورقة بن نوفل يبشر بنبوة النبي الكريم

بعد أن طمأنت السيدة خديجة -رضي الله عنها- النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- ذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل؛ فقصَّ -عليه الصلاة والسلام- ما حدث معه في الغار، فأخبره ورقة بن نوفل أنّ الذي أتاه في الغارهو النّاموس الأكبر، أي: الملك جبريل الذي لا ينزل إلا على الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وأنَّه سيكون نبيّ هذه الأمّة، وأنَّ قومه سيُؤذونه ويخرجوه من بلده مكّة المكرّمة، فهذا حال كل من يأتي برسالة التوحيد من الأنبياء.

ثم أخبر ورقةُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه سينصره ويُثبته إن طال به العمر لبعثته -عليه الصلاة والسلام-، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “ثُمَّ انْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ… فَقالَ ورَقَةُ: ابْنَ أخِي، مَاذَا تَرَى؟ فأخْبَرَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما رَأَى، فَقالَ ورَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذي أُنْزِلَ علَى مُوسَى، يا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ فَقالَ ورَقَةُ: نَعَمْ؛ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ”.

وفاة ورقة بن نوفل

تقول السيدة عائشة -رضي الله عنها- في الحديث الصحيح: “ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ”، فلم يمضِ وقت طويل بين بشارة ورقة بنبوة الرسول-عليه الصلاة والسلام- وبين موته، وقد قيل أنَّ ورقة مات بعد يوم أو يومين من إبلاغه النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنبوة.

وكان هذا الحدث قد أحزن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- آنذاك، خاصةً مع فتور الوحي عنه، فالنبيُّ -عليه الصلاة والسلام- فَقَدَ رجلًا مؤمنًا به ونصيرًا له في بداية دعوته، ورد في الحديث الصحيح، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “لا تسبُّوا ورَقةَ بنَ نوْفلٍ، فإنِّي قدْ رأيتُ له جنةً أوْ جنَّتيْنِ”.

Related Posts

اترك رد