في عالمنا الرقمي المتسارع، أصبح الهاتف الذكي امتداداً ليدنا، ولا يكاد يفارقنا لحظة واحدة. ومع هذا التعلق الشديد بأجهزتنا المحمولة، غالبًا ما ننسى الآثار السلبية التي قد يتركها الإدمان على الهاتف على حياتنا اليومية، وخاصة في بيئة العمل.
فالإشعارات المتتالية، والرسائل النصية، والمكالمات الهاتفية، والإغراء المستمر بالتمرير عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، كلها عوامل تشتت الانتباه وتعيق الإنتاجية. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن الإفراط في استخدام الهاتف قد يؤدي إلى مشاكل صحية جسيمة، مثل إجهاد العين، وآلام الرقبة والظهر، واضطرابات النوم، بل وحتى الإصابة بالاكتئاب والقلق.
كما يزيد من خطر التعرض للحوادث، سواء في مكان العمل أو أثناء القيادة، نتيجة لعدم الانتباه لما حولنا. لكن الخبر الجيد هو أن السيطرة على استخدام هاتفك أثناء العمل أمر ممكن إذا أجريت بعض التغييرات الواعية في عاداتك اليومية.
نصائح للابتعاد عن الهاتف أثناء العمل
أبقِ الهاتف بعيدا عن الأنظار
إن عادة التحقق المستمر من الهاتف هي عادة مكتسبة يمكن تغييرها. عندما تضع هاتفك بعيدًا عن متناول يدك، فإنك تبدأ في كسر هذه العادة وتستبدلها بعادة جديدة وهي التركيز على العمل. فمجرد وجود الهاتف ضمن مجال رؤيتك يبعث برسائل لا واعية إلى عقلك، يحفزه على الانتباه إلى أي إشعار أو تنبيه قد يصل.
هذا التوتر المستمر الناتج عن انتظار الإشعارات يزيد من حدة القلق ويقلل من قدرتك على التركيز على المهام الحالية. لذا، فإن أبسط الحلول وأكثرها فعالية هو إبعاد الهاتف تمامًا عن الأنظار. بوضعه في حقيبة أو درج بعيد، فإنك ترسل إشارة قوية لعقلك بأن وقت العمل قد حان، وأنك ملتزم بإنجاز مهامك دون أي انقطاع. هذه الخطوة البسيطة تساعدك على خلق بيئة عمل أكثر هدوءًا وتركيزًا، مما يساهم في زيادة إنتاجيتك وتحسين جودة عملك.
حدد أوقاتا ثابتة لاستخدام الهاتف
لتحقيق أقصى استفادة من وقتك وزيادة إنتاجيتك، من الضروري أن تضع حدودًا واضحة لاستخدام هاتفك الذكي. بدلاً من السماح له بالسيطرة على يومك من خلال التحقق المستمر من الإشعارات وتصفح التطبيقات بشكل عشوائي، قم بتخصيص فترات زمنية محددة لاستخدام الهاتف.
يمكنك مثلاً تخصيص جزء من استراحة الغداء أو بعد الانتهاء من المهام الأساسية للرد على الرسائل أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي. هذا النظام سيساعدك على التركيز بشكل أفضل على مهامك الحالية، مما يزيد من كفاءتك ويقلل من الشعور بالإرهاق الذهني.
فالتنقل المستمر بين الهاتف والمهام الأخرى يجبر عقلك على التحول بين وضعيات مختلفة بشكل متكرر، مما يستهلك طاقة ذهنية كبيرة ويؤثر على قدرتك على التركيز. عندما تحدد أوقاتًا محددة لاستخدام الهاتف، ستمنح عقلك فرصة للاسترخاء والتركيز على مهمة واحدة في كل مرة، مما يزيد من جودة عملك ويحسن من مزاجك العام.
قم بإلغاء تفعيل الإشعارات
إن الإشعارات التي تتلقاها على هاتفك الذكي، سواء كانت رسائل نصية، أو تحديثات من وسائل التواصل الاجتماعي، أو تنبيهات من التطبيقات المختلفة، تشكل إغراءً مستمراً للتفقد. هذه التنبيهات تعمل كمثيرات مستمرة للدماغ، تدفعه إلى الانشغال بأشياء تافهة، وتشتت انتباهه عن المهام التي يقوم بها.
وعندما تتعود على التحقق من هاتفك باستمرار استجابةً لهذه الإشعارات، فإنك تدرب دماغك على أن يكون في حالة تأهب مستمرة، مما يؤثر سلبًا على قدرتك على التركيز والانتباه على المدى الطويل. لذا، فإن تعطيل الإشعارات غير الضرورية، مثل تلك الخاصة بالأخبار العاجلة أو الدردشات الجماعية، يمكن أن يساعدك بشكل كبير في تقليل التشتت وتحسين قدرتك على التركيز على مهامك، سواء كانت عملًا أو دراسة أو أي نشاط آخر يتطلب تركيزًا ذهنيًا.
خصص استراحات خالية من الهاتف
لتحقيق أقصى استفادة من فترات استراحتك، حاول قدر الإمكان أن تجعل هذه اللحظات ملاذاً بعيداً عن شاشة الهاتف. فبدلاً من أن تكون الاستراحة مجرد فاصل قصير بين مهام العمل، هي في الواقع فرصة ذهبية لتجديد طاقتك وإعادة شحن بطارياتك العقلية. إن الانغماس المستمر في عالم التطبيقات والإشعارات يزيد من الضغط على الدماغ، مما يجعلك تشعر بالإرهاق والتشتت حتى بعد انتهاء وقت العمل.
لذا، استبدل التحديق في شاشة الهاتف بأنشطة أكثر استرخاءً، كالمشي في الهواء الطلق، أو ممارسة التأمل، أو حتى مجرد الجلوس بهدوء والاستماع إلى صوت الطبيعة. هذه الأنشطة البسيطة تسمح لعقلك بالاسترخاء التام والابتعاد عن الأفكار المزعجة، مما يجعلك تعود إلى عملك بنشاط متجدد وتركيز أعلى.
تعمد التأخر بالرد
لا تشعر بالضغط للرد على كل رسالة تصل إلى هاتفك في الحال. في عالمنا المتصل الرقمي، أصبحنا نربط بين سرعة الرد وأهمية الشخص المرسل، وهو أمر غير صحي بالمرة. بتبني عقلية أكثر استرخاءً تجاه الإشعارات، يمكنك أن تحرر نفسك من قيود التواجد الدائم. بدلاً من الرد الفوري، خصص أوقاتًا محددة خلال اليوم لفحص هاتفك والرد على الرسائل.
هذا الأسلوب لا يساعدك فقط على تنظيم وقتك بشكل أفضل، بل يقلل أيضًا من التوتر والقلق الناجم عن الإشعارات المتكررة. تخيل أنك تستمتع بوجبة العشاء مع عائلتك دون أن يقطع هدوء اللحظة رنين هاتفك. هذا هو نوع الحرية التي يمكنك تحقيقها من خلال إدارة تفاعلاتك مع الهاتف بشكل استباقي.