السياحة في موريتانيا: رحلة لمشاهدة قطار الصحراء وزيارة المدن التاريخية

عندما تُذكر كلمة “صحراء”، تتبادر إلى الذهن صور الكثبان الرملية اللامتناهية، والهدوء الساحر، والسماء المُرصعة بالنجوم. وموريتانيا، بوابة الصحراء الكبرى، هي المكان الذي تتحول فيه هذه الصور إلى حقيقة حيّة وملموسة.

إذا كنت تبحث عن تجربة سفر حقيقية، بعيدة عن صخب العالم الحديث، وتتوق إلى اكتشاف جمال الطبيعة القاسية وكرم الضيافة الأصيلة، فإن موريتانيا تناديك. في هذا المقال، سنأخذك في رحلة استكشافية إلى أبرز معالمها: من تجربة ركوب قطار الصحراء الأسطوري، إلى زيارة مدن شنقيط ووادان التاريخية.

موريتانيا

تخيل قطاراً يمتد طوله لأكثر من كيلومترين ونصف، يجر خلفه مئات العربات المحملة بخام الحديد، ويشق طريقه ببطء وثبات عبر بحر من الرمال الذهبية. هذا ليس مشهداً من فيلم، بل هو الواقع اليومي لقطار الصحراء في موريتانيا، وهو أحد أطول وأثقل القطارات في العالم.

ما هي رحلة قطار الصحراء؟

يربط هذا القطار بين مناجم الحديد في مدينة “زويرات” في عمق الصحراء، وميناء “نواذيبو” على ساحل المحيط الأطلسي، في رحلة تمتد لحوالي 700 كيلومتر وتستغرق ما يقارب 20 ساعة. على الرغم من أن الغرض الأساسي للقطار هو شحن خام الحديد، إلا أنه أصبح أسطورة بين المغامرين والباحثين عن تجارب فريدة.

التجربة التي لا تُنسى:

السفر على متن قطار الصحراء ليس رحلة سياحية فاخرة، بل هو مغامرة بكل معنى الكلمة. أمامك خياران:

  1. عربة الركاب: توجد عربة واحدة (أو اثنتان أحياناً) مخصصة للركاب في نهاية القطار، وهي الخيار الأكثر راحة نسبياً.
  2. فوق خام الحديد: هذا هو الخيار الذي يختاره المغامرون الحقيقيون. يمكنك القفز إلى إحدى عربات الشحن المفتوحة والجلوس فوق أكوام خام الحديد. ستكون مغطى بالغبار الأسود بنهاية الرحلة، لكنك ستحظى بمشاهد بانورامية للصحراء لا مثيل لها، وستشاهد سماء الليل الصافية والمليئة بالنجوم كما لم ترها من قبل.

هذه التجربة تمنحك شعوراً بالحرية المطلقة والاندماج الكامل مع الطبيعة الصحراوية القاسية والجميلة في آن واحد.

بعد مغامرة القطار، تبدأ رحلة أخرى عبر الزمن بزيارة المدن الصحراوية القديمة التي أدرجتها اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي. كانت هذه المدن يوماً ما مراكز حيوية للتجارة والعلم على طرق القوافل القديمة.

1. شنقيط: سابع المدن المقدسة في الإسلام

موريتانيا

تعتبر شنقيط جوهرة الصحراء الموريتانية. كانت هذه المدينة في الماضي مركز إشعاع علمي وديني، وملتقى للحجاج المتجهين إلى مكة. اليوم، تكافح شنقيط للبقاء في وجه زحف الرمال التي تهدد بابتلاعها.

  • ماذا ترى؟ تجول في أزقتها الرملية الضيقة، قم بزيارة مسجدها العتيق ذي المئذنة المربعة المميزة، واكتشف الكنز الحقيقي للمدينة: المكتبات القديمة التي تضم آلاف المخطوطات التاريخية النفيسة في علوم الدين والفلك والرياضيات، والتي حافظت عليها العائلات لأجيال.

2. وادان: قلعة على طريق القوافل

تقع وادان على حافة هضبة صخرية، وكانت في يوم من الأيام محطة رئيسية للقوافل المحملة بالملح والذهب. أطلال المدينة القديمة تقف اليوم شاهدة على تاريخها العريق.

  • ماذا ترى؟ استكشف أطلال المدينة الحجرية القديمة عند شروق الشمس أو غروبها، واستمتع بالمناظر الخلابة للصحراء من الأعلى. زيارة وادان تمنحك شعوراً بأنك تسير في صفحات التاريخ.

لتحظى بتجربة سلسة وممتعة، إليك بعض النصائح الهامة:

  • أفضل وقت للزيارة: الفترة الممتدة من أكتوبر إلى أبريل، حيث يكون المناخ أكثر اعتدالاً وبرودة نسبياً.
  • التأشيرة: تحقق من متطلبات التأشيرة لبلدك قبل السفر. يمكن الحصول عليها عند الوصول في بعض الحالات.
  • ماذا ترتدي؟ ملابس خفيفة وفضفاضة تغطي الجسم للحماية من الشمس، مع سترة دافئة لليالي الصحراوية الباردة. لا تنسَ قبعة، نظارات شمسية، ووشاحاً لحماية وجهك من الرمال.
  • احترام الثقافة المحلية: موريتانيا بلد مسلم محافظ. من المهم ارتداء ملابس محتشمة، خاصة للنساء، واحترام العادات والتقاليد المحلية.
  • استمتع بكرم الضيافة: الشعب الموريتاني معروف بكرمه وحسن ضيافته. لا تفوت فرصة المشاركة في طقوس شرب الشاي الصحراوي “أتاي”، فهي تجربة اجتماعية فريدة.

إن السفر إلى موريتانيا هو أكثر من مجرد زيارة أماكن جديدة؛ إنه تجربة تحفر في الذاكرة. هي رحلة تعلمك الصبر، وتجعلك تقدر البساطة، وتكشف لك عن جمال يكمن في الفراغ الشاسع والتاريخ العميق. من هدير قطار الصحراء الذي يكسر صمت الليل، إلى همسات الرياح بين أطلال شنقيط، ستحمل معك قصصاً وذكريات لا تُنسى.

إذا كنت مستعداً لمغامرة حقيقية تلامس الروح، فلتكن موريتانيا وجهتك القادمة.


اكتشاف المزيد من عالم المعلومات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيك بهذه المقالة؟ كن أول من يعلق

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على موقعنا. تساعدنا هذه الملفات على تذكر إعداداتك وتقديم محتوى مخصص لك. يمكنك التحكم في ملفات تعريف الارتباط من خلال إعدادات المتصفح. لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية لدينا.
قبول
سياسة الخصوصية