القائمة إغلاق

أنواع البلاستيك وما هي استخداماتها

تُعتبر المواد البلاستيكية من أهم الابتكارات التي شهدها القرن الماضي، حيث غزت حياتنا اليومية بشكل لا يُصدق، فقبل الخوض في أنواع البلاستيك المختلفة، يكفي أن نُلقي نظرة سريعة حولنا في أي مكان لنُدرك مدى انتشار هذه المادة، بدءًا من الأجهزة الإلكترونية كشاشات التلفاز والحواسيب، وصولًا إلى الأثاث المنزلي كالكراسي والطاولات، والأجهزة الكهربائية كالثلاجات وأجزائها الداخلية، بل وحتى أغلفة المنتجات المختلفة.

كل ذلك يشير إلى هيمنة البلاستيك على محيطنا، فقد تمكن البلاستيك من الحلول محل المواد التقليدية كالمعادن والزجاج والأقطان في شتى الاستخدامات والتطبيقات اليومية، مُحدثًا بذلك ثورة حقيقية في العديد من الصناعات.

حيث يتميز البلاستيك بمقاومته العالية للعوامل البيئية المختلفة، وهي ميزة يراها علماء البيئة من منظور سلبي نظرًا لصعوبة تحلله وتأثيره على البيئة على المدى الطويل، بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر البلاستيك آمنًا بشكل عام للاستخدام البشري، كما أنه يتميز بتكلفته الاقتصادية المنخفضة وتوافره على نطاق واسع، ما جعله خيارًا مفضلًا في العديد من الصناعات والتطبيقات.

شهد العالم منذ فجر الثورة الصناعية تطورات متسارعة في مجالات العلوم والصناعة، وكأن البشرية تسعى جاهدة لتعويض قرون مضت. فبعد عصر الفحم الحجري، مرورًا بعصر النفط أو “الذهب الأسود”، وصلنا إلى العصر الحالي الذي يُمكن وصفه بـ “عصر البلاستيك”.

يُعرّف البلاستيك، أو اللدائن، بأنه مادة مُصنّعة تعتمد على البوليمرات العضوية أو الصناعية أو شبه الصناعية، وتتألف بشكل أساسي من الكربون والهيدروجين، مع إمكانية احتوائها على عناصر أخرى تُضاف لتحسين خواصها أو وظائفها.

يُشير مصطلح “بلاستيك” في جوهره إلى خاصية “اللدونة”، وهي قدرة المادة على التشكّل والتغيّر في هيئتها دون أن تنكسر أو تتفتت، ما يمنحها مرونة فائقة في الاستخدامات والتطبيقات. يُعتبر البلاستيك اليوم من أهم الصناعات على مستوى العالم، وذلك بفضل انتشاره الواسع واستخداماته المتعددة في حياتنا اليومية. فلو ألقيت نظرة فاحصة حولك، ستلاحظ بلا شك أن غالبية الأشياء التي تُحيط بك مصنوعة من البلاستيك، ما يُؤكد حضوره الطاغي في مختلف جوانب حياتنا.

إن صناعة البلاستيك هي عملية دقيقة صعبة وتتم هذه الصناعة باستخدام الخطوات التالية

الاستخراج:

يستهلّ إنتاج البلاستيك بعملية أساسية تُعرف بالاستخراج أو الاستخلاص، وهي المرحلة الأولى والضرورية في هذه الصناعة. خلال هذه العملية، يتمّ الحصول على المواد الخام الأولية التي تُشكّل اللبنة الأساسية في تركيب البلاستيك، وتتضمّن هذه المواد الخام بشكل رئيسي موردين طبيعيين هامين هما النفط والغاز الطبيعي، اللذان يُعتبران المصدرين الرئيسيين للكربون والهيدروجين، وهما العنصران الأساسيان في تكوين البوليمرات التي تُشكّل بدورها البلاستيك بأنواعه المختلفة.

التكرير:

يكمن الهدف الرئيسي لهذه العملية في تحويل النفط الخام، وهو مادة خام طبيعية معقدة، إلى مجموعة متنوعة من المنتجات البترولية القيمة، من بينها المونومرات التي تُعتبر بمثابة اللبنات الأساسية والجزيئات الصغيرة التي تتحد مع بعضها البعض لتكوين سلاسل طويلة تُعرف بالبوليمرات، وهي المادة الأساسية التي يتكون منها البلاستيك.

وتخضع عملية التكرير لسلسلة من المراحل الدقيقة والمتتابعة، تبدأ بتسخين النفط الخام في أفران صناعية ضخمة، حيث تُرفع درجة حرارته إلى مستويات عالية بهدف تبخير مكوناته وفصلها عن بعضها البعض. بعد ذلك، يُمرر النفط المُسخن إلى وحدة التقطير، وهي عبارة عن برج طويل مُصمم خصيصًا لفصل مكونات النفط الخام بناءً على اختلاف درجات غليانها.

ففي هذه الوحدة، يتم فصل النفط الخام الثقيل إلى مكونات أخف وزنًا وأكثر تطايرًا، من بينها النفتا، وهو مُركب هيدروكربوني سائل يُعتبر المكون الأساسي في إنتاج كميات كبيرة من أنواع البلاستيك المُختلفة، حيث يُستخدم النفتا كمادة وسيطة لتحويله إلى مونومرات ومن ثم إلى بوليمرات تدخل في صناعة مُنتجات بلاستيكية مُتنوعة تُستخدم في شتى مجالات الحياة.

البلمرة:

تُعرف البلمرة بأنها العملية الكيميائية التي تتحد فيها جزيئات صغيرة تُسمى المونومرات لتشكيل جزيء ضخم شبكي التركيب يُعرف بالبوليمر. وتتكون هذه المونومرات من نوع واحد أو أكثر من المركبات الكيميائية، حيث يتطلب تكوين البوليمر اتحاد ما لا يقل عن مئة جزيء من المونومرات معًا.

ينتج عن هذه العملية مادة ذات خصائص فريدة تميزها، مثل المرونة العالية وقوة الشد الكبيرة، بالإضافة إلى القدرة المميزة على إنتاج الألياف، وهي خاصية حصرية للبوليمرات لا توجد في المواد الأخرى الناتجة عن اتحاد الجزيئات الصغيرة. وتتميز عملية البلمرة أيضًا بتكوين روابط كيميائية تساهمية قوية ومستقرة بين المونومرات، مما يمنح البوليمر استقرارًا وثباتًا في خصائصه.

عملية المضاعفة والمعالجة:

تُعدّ عمليتا المضاعفة والمعالجة من العمليات الأساسية في إنتاج مركبات البلاستيك، حيث تبدأ عملية المضاعفة بخلط ومزج دقيق لمجموعة متنوعة من المواد الذائبة والمنصهرة معًا، وذلك بهدف تكوين مركبات بلاستيكية ذات خصائص محددة. يُجرى هذا الخلط والمزج باستخدام جهاز مُخصص ومُعدّ خصيصًا لهذه العملية، حيث يتم فيه التحكم بدقة في نسب المواد وظروف الخلط لضمان الحصول على تجانس مثالي.

بعد إتمام عملية المزج والخلط، تبدأ مرحلة التجفيف، وهي مرحلة حاسمة يتم خلالها تحويل الخليط الناتج، الذي يكون على شكل كريات صغيرة، إلى منتج نهائي جاهز للاستخدام أو منتج شبه نهائي يحتاج إلى مراحل معالجة لاحقة لإعداده للاستخدام النهائي. تُساهم عملية التجفيف في إزالة أي رطوبة متبقية من الخليط، ما يُساعد في تحسين خواص المنتج النهائي وزيادة متانته واستقراره.

البلاستيك المعالج بالحرارة Thermoset plastics

يتميز هذا الصنف من اللدائن البلاستيكية بأنه يحافظٌ على شكله بعد التبريد مباشرةً ولا يمكن أن يغير المستهلك شكل القطعة أبدًا. يمكن استخدام هذا الصنف من البلاستيك في تصنيع قطع غيار السيارات وقطع غيار الطائرات والإطارات، ومن الأمثلة على ذلك البولي يوريثان polyurethanes والبوليسترpolyesters والراتنجات الايبوكسي epoxy resins والراتنجات الفينولية phenolic resins .

اللدائن الحرارية Thermoplastics

تأتي اللدائن الحرارية على عكس البلاستيك المعالج بالحرارة أقل صلابةً ويمكن أن يتغير شكلها عند التسخين ثم تعود لشكله الأصلي بعد التبريد. ومن الأمثلة على اللدائن الحرارية البولي إيثيلين (PE) والبولي بروبيلين (PP) وكلوريد البوليفينيل (PVC). بالإضافة للصنفين الأساسيين المذكورين أعلاه هناك العديد من الأنواع تندرج تحت هذين الصنفين ولكلٍ منها استخدامه الخاص.

البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET أو PETE أو البوليستر)

يُعرف البولي إيثيلين تيرفثالات، واختصارًا PET، أيضًا باسم “الألياف الخالية من التجاعيد” نظرًا لخواصه المميزة، ويُستخدم هذا النوع من البلاستيك على نطاق واسع في تطبيقات تغليف الأطعمة والمشروبات، وذلك لعدة أسباب جوهرية، منها قدرته الفائقة على تشكيل حاجز منيع يمنع نفاذ الأكسجين إلى داخل العبوة، الأمر الذي يساهم بشكل كبير في الحفاظ على جودة المنتجات الغذائية والمشروبات ومنع تلفها وفسادها نتيجة لتفاعلها مع الأكسجين.

بالإضافة إلى ذلك، يتميز PET بقدرته على الحفاظ على غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود في المشروبات الغازية ومنعه من التسرب أو الخروج من العبوة، مما يحافظ على فوران هذه المشروبات ونكهتها المميزة. يُعتبر PET من أنواع البلاستيك القابلة لإعادة التدوير، مما يجعله خيارًا صديقًا للبيئة نسبيًا بالمقارنة مع أنواع البلاستيك الأخرى غير القابلة لإعادة التدوير.

حيث يمكن إعادة معالجته واستخدامه في صناعة منتجات جديدة، مما يقلل من النفايات البلاستيكية، ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن PET يحتوي على مركب كيميائي يُعرف باسم ثالث أكسيد الأنتيمون (antimony trioxide)، وهو مادة مصنفة كمادة مسرطنة محتملة، مما يثير بعض المخاوف الصحية المتعلقة باستخدامه.

بناءً على هذه الحقائق، يُنصح بشدة بعدم تخزين السوائل، وخاصةً المياه والمشروبات، في عبوات بلاستيكية مصنوعة من PET لفترات زمنية طويلة، وذلك للحد من احتمالية تسرب كميات ضئيلة من ثالث أكسيد الأنتيمون إلى السائل المخزن، كما يُحذر بشدة من تخزين المشروبات المحفوظة في عبوات PET في أماكن تتعرض لدرجات حرارة عالية.

حيث أن ارتفاع درجة الحرارة قد يحفز عملية إطلاق ثالث أكسيد الأنتيمون من البلاستيك إلى المشروب، مما يزيد من احتمالية التعرض لهذه المادة الضارة، وبالتالي ينبغي الحرص على تخزين هذه العبوات في أماكن باردة وجافة لتجنب هذه المخاطر الصحية المحتملة.

البولي اثيلين عالي الكثافة (HDPE)

يُعتبر البولي إيثيلين عالي الكثافة (HDPE) مادة بلاستيكية متميزة بفضل بنيتها الجزيئية التي تتألف من سلاسل بوليمرية طويلة ومتراصة، ما يمنحها كثافة عالية وقوة وصلابة تفوق تلك التي يتمتع بها البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET).

هذه الخصائص الفيزيائية تجعل HDPE خيارًا مثاليًا لتصنيع مجموعة واسعة من المنتجات، بدءًا من العبوات المستخدمة لتعبئة المواد الغذائية كالحليب والعصائر، وصولًا إلى عبوات منتجات العناية الشخصية كالشامبو، فضلًا عن استخدامها في صناعة زجاجات الأدوية. وإضافة إلى قوته ومتانته.

يتميز HDPE بثباته الكيميائي واستقراره العالي مقارنةً بـ PET، ما يجعله خيارًا أكثر أمانًا وموثوقية لتعبئة وتغليف الأطعمة والمشروبات، حيث يقلل من احتمالية تفاعل البلاستيك مع المحتويات وتلوثها. علاوة على ذلك، يُعد HDPE من المواد القابلة لإعادة التدوير، ما يجعله خيارًا صديقًا للبيئة ويدعم جهود الاستدامة البيئية.

بولي فينيل كلوريد (PVC)

يُعدّ البولي فينيل كلوريد، المعروف اختصارًا بـ PVC، من بين أكثر أنواع راتنجات البلاستيك شيوعًا واستخدامًا على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وذلك بفضل خصائصه المتنوعة التي تجعله مناسبًا للعديد من التطبيقات الصناعية والتجارية.

حيث يبرز استخدامه بشكل أساسي في قطاع البناء والتشييد، وبالأخص في إنتاج وتصنيع أنانيب الصرف الصحي التي تُستخدم لنقل المياه العادمة والمجاري بكفاءة عالية، وكذلك في صناعة أنانيب الري التي تُستخدم في المشاريع الزراعية المختلفة لنقل المياه إلى الحقول والمزروعات.

إذ تمتاز هذه الأنابيب المصنوعة من PVC بمقاومتها للظروف الجوية المتغيرة وقدرتها على تحمل الاستخدام اليومي في البيئات الزراعية المتنوعة، بالإضافة إلى ذلك، يدخل PVC أيضًا في صناعة مكونات المباني مثل الأبواب والنوافذ، حيث يُستخدم في تصنيع إطارات الأبواب والنوافذ البلاستيكية التي تتميز بخفة وزنها ومقاومتها للتآكل والرطوبة، مما يجعلها خيارًا شائعًا في العديد من المباني السكنية والتجارية.

البولي اثيلين منخفض الكثافة (LDPE)

يُعتبر البولي إيثيلين من أكثر أنواع البلاستيك شيوعًا واستخدامًا على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وذلك بفضل بنيته الكيميائية البسيطة التي تميزه عن غيره من البوليمرات البلاستيكية. هذه البنية البسيطة تُسهل بشكل كبير عملية معالجته وتصنيعه، ما يجعله خيارًا اقتصاديًا للغاية ومنخفض التكلفة.

يتميز نوع البولي إيثيلين منخفض الكثافة (LDPE) بوجود سلاسل متفرعة وكبيرة في تركيبته، بما في ذلك السلاسل الجانبية الطويلة، وهو ما يُفسر انخفاض كثافته وانخفاض درجة بلورته (أي ترتيبه الهيكلي)، مما يمنحه مرونة أعلى مقارنةً بأنواع البولي إيثيلين الأخرى. نظرًا لمرونته هذه.

يُستخدم البولي إيثيلين منخفض الكثافة (LDPE) في مجموعة واسعة من التطبيقات اليومية، بدءًا من صناعة الأكياس المستخدمة في محلات البقالة والمخابز، مرورًا بأكياس تغليف الأطعمة المجمدة، وصولًا إلى أكياس القمامة والاستخدامات المنزلية الأخرى.

على الرغم من أن بعض الدراسات قد أشارت إلى احتمالية تسبب البولي إيثيلين منخفض الكثافة (LDPE) في بعض التأثيرات الهرمونية السلبية على صحة الإنسان، إلا أنه لا يزال يُعتبر خيارًا بلاستيكيًا أكثر أمانًا مقارنةً ببعض الأنواع الأخرى من البلاستيك عندما يتعلق الأمر بتغليف وتعبئة المواد الغذائية والمشروبات. ومع ذلك، من المؤسف أن عملية إعادة تدوير هذا النوع من البلاستيك تُعد صعبة نسبيًا، مما يطرح تحديات بيئية يجب أخذها في الاعتبار.

رغم الفوائد والمزايا العديدة التي يقدمها البلاستيك لنا في حياتنا اليومية، إلا أن الإدمان على استخدام البلاستيك الذي يستخدم لمرةٍ واحدة ينذر بعواقبَ وخيمةٍ للبيئة. ففي كل دقيقةٍ تشترى مليون زجاجة مياه شربٍ بلاستيكيةٍ، في حين يستخدم ما يصل إلى 5 تريليون كيس من أكياس البلاستيك الذي يستخدم لمرةٍ واحدةٍ كل عام. وفي الإجمالي! وهي موادٌ غير قابلةٍ للتدوير ولها عمرٌ طويلٌ قبل أن تتآكل وتندثر.

Related Posts

اترك رد