كيف نكتشف التوحد عند الأطفال مبكرًا؟

يعاني عدد كبير من الأطفال من اضطراب طيف التوحد، وهو حالة نمائية عصبية تؤثر على كيفية تفاعل الشخص مع العالم من حوله. تتفاوت شدة أعراض التوحد بشكل كبير بين الأطفال المصابين به؛ فمنهم من يواجه صعوبات بالغة في التواصل والتفاعل الاجتماعي، مما يجعل التعامل معهم تحديًا كبيرًا، في حين أن البعض الآخر قد يستجيب للعلاج والتدخلات السلوكية بشكل أفضل، مما يُسهل التعامل معهم ودمجهم في المجتمع.

يُثير تشخيص التوحد قلقًا كبيرًا لدى الآباء، وغالبًا ما يبدأ الشك في الظهور خلال السنوات الأولى من عمر الطفل، عندما يلاحظ الأهل اختلافات في سلوكه ونموه مقارنةً بأقرانه. يُعتبر تشخيص التوحد تحديًا نظرًا لعدم وجود اختبارات طبية محددة، كتحاليل الدم أو الأشعة، قادرة على كشفه بشكل قاطع. يعتمد الأطباء في تشخيص التوحد على مجموعة من الأدوات والأساليب، بما في ذلك مراجعة التاريخ الطبي للعائلة، ومراقبة وتقييم سلوكيات الطفل وتطوراته النمائية، مثل تطور اللغة والتفاعل الاجتماعي والقدرات الحركية.

من الأعراض الشائعة التي قد يلاحظها الآباء عدم استجابة الطفل عند مناداته باسمه أو عدم تفاعله مع الأصوات من حوله. صحيح أن عدم الاستجابة للمناداة قد يكون مؤشرًا على التوحد، إلا أنه من المهم عدم الاقتصار على هذا الاحتمال وحده، فقد يُعاني الطفل من مشاكل في السمع تتسبب في عدم استجابته.

لذا، يُنصح بإجراء فحوصات للسمع لاستبعاد أي مشاكل سمعية قبل التوجه إلى تشخيص التوحد. من الطبيعي أن يرغب الآباء في الكشف المبكر عن أي مرض يُصيب أطفالهم، بما في ذلك التوحد، وذلك بهدف التدخل المبكر وتحسين النتائج على المدى الطويل. وقبل الخوض في طرق الكشف المبكر عن التوحد، من الضروري فهم طبيعة هذا الاضطراب وأعراضه الشائعة، وذلك لزيادة الوعي لدى الآباء وتمكينهم من ملاحظة أي علامات مبكرة قد تستدعي استشارة المختصين.

يُعتبر اضطراب طيف التوحد (ASD)، والذي يُشار إليه عادةً باسم “التوحد”، حالةً تُصنّف ضمن الإعاقات النمائية التي تؤثر على مسار نمو الفرد وتطوره. يُعزى ظهور هذا الاضطراب إلى وجود اختلافات في بنية ووظائف الدماغ. يُواجه الأشخاص الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد تحديات متنوعة في مجالات التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين، حيث يجدون صعوبة في فهم الإشارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغير اللفظي، وفي بناء علاقات اجتماعية طبيعية والحفاظ عليها.

بالإضافة إلى ذلك، يتميز الأفراد المصابون بالتوحد بأنماط تعلم وحركة واهتمام مختلفة عن غيرهم، فقد يُظهرون أنماطًا سلوكية متكررة أو مقيدة، أو يُبدون حساسية مفرطة أو نقصًا في الحساسية تجاه المؤثرات الحسية المختلفة.

من المهم الإشارة إلى أن بعض الأفراد قد يُظهرون بعضًا من هذه الخصائص دون أن يتم تشخيصهم بالتوحد، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون فعلًا من اضطراب طيف التوحد، تُشكّل هذه التحديات جزءًا أساسيًا من تجربتهم اليومية وتؤثر بشكل كبير على جوانب حياتهم المختلفة، مما يجعل من الضروري توفير الدعم والرعاية المناسبة لهم.

  • لا يستجيب إذا سمع اسمه بعد سن 9 شهور.
  • لا يظهر على وجهه تعبيرات الشعور، مثل السعادة والحزن والغضب والمفاجأة بعد سن 9 شهور.
  • يستخدم القليل من الإيماءات أو لا يستخدم من الأساس من عمر 12 شهراً (كأن يلوح بيديه ليودع الآخرين).
  • لا يشارك اهتماماته مع الآخرين من عمر 15 شهراً (مثلاً: لا يدعك ترى لعبته المفضلة أو يخبرك أنه يُفضِّل شيئاً ما).
  • لا يشير إلى شيء يثير انتباهه من عمر 18 شهراً.
  • لا يلاحظ انفعالات الآخرين مثل الغضب أو الأذى من عمر 24 شهراً.
  • لا يلاحظ الأطفال الآخرين أو يذهب للعب معهم من عمر 36 شهراً.
  • لا يتمنى أن يكون شيئاً معيناً عندما يكبر، مثل الطفل الذي يرغب أن يكون ضابطاً أو طبيباً أو مدرساً، وهكذا، وهذا في سن 48 شهراً.
  • لا يغني أو يرقص أو يمثل أي حركات أمام الآخرين مثل باقي الأطفال، من عمر 60 شهرًا.
  • يتحاشى النظر في عيون الآخرين.
  • لا يبتسم لك إذا ابتسمت له.
  • يغضب بشدة إذا كره طعماً أو رائحة أو صوتاً معيناً.
  • يُحرِّك أجزاءً من جسمه حركات سريعة متكررة، كأن يحرك يديه أو أصابعه أو جسمه.
  • لا يتحدث كثيراً مثل بقية الأطفال.
  • يُكرِّر نفس الجمل أكثر من مرة.
  • يرتب ألعابه وأغراضه بطريقة معينة ويغضب إذا غيّر أحدهم الترتيب.
  • يلعب بألعابه بنفس الطريقة في كل مرة.
  • يُركِّز على أجزاء الأشياء، مثلاً عجلات السيارة التي يلعب بها.
  • لا يبدو عليه فهم ما يفكر أو يشعر به الآخرون.
  • من الصعب عليه أن يعبر عمّا يشعر به.
  • يميل إلى روتين صارم ومحدد ويغضب بشدة إذا تغير روتينه.
  • يتحمس بشدة تجاه بعض الأنشطة أو المجالات.
  • يغضب بشدة إذا طلبت منه القيام بشيء ما.
  • من الصعب عليه تكوين صداقات ويميل للوحدة.
  • يفهم الكلام بمعناه الحرفي، فمن الصعب عليه فهم المصطلحات التي تحمل معنى شائعاً آخر غير معناها الحرفي، مثل جملة «يُغطِّي الحدث»، معناه الحرفي هو أن شخص يغطي ويستر الحدث، أما معناه اصطلاحاً هو أن شخصاً ينقل كل أخبار الحدث.

وبما أننا نسرد أهم أعراض التوحد عند الأطفال، فدعنا نذكر الفرق بين أعراض التوحد عند البنات والأولاد، لنكون قد غطّينا هذه النقطة بالكامل. هناك فرق بين أعراض التوحد عند البنات والأولاد، فمن الأصعب اكتشاف التوحد عند البنات، لأنهنّ يكنّّ أهدأ، وتكون علاقاتهن الاجتماعية أفضل من الأولاد ممّن يصابون بالتوحد، فيكون من الصعب اكتشاف التوحد عندهن.

  • تأخر في المهارات اللغوية.
  • تأخر في المهارات الحركية.
  • تأخر في المهارات التعليمية.
  • فرط النشاط والاندفاع.
  • نوبات الصرع.
  • عادات غير معتادة في النوم والأكل.
  • التوتر والضغط والقلق المبالغ فيه.
  • عدم الخوف أبداً أو الخوف المبالغ فيه.

ويُرجى الانتباه إلى أنه ليس بالضرورة أن يمتلك مريض التوحد كل هذا الأعراض السابقة. ويظهر التوحد عادة في سن سنتين أو ثلاث سنوات، وهذا لا يعني وجود أعراض قبل ذلك، بل إننا ذكرنا أعراضاً تظهر من سن ٩ شهور، ولكن تصعب ملاحظتها من الوالدين، ولكن لا شك أن الكشف المبكر يُسهِّل العلاج، فهل يمكن كشف ذلك مبكراً؟

اكتشاف اضطراب طيف التوحد مبكراً يساعد على علاجه بشكل أسهل، حيث لا يزال المخ مرناً ويمكن التعامل معه بطريقة أفضل وأسهل، ولكن العلامات الواضحة للتوحد تظهر في الأطفال بعد السنة الثانية من عمرهم.

استخدمت Gabard-Durnam بمساعدة زملائها جهاز تخطيط كهربية المخ EEG لقياس ذبذبات الدماغ والتنبؤ بكيفية الكشف عن مرض التوحد وتحديد متى يمكنهم فعل ذلك تحديداً، استخدموا في التجربة أطفالاً رُضّعاً لديهم احتمالية إصابة بمرض التوحد بسبب عوامل وراثية (يوجد تاريخ مرضي في العائلة لهذا المرض)، أعمار الأطفال المشاركين في التجربة كانت 3 و6 و9 و12 و18 و24 و36 شهراً.

أظهرت النتائج أن قوة التخطيط الكهربية للجهاز على الفصوص الأمامية من الدماغ في السنة الأولى عامل قوي لاحتمالية الإصابة باضطراب طيف التوحد، وذلك من خلال قياس نشاط مناطق مختلفة من الدماغ وقياس تزامن النشاط من منطقة لأخرى، فإذا حدث تزامن، دلّ ذلك على التناسق الوظيفي في الدماغ وهو الطبيعي، أمّا إذا لم يحدث تزامن فهذا معناه أن هناك استقلالاً وظيفياً، وهو ما يشير إلى الإصابة بالمرض.

أظهرت هذه التجربة أن قياس نشاط الدماغ يساعد في الكشف المبكر على مرض التوحد، حتى قبل ظهور الأعراض التي ذكرناها في البداية. بعد أن ذكرنا الأعراض التي تقبل الملاحظة لمرض التوحد، وكيفية رصده قبل ظهور هذه الأعراض، من المهم أن نُوضِّح الفروق بين مرض التوحد واضطرابات النمو الأخرى التي تتشابه معه في بعض الأعراض.

في سن 12 شهر:

  • طفل ليس لديه توحد: يلتفت برأسه عندما يسمع اسمه.
  • طفل لديه توحد: لن يلتفت برأسه عندما يسمع اسمه حتى لو كرّروا النداء مرات عديدة، ولكنه ينتبه للأصوات الأخرى.

في سن 18 شهر:

  • طفل لديه تأخر في مهارات الكلام: يستخدم الإشارة والإيماءات وتعبيرات الوجه لكي يعبر عمّا يريد قوله.
  • طفل لديه توحد: لا يحاول بذل أي مجهود لتوضيح ما يريده بأية طريقة، يمكن أن يكتفي بتكرار ما يسمعه في التليفزيون أو ما سمعه للتو.

في سن 24 شهر:

  • طفل طبيعي: يمكنه التفاعل مع الصور ومشاركة الآخرين شعوره.
  • طفل لديه توحد: يمكن أن يحضر لوالدته زجاجة الفقاعات لتفتحها له ولكن لا ينظر في وجهها وهي تفعل ذلك أو أثناء طلبه لذلك ولا حتى يخبرها عن سعادته باللعب بها.

الأطفال مسؤولية كبيرة، وهناك العديد من الاضطرابات والأمراض التي يمكن أن يُصابوا بها، ولكن الانتباه لهم بالمعقول يحل الكثير من المشاكل ويُيِّسر الكثير من الصعاب، فيجب على كل أم وأب أن ينتبها للطفل، ويراقبا نشاطه وتطوراته، ويحاولا التفاعل معه والانتباه له في سنوات عمره الأولى تحديداً، منذ أن يرى الطفل نور الدنيا، لكي يحافظا عليه من أية تطورات، فالاكتشاف المبكر يساعد على الشفاء.


اكتشاف المزيد من عالم المعلومات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيك بهذه المقالة؟ كن أول من يعلق

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على موقعنا. تساعدنا هذه الملفات على تذكر إعداداتك وتقديم محتوى مخصص لك. يمكنك التحكم في ملفات تعريف الارتباط من خلال إعدادات المتصفح. لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية لدينا.
قبول
سياسة الخصوصية