يقع البنكرياس، وهو عضو على شكل الكمثرى يتراوح طوله بين 6 و 10 بوصات، أفقيًا خلف المعدة في الجزء العلوي الأيسر من البطن، محاطًا بالأمعاء الدقيقة والطحال والكبد. يؤدي البنكرياس وظيفتين رئيسيتين: فهو يعمل كغدة قنوية تفرز عصارات هاضمة تساعد على الهضم، ويعمل أيضًا كغدة صماء تنظم مستوى السكر في الدم. يهدف هذا المقال إلى تقديم معلومات شاملة حول تركيب البنكرياس ووظائفه والأمراض المرتبطة به.
وظائف البنكرياس
يؤدي البنكرياس العديد من الوظائف الحيويّة في جسم الإنسان منها:
إفراز العصارات الهاضمة:
تفرز الغدد خارجيّة الإفراز في البنكرياس عصارة هاضمة تحتوي على إنزيمات تحطّم الطعام إلى جزيئات صغيرة يمكن امتصاصها بسهولة، ومن هذه الإنزيمات:
- إنزيم الأميليز الذي يساعد على هضم الكربوهيدرات.
- إنزيم التّربسين والكيموتريبسين اللذان يساعدان على هضم البروتينات وتحويلها إلى أحماض أمينيّة.
- إنزيم الليبيز الذي يساعد على هضم الدّهون وتحويلها إلى أحماض دهنيّة، وكوليسترول.
إفراز حمض المعدة:
يلعب البنكرياس دورًا حيويًا في عملية الهضم، حيث يحتوي على جزر لانجرهانز التي تفرز هرمون الجاسترين. هذا الهرمون هو المسؤول عن تحفيز المعدة لإنتاج حمض الهيدروكلوريك، وهو حمض قوي يلعب دورًا أساسيًا في تكسير الطعام وتهيئته للامتصاص في الأمعاء الدقيقة.
بالإضافة إلى ذلك، يساهم حمض الهيدروكلوريك في قتل البكتيريا الضارة التي قد تدخل المعدة مع الطعام، مما يحمي الجسم من العدوى. وبالتالي، فإن إفراز هرمون الجاسترين من البنكرياس يضمن إتمام عملية الهضم بكفاءة عالية، مما يساعد الجسم على امتصاص العناصر الغذائية الضرورية والحفاظ على صحة الجهاز الهضمي.
تنظيم مستوى السّكر في الدّم:
يفرز البنكرياس هرمونات تحافظ على مستوى السّكر في الدّم ضمن الحدود الطبيعيّة، ومن هذه الهرمونات:
- هرمون الإنسولين: هرمون تفرزه خلايا بيتا في البنكرياس عند ارتفاع مستوى السّكر في الدّم، فينقل الجلوكوز إلى العضلات، وأنسجة الجسم المختلفة لاستخدامه كمصدر للطاقة، ويخزّن الجلوكوز في الكبد على شكل جلايكوجين إلى حين الحاجة إليه.
- هرمون الجلوكاجون: هرمون تفرزه خلايا ألفا في البنكرياس عند نقص مستوى السّكر في الدّم فيحوّل الجلايكوجين المخزّن في الكبد إلى جلوكوز ويعيده إلى الدّم مما يرفع نسبة السّكر من جديد.
تركيب البنكرياس
يتكون البنكرياس من خمسة أقسام: الرأس المتصل بالاثني عشر، والجسم، والذيل الممتد نحو الطحال، والناتئ الشصي، والثلمة البنكرياسية (شق بين رأس البنكرياس وجسمه). ويحتوي البنكرياس على نظام قنوات لإفراز محتوياته: القناة البنكرياسية الرئيسية (قناة ويرسونغ)، التي تصب إفرازاتها في الاثني عشر وتلتقي مع القناة الصفراوية في تلك المنطقة، والقناة البنكرياسية الإضافية (قناة سانتوريني)، التي – إن وجدت – تربط القناة البنكرياسية الرئيسية بالاثني عشر.
خلايا البنكرياس
عند التّشريح الدّقيق للبنكرياس وفحصه من خلال المجهر يمكن ملاحظة أنّه يتكوّن من نوعين من الخلايا، وهي:
- خلايا جزر لانغرهانس: وهي خلايا صغيرة الحجم مرتبطة ببعضها بشكل وثيق، وتتجمّع في وسط البنكرياس لتشكّل جزر لانغرهانس (بالإنجليزيّة: Islets of Langerhans)، التي تعمل كغدة صمّاء. ويمكن تمييز أربعة أنواع من الخلايا التي تتكوّن منها جزر لانغرهانس، وهي:
- خلايا بيتا التي تشكّل 50-80% من مجموع خلايا جزر لانغرهانس، وتفرز هرموني الإنسولين، والأميلين.
- خلايا ألفا وتشكّل 15-20٪ من مجموع خلايا جزر لانغرهانس، وتفرز هرمون الجلوكاجون.
- خلايا دلتا وتشكّل 3-10% من مجموع خلايا جزر لانغرهانس، وتفرز هرمون سوماتوستاتين.
- خلايا غاما وتشكّل1%.من مجموع خلايا جزر لانغرهانس وتفرز عديد الببتيد البنكرياسيّ.
- الخلايا العنيبيّة (بالإنجليزيّة: Acinar cells): وهي خلايا تحيط بجزر لانغرهانس، وتكون أكبر حجماََ منها، وأقل كثافة، وتتجمّع لتكوّن الغدد العنبيّة.
تاريخ اكتشاف البنكرياس
يعود اكتشاف البنكرياس إلى الجراح اليوناني هيروفيلوس، الذي عاش بين عامي 335 و 280 قبل الميلاد. بعد مرور قرون، أطلق الطبيب اليوناني روفوس اسم “بنكرياس” (Pancreas) على هذا العضو، وهي كلمة يونانية مشتقة من كلمتي “Pan” التي تعني “الكل” و “Kreas” التي تعني “اللحم”. شهد القرن السابع عشر اكتشافًا مهمًا على يد الطبيب ويرسونغ، الذي اكتشف القناة البنكرياسية الرئيسية.
وفي عام 1846، أثبت كلود برنارد دور البنكرياس في هضم الدهون. بحلول عام 1889، تم التعرف على مرض التهاب البنكرياس بفضل الطبيب ريجينالد فيتز. في عام 1922، أوضح الطبيب بانتينغ أن البنكرياس يُفرز مادة قادرة على علاج مرض السكري في الكلاب، مما فتح آفاقًا جديدة في علاج هذا المرض. وأخيرًا، في عام 1940، أجرى الطبيب ويبل أول عملية جراحية لاستئصال البنكرياس والاثني عشر.
أمراض البنكرياس
قد يصاب البنكرياس ببعض الأمراض ومنها:
- التهاب البنكرياس (بالإنجليزيّة: Pancreatitis): ينتج التهاب البنكرياس عن إغلاق قناة البنكرياس الرّئيسيّة بحصى، أو ورم، مما يؤدي إلى تراكم العصارة الهاضمة في البنكرياس، الأمر الذي يؤدي إلى تلف البنكرياس، أو هضم البنكرياس لنفسه، وتحدث هذه الحالة المرضيّة لعدة أسباب منها: وجود حصى في المرارة، أو تناول المنشّطات، والكحول، ويُعالج المرض باستخدام الأدوية، ومسكنات الألم، وقد يلجأ الطّبيب للجراحة عند الضّرورة.
- سرطان البنكرياس (بالإنجليزيّة: Pancreatic cancer): يعاني المصاب بسرطان البنكرياس من آلام في الجزء العلوي من البطن، واصفرار الجلد، والعينين، وفقدان الشهيّة، وبالرغم من عدم معرفة الأسباب الدّقيقة للإصابة بهذا المرض إلا أنّ التّدخين، وتناول الكحول يُعدان من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان البنكرياس. يساعد العلاج التّلطيفي على تحسين حياة المريض بتخفيف أعراض المرض فقط، أما العلاج فقد يشمل الجراحة، والعلاج الكيميائيّ، والإشعاع.
- السّكري (بالإنجليزيّة: Diabetes): ينتج مرض السّكري من النّوع الأول عن اضطراب يصيب جهاز المناعة لأسباب وراثيّة أو بيئيّة، فيبدأ بمهاجمة خلايا بيتا في البنكرياس مما يمنع إفراز هرمون الإنسولين، أما مرض السّكري من النّوع الثّاني فينتج عن عدم قدرة عضلات الجسم، والكبد على تحويل الجلوكوز إلى غلايكوجين، وعدم قدرة البنكرياس على إنتاج كمية كافية من الإنسولين فلا يتمكّن الجسم من السّيطرة على مستوى الجلوكوز في الدّم.
- قصور البنكرياس الخارجي (بالإنجليزيّة: Exocrine pancreatic insufficiency): مرض ينتج عن عدم قدرة البنكرياس على إفراز الإنزيمات بكميات كافية.
- متلازمة زولينجر إليسون (بالإنجليزيّة: Zollinger-Ellison syndrome): ورم يتطوّر في البنكرياس والإثني عشر نتيجة زيادة إفراز هرمون الغاسترين.
- أكياس البنكرياس (بالإنجليزيّة: Pancreatic cysts): وهي أكياس يمكن إزالتها عن طريق الجراحة عند وجود خطر الإصابة بالسّرطان.
اكتشاف المزيد من عالم المعلومات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.