أطعمة صحية تساعد في علاج الاكتئاب

ما هي الأطعمة الصحية التي تساعد في علاج الاكتئاب؟ جميعنا يعرف جيدًا المقولة الشائعة “المعدة بيت الداء”، ولكن من المنطقي والمدعوم بالأدلة العلمية الطبية والتجارب الواقعية أن نعتبر المعدة أيضًا “بيت الدواء”، فهي لا تقتصر على التأثير في علاج الأمراض العضوية مثل اضطرابات الجهاز الهضمي وأمراض القلب والشرايين والسكري وغيرها، بل تلعب دورًا حيويًا في معالجة الاضطرابات النفسية المنتشرة بشكل واسع في عصرنا الحالي، كالاكتئاب واضطرابات القلق المختلفة.

يهدف هذا المقال إلى استكشاف كيفية تسخير قوة الطعام واستخدامه كحليف قوي في مواجهة الاكتئاب، وتحويله من عامل قد يضر بصحتنا النفسية إلى سلاح فعال يُساعدنا على التغلب عليه.

لقد حظيت العلاقة الوثيقة بين الطعام والصحة النفسية باهتمام متزايد في الأبحاث العلمية، مما أدى إلى ظهور مجال طبي متخصص يُعرف باسم “الطب النفسي التغذوي”، وهو يركز بشكل أساسي على الرابط العميق بين التغذية الصحية المتوازنة والحفاظ على صحة العقل والنفس. من هذا المنطلق، يمكن لإجراء تغييرات بسيطة وإيجابية في نمطنا الغذائي أن يُحدث فرقًا كبيرًا ويُساهم بشكل فعال في تحسين حالتنا النفسية.

من المهم جدًا التأكيد على أن هذه النصائح والتوجيهات الغذائية الصحية التي سنذكرها لاحقًا لا تُعتبر بديلًا عن الأدوية النفسية ومضادات الاكتئاب التي يصفها الطبيب النفسي المختص بناءً على تقييمه الدقيق لكل حالة وظروفها الفردية، بل هي تُعتبر مكملة لها وتعمل جنبًا إلى جنب مع العلاج الدوائي لمكافحة الاكتئاب وتخفيف أعراضه وتأثيراته السلبية.

1. الوقاية أولًا

يُعتبر الجانب الوقائي من أهم الأدوار التي يلعبها الغذاء الصحي في مواجهة الاكتئاب والاضطرابات النفسية المختلفة. فتشير الدراسات والأبحاث العلمية المتوفرة إلى أن تبني نظام غذائي صحي ومتوازن، يعتمد بشكل أساسي على الإكثار من تناول مجموعة متنوعة من الخضروات والفواكه الطازجة.

بالإضافة إلى الأسماك الغنية بالعناصر الغذائية الهامة، واستخدام زيت الزيتون كخيار صحي للدهون، وتناول الألبان قليلة أو منزوعة الدسم، وكذلك تضمين الحبوب الكاملة في النظام الغذائي، مثل الشوفان الغني بالألياف، يُساهم بشكل فعّال في تقليل فرص الإصابة بالاكتئاب والحد من ظهور أعراضه.

ولا يقتصر دور هذا النمط الغذائي على الصحة النفسية فحسب، بل يمتد ليشمل الحفاظ على الصحة الجسدية بشكل عام، حيث يُساعد في تقليل احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة والخطيرة، مثل مرض السكري بأنواعه، وارتفاع ضغط الدم، وقصور الشرايين التاجية في القلب، وغيرها من الأمراض التي تُؤثر سلبًا على جودة حياة الإنسان.

ومما هو جدير بالذكر والتأكيد عليه، هو العلاقة الوثيقة والتكاملية بين الصحة النفسية والصحة الجسدية، حيث يُؤثر كل منهما على الآخر بشكل مباشر، فالحفاظ على صحة الجسد يُعزز الصحة النفسية والعكس صحيح.

2. مصادر الطاقة المعتدلة

مصادر الطاقة المعتدلة من الأمور الهامة للحفاظ على صحة الجسم والعقل، فهي تمد الجسم بالطاقة اللازمة بشكل متوازن ومستدام. تتصدر قائمة هذه المصادر الأغذية الطبيعية الغنية بالعناصر الغذائية المفيدة، وعلى رأسها النشويات المعقدة التي توجد بوفرة في الحبوب الكاملة كالشوفان والأرز البني والكينوا، فهي تزود الجسم بالطاقة بشكل تدريجي يساعد على استقرار مستويات السكر في الدم.

كما تعد اللحوم الحمراء الخالية من الدهون مصدرا هاما للبروتين الذي يساهم في بناء الأنسجة وتجديدها، إضافة إلى الألبان والأجبان قليلة الدسم التي تمد الجسم بالكالسيوم الضروري لصحة العظام والعضلات. ولا ننسى الفواكه والخضروات التي تعتبر كنزا من الفيتامينات والمعادن والألياف، فهي تعزز وظائف الجسم الحيوية وتساهم في إنتاج الطاقة بشكل طبيعي.

في المقابل، يجب الانتباه إلى أن السكر المكرر الموجود في سكر الطعام والمشروبات الغازية والحلويات وغيرها من المصادر الغنية بالسكريات البسيطة سريعة الامتصاص، لا يعتبر خيارا مثاليا للحصول على الطاقة، حيث يؤدي تناولها إلى ارتفاع سريع في مستويات السكر في الدم يتبعه انخفاض حاد، مما يسبب الشعور بالتعب والإرهاق وتقلبات المزاج، وقد يؤدي الإفراط في تناولها إلى تفاقم اضطرابات القلق التي قد تصاحب حالات الاكتئاب.

لذلك، ينصح بالاعتدال في تناول هذه السكريات البسيطة والتركيز على المصادر الطبيعية المتوازنة للطاقة للحفاظ على صحة جيدة ومزاج مستقر.

3. الأسماك

يُعتبر تناول الأسماك، والاعتماد عليها كمصدر هام للبروتين في النظام الغذائي، من العادات الصحية التي تُساهم بشكل فعّال في تعزيز الصحة النفسية والمزاجية، بالإضافة إلى فوائدها العديدة لصحة الجسم بشكل عام. فقد أظهرت الدراسات أن الانتظام في تناول الأسماك، لأكثر من مرة واحدة أسبوعيًا، يُساعد في تحسين المزاج وتقليل احتمالات الإصابة بنوبات الاكتئاب الشديدة.

حيث تُعتبر الأسماك، وخاصةً الأنواع الغنية بالأحماض الدهنية الأساسية «أوميجا-3»، كالسلمون والتونة الطازجة (غير المُعلبة) والماكريل والسردين، من الأغذية الممتازة التي تُقدم فوائد جمة للصحة النفسية والعصبية، وذلك لما تحتويه هذه الأنواع من عناصر غذائية تُساهم في تحسين وظائف الدماغ وتخفيف أعراض الاكتئاب.

4. المكسرات

تُعتبر المكسرات، بما تحتويه من دهون صحية غير مُشبعة كالموجودة في البندق وعين الجمل (الجوز)، إضافة قيّمة للنظام الغذائي لما لها من تأثيرات إيجابية على الصحة النفسية والمزاج. فقد أظهرت الدراسات والأبحاث أن تناول كميات مُعتدلة ومنتظمة من هذه المكسرات يُساهم بشكل فعّال في التخفيف من حدة أعراض الاكتئاب.

حيث تعمل هذه الدهون الصحية على تحسين وظائف الدماغ والتواصل بين الخلايا العصبية، مما يُساعد في تنظيم المزاج والتخفيف من الشعور بالحزن واليأس. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن أن يُساعد الاستهلاك المُنتظم للمكسرات في إطالة الفترات الفاصلة بين نوبات الاكتئاب الشديدة، أي بمعنى آخر، يُساهم في تقليل احتمالية تكرار هذه النوبات الحادة وتخفيف وطأتها عند حدوثها، مما يُحسن بشكل عام من جودة حياة الأشخاص الذين يُعانون من اضطرابات المزاج والاكتئاب.

5. البقوليات

تُعتبر البقوليات، بتنوعها الذي يشمل أصنافًا عديدة كالحمص والفاصوليا والبازلاء والفول وغيرها، خيارًا غذائيًا ممتازًا لما تمنحه من شعور بالشبع والامتلاء، دون أن تُثقل الجسم بكميات كبيرة من السعرات الحرارية التي عادةً ما تُوجد في الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون.

إضافةً إلى ذلك، تتميز البقوليات بغناها بالألياف الطبيعية، التي تلعب دورًا هامًا في تنظيم عملية امتصاص السكر في الجسم، وبالتالي تُساهم في تقليل احتمالية حدوث ارتفاعات مفاجئة وشديدة في مستوى سكر الدم. هذه الارتفاعات، التي قد تؤثر سلبًا على الحالة المزاجية وتُفاقم من اضطرابات القلق والاكتئاب، يتم التحكم بها بشكل أفضل بفضل تناول البقوليات الغنية بالألياف.

6. فيتامين «د»

أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من نقصٍ شديد في فيتامين «د»، أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب وبنوباته الشديدة. وبالتالي، فإلى جانب التعرض الدوري المعتدل لأشعة الشمس التي تسهم في إنتاج فيتامين «د»، فيجب الإكثار من الأطعمة الغنية بفيتامين «د» مثل الأسماك والألبان والصويا.

7. السلينيوم

السلينيوم من المغذيات الطبيعية الحيوية الصحية، والتي وجدت الدراسات علاقة بين نقصها في الجسم، والإصابة بالاكتئاب. ومن أفضل الأطعمة الغنية بالسلينيوم: اللحوم الخالية من الدهون مثل صدور الدجاج والديك الرومي، والمكسرات، والبقوليات.

8. القهوة باعتدال

تناول كوب أو كوبين من القهوة يوميًا، مفيد لمرضى الاكتئاب، لا سيَّما في الصباح، حيث يُحسِّن النشاط واليقظة، ويقلل من بعض أعراض الاكتئاب السلبية مثل نقص الطاقة والدافعية والنشاط.

9. الخضروات وطبق السلطة

تلعب الخضروات دورًا إيجابيًا في تحسين الحالة المزاجية، والصحية بوجهٍ عام. ويبدأ هذا بتنوع ألوانها المريح للنظر والباعث على البهجة، ولا ينتهي بالعديد من المغذيات المفيدة التي تمتاز بها مثل الألياف الطبيعية والفيتامينات بمختلف أنواعها لا سيما حمض الفوليك الذي أثبتت بعض الدراسات علاقةً له بالحماية ضد الاكتئاب. ونخص بالذكر الخضروات الورقية بشتى أنواعها.

10. تناول الفاكهة أفضل من عصائرها

الفواكه غنيّة بالفيتامينات، وكذلك بالألياف الطبيعية التي تحسن وظائف الجهاز الهضمي، وتنظَّم امتصاص السكريات الموجودة بالفاكهة. أما عند عصر الفاكهة، فإننا نفقد الكثير من الفيتامينات والألياف الطبيعية في عملية العصر، لا سيما بالخلاطات، فتصبح عصائر الفاكهة أشبه بمياه غنية بالسكر، والذي يمتص بسرعة كبيرة، فيمكن أن يفاقم اضطرابات القلق التي كثيرًا ما تصاحب الاكتئاب.

ولأنَّ الأشياء تمتازُ بأضدادها، فهذه قائمة بالأطعمة والأشربة ذات الآثار الضارة على مرضى الاكتئاب، والتي ينبغي التوقف عنها، أول على الأقل الحد من كميتها وتقليل مرات تناولها:

  • الأطعمة الجاهزة السريعة كثيفة الدهون والسكريات والنشويات، والتي يندفع كثيرون إليها لتنفيس القلق، كما ذكرنا في بداية المقال، تسبب آثارًا عكسية سلبية بعد حين، حيث تسبب لهم الندم الذي قد يصل إلى حد جلد الذات.
  • الإفراط في تناول القهوة (أكثر من 4 أكواب)، حيث يؤدي زيادة الكافيين -المادة الفعالة في القهوة- إلى اضطرابات في النوم تفاقم الاكتئاب، وكذلك تضيف اضطرابات القلق إلى الاكتئاب.
  • السكر المعتاد، والأطعمة المحلاة بكافة أشكالها.
  • تناول الكحوليات، والتي تفاقم اعتلالات المزاج واضطرابات النوم، وتضعف عمل العديد من الأدوية النفسية ومضادات الاكتئاب.
  • المشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة، والتي تفاقم أيضًا اضطرابات القلق التي تصاحب الاكتئاب، والاضطرابات المزاجية بوجهٍ عام.

اكتشاف المزيد من عالم المعلومات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيك بهذه المقالة؟ كن أول من يعلق

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على موقعنا. تساعدنا هذه الملفات على تذكر إعداداتك وتقديم محتوى مخصص لك. يمكنك التحكم في ملفات تعريف الارتباط من خلال إعدادات المتصفح. لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية لدينا.
قبول
سياسة الخصوصية