الكثافة الضوئية، وهي مقياس لقدرة المادة على امتصاص الضوء، تُعرّف بأنها النسبة اللوغاريتمية للإشعاع الساقط إلى الإشعاع المُرسل من خلال المادة، ويشار إليها أيضًا على أنّها جزءٌ من الإشعاع الممتص عند طول موجةٍ معينٍ. وتلعب الكثافة الضوئية دورًا هامًا في تحديد كيفية تفاعل الضوء مع الوسط، حيث تُؤثر على سرعة الضوء وتؤدي لحدوث انكسار الضوء.
تشير الكثافة الضوئية للوسط إلى قدرة ذرات مادة هذا الوسط على الاحتفاظ بالطاقة التي امتصتها من الموجة الكهرومغناطيسية لمدة أطول، حيث تُخزّن هذه الطاقة بشكل إلكترونات مهتزة قبل أن تُعاد إطلاقها على شكل تداخل كهرومغناطيسي.
لماذا يتكسر ضوء الشمس في كأس المياه؟
من التجارب الطفولية الممتعة مراقبة ضوء الشمس وهو ينفذ عبر كأس مملوء بالماء، مُحوِّلاً إياه إلى أشعة ضوئية مُنكسرة تخترق الماء، وتُعرف هذه الظاهرة بـ “انكسار الضوء”، ويعود سببها الرئيسي إلى الاختلاف في الكثافة الضوئية بين الوسطين اللذين يمرُّ الضوء عبرهما، وفيما يلي التفسير:
الضوء المرئي الذي نراه ما هو إلا جزء صغير من طيف كهرومغناطيسي واسع يشمل نطاقاتٍ أوسع بكثير، تمتد من الأشعة تحت الحمراء، مرورًا بالضوء المرئي، وصولًا إلى الأشعة فوق البنفسجية وموجات الراديو، وتتميز الموجات الكهرومغناطيسية بقدرتها الفريدة على الانتشار والانتقال في الفضاء دون الحاجة إلى وجود وسط مادي، إلا أنه في حال وجود وسط مادي ما، فإن سرعة هذه الموجات ستتغير وتختلف تبعًا لطبيعة وخصائص الوسط الذي تمر خلاله.
بمقارنة مرور أشعة الضوء عبر ثلاثة أوساط مادية مختلفة الخواص، وهي الهواء والماء والزجاج، يتبين اختلاف الكثافة الضوئية بينها، حيث يُعدّ الهواء الأقل كثافةً مقارنةً بالماء، بينما الماء أقل كثافةً مقارنةً بالزجاج. وكما ذكرنا سابقًا، تتغير سرعة الضوء تبعًا لاختلاف الكثافة الضوئية لكل وسط، إذ تكون السرعة أكبر ما يمكن في الوسط الأقل كثافةً ضوئيةً، أي أن سرعة الضوء تكون أعلى ما يمكن في الهواء، ثم أقل في الماء، وأقلها في الزجاج. ولفهم أعمق لاختلاف سرعات الضوء في الأوساط المختلفة، من الضروري التعمق في مفهوم الكثافة الضوئية.
ينتقل الضوء كما هو معلوم على شكل إشعاع أو موجة كهرومغناطيسية، وعندما تصطدم هذه الموجة بذرة في مسارها، فإن الذرة تمتص الطاقة الضوئية ثم تعيد بثها، حيث يستغرق هذا الامتصاص والانبعاث وقتًا قصيرًا لخروج الموجة من الذرة التي صادفتها أثناء مرورها في الوسط. وبافتراض ثلاث حالات لمواد تختلف عن بعضها البعض في عدد الذرات، فإن الموجة الضوئية ستواجه بالتالي ثلاث حالات مختلفة من المادة، مع التأكيد على أن عملية امتصاص وانبعاث موجات الضوء تستغرق وقتًا للانتقال بين الذرات.
بناءً على ذلك، تستغرق الموجة في الحالة 3 وقتًا أطول لكي تنتقل من أحد طرفي الوسط إلى الطرف الآخر، وذلك لأنها تصادف عددًا أكبر من الذرات خلال مسارها، ونتيجةً لذلك، يُعتبر هذا الوسط هو الأكثر كثافةً ضوئيّةً من بين الأوساط الأخرى.
تُستخدم ثلاثة أوساط لمقارنة سرعة الضوء فيها، وهي الهواء (الوسط الأول)، والماء (الوسط الثاني)، والزجاج (الوسط الثالث)، وتُظهر هذه المقارنة أن الزجاج يتميز بأعلى كثافة بين هذه الأوساط الثلاثة، حيث يكون أكثر كثافة من كل من الهواء والماء.
سرعة الضوء تعتمد على معامل انكسار الوسط الذي يمر خلاله. معامل الانكسار هو نسبة سرعة الضوء في الفراغ إلى سرعته في الوسط. كلما زاد معامل الانكسار، قلت سرعة الضوء في الوسط.
معامل انكسار الهواء قريب جدًا من 1 (حوالي 1.0003)، بينما معامل انكسار الماء حوالي 1.33، ومعامل انكسار الزجاج يتراوح عادة بين 1.5 و 1.6 (يعتمد على نوع الزجاج).
بناءً على ذلك، يكون ترتيب سرعة الضوء في هذه الأوساط كالتالي:
Ca > Cw > Cg
أي أن سرعة الضوء في الهواء هي الأعلى، تليها سرعته في الماء، ثم سرعته في الزجاج.
لذا، إذا كانت Ca و Cw و Cg تمثل سرعة الضوء في الهواء والماء والزجاج على التوالي، فإنه يمكن ترتيب هذه السرعات على النحو التالي: Ca > Cw > Cg، حيث تكون سرعة الضوء في الهواء هي الأعلى، تليها سرعته في الماء، ثم سرعته في الزجاج، وذلك لأن معامل انكسار الهواء أقل من معامل انكسار الماء، الذي بدوره أقل من معامل انكسار الزجاج.
اكتشاف المزيد من عالم المعلومات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.