يُعد المريخ (بالإنجليزية: Mars)، أو الكوكب الأحمر كما يُعرف، رابع كواكب المجموعة الشمسية بعدًا عن الشمس، ويقع بعد كل من عطارد والزهرة والأرض. ويقدر متوسط المسافة بين الشمس والمريخ بحوالي 228.53 مليون كيلومتر. ويُعتبر المريخ ثاني أقرب الكواكب إلى الأرض بعد كوكب الزهرة، وهو من الكواكب الصخرية، وسابع الكواكب من حيث الحجم والكتلة، حيث يبلغ حجمه نصف حجم الأرض تقريبًا. ويشترك المريخ مع الأرض في بعض الخصائص، مثل تركيبه الصخري وامتلاكه للفصول الأربعة، كما توجد طبقات من الجليد تغطي قطبيه الشمالي والجنوبي.
تسمية كوكب المريخ
يُعرف كوكب المريخ بـ”الكوكب الأحمر” (Red Planet)، ويعود سبب هذه التسمية إلى لون سطحه الذي يميل إلى الاحمرار. وقد أطلق الرومان اسم “مارس” على هذا الكوكب تيمناً بإله الحرب لديهم، وذلك بسبب اعتقادهم أن لونه الأحمر يشبه لون الدم. إلا أن السبب الحقيقي وراء هذا اللون هو وجود أكسيد الحديد أو ما يعرف بـ “الصدأ” في صخوره وتربته.
مكتشف كوكب المريخ
لا يُعرف على وجه التحديد من هو أول من اكتشف كوكب المريخ، لكن المؤكد أنه كان معروفًا منذ القدم، قبل 4000 عام على الأقل. والمريخ هو أحد الكواكب الخمسة التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وقد رصد علماء الفلك في مصر القديمة مساره ورسموه. وفي العصر الحديث، يُعتبر عالم الفلك الإيطالي جيوفاني سكيابارلي (Giovanni Schiaparelli) أول من رسم خريطة مفصلة للمريخ، حيث أظهرت هذه الخريطة نظامًا من الخطوط والقنوات التي أطلق عليها اسم “Canali”.
تركيب كوكب المريخ
يتكون كوكب المريخ من 3 طبقات هي: القشرة، والستار، واللب، وتتكوّن كل طبقة مما يأتي:
القشرة
تتكون قشرة المريخ بشكل أساسي من صخور البازلت، على غرار قشرة الأرض والقمر. ومع ذلك، تتميز بعض مناطق القشرة، وخاصة تلك الموجودة في النصف الشمالي من الكوكب، بوجود صخور الأنديزيت البركانية الغنية بالسيليكا. ويقدر سمك قشرة المريخ بحوالي 50 كيلومترًا.
الستار
تتكون طبقة الستار لكوكب المريخ بشكل أساسي من صخر البريدوتيت، وهو صخر يتشابه في تركيبه مع نظيره الموجود على كوكب الأرض. يحتوي هذا الصخر على عناصر السيليكون والأكسجين والحديد والمغنيسيوم، ويتراوح سمك طبقة الستار على المريخ بين 1400 و 1900 كيلومتر.
اللب
يُعتقد العلماء أن لب المريخ يشغل نصف مساحة الكوكب، ويتكون بشكل أساسي من الحديد والكبريت والنيكل. ومع ذلك، لا يزال العلماء منقسمين حول طبيعة هذا اللب، حيث يرى البعض أنه سائل بالكامل، بينما يرى البعض الآخر أنه يتكون من مركز حديدي صلب يحيط به سطح خارجي سائل. ويُقدر قطر لب المريخ بما يتراوح بين 2900 و 3900 كيلومتر.
تضاريس كوكب المريخ
يُمكن تقسيم سطح المريخ إلى 4 مناطق، وهي:
- المرتفعات الجنوبية.
- السهول الشمالية، والتي تضمّ السهول، وتقوسات القشرة.
- المناطق القطبية.
- البراكين.
معالم مشهورة على كوكب المريخ
بركان جبل أوليمبوس
يُعدّ جبل أوليمبوس (بالإنجليزية: Olympus Mons) أضخم بركان في المجموعة الشمسية، إذ يبلغ ارتفاعه حوالي 25.75 كيلومترًا فوق سطح المريخ، أي أطول من جبل إفرست بثلاثة أضعاف. كما أن قاعدته عريضة جدًا، إذ يبلغ عرضها حوالي 602 كيلومترًا، بينما يتميز بانحدار طفيف نسبيًا.
ويحتوي هذا البركان الضخم على عدد قليل من الحفر، مما يشير إلى أنه ربما ثار منذ زمن جيولوجي قريب نسبياً، حيث يعتقد العلماء أن تدفقات الحمم البركانية اللاحقة قد غطت وطمست الفوهات والحفر القديمة.
بالإضافة إلى ذلك، تُحاط بعض الحفر الموجودة على جبل أوليمبوس برواسب غير اعتيادية من الحطام، تشبه في مظهرها التدفقات الطينية المتصلبة. ويعتقد العلماء أن هذه الرواسب قد تشكلت عندما تفاعلت الحمم البركانية المنصهرة مع المياه الجوفية أو الجليد الموجود تحت سطح المريخ.
فوّهة هيلاس
تتوزع الفوهات على سطح الكوكب الأحمر بشكل غير متساوٍ، حيث يختلف عددها بشكل كبير من منطقة إلى أخرى. ويرجع هذا الاختلاف إلى عمر المنطقة، فالسطح الجنوبي للكوكب، الذي يُعتبر قديمًا جدًا، يحتوي على العديد من الفوهات، بما في ذلك فوهة هيلاس بلانيتيا (Hellas Planitia) الضخمة التي يبلغ عرضها حوالي 2,300 كيلومتر، مما يجعلها واحدة من أكبر الفوهات في المجموعة الشمسية. أما النصف الشمالي من الكوكب، فيحتوي على عدد أقل من الفوهات، مما يشير إلى أنه أصغر سنًا من النصف الجنوبي.
وادي مارينر
يُعدّ وادي مارينر (Valles Marineris)، الواقع جنوب شرق جبل أوليمبوس على سطح المريخ، أحد أبرز التضاريس المنخفضة في المجموعة الشمسية. إذ يمتد على مساحة تصل إلى 4,000 كيلومتر ويبلغ عمقه حوالي 7 كيلومترات، مما يجعله أعمق بأربعة أضعاف وأطول بخمسة أضعاف من الأخدود العظيم الموجود على الأرض.
وقد سُمي هذا الوادي بهذا الاسم تيمناً بمركبة مارينر 9 التي وصلت إلى المريخ عام 1971، لتكون أول مركبة فضائية تدور حول كوكب آخر غير الأرض. وبالإضافة إلى وادي مارينر، تكشف الدراسات عن وجود شبكة واسعة من القنوات والوديان والأخاديد المنتشرة في جميع أنحاء سطح المريخ، مما يشير إلى احتمالية تدفق المياه السائلة على سطحه في الماضي. وتتميز بعض هذه القنوات بأبعاد كبيرة، حيث قد يصل عرضها إلى حوالي 97 كيلومترًا وطولها إلى ما يقارب 1,931 كيلومترًا.
مناخ كوكب المريخ
يتميز كوكب المريخ بخصائص عديدة فريدة، أبرزها مناخه شديد البرودة مقارنةً بالأرض. يُعزى ذلك إلى بعده عن الشمس، مما يجعل متوسط درجة حرارته -62 درجة مئوية. وتنخفض درجات الحرارة بشكل كبير بالقرب من القطبين خلال فصل الشتاء لتصل إلى -126 درجة مئوية، بينما قد ترتفع في منتصف النهار بالقرب من خط الاستواء لتصل إلى 21 درجة مئوية.
فصول كوكب المريخ
يصل طول اليوم على كوكب المريخ إلى 24.6 ساعة أرضية، وهي المدة اللازمة لدوران المريخ حول محوره، ويُسمى اليوم على كوكب المريخ باليوم الشمسي. ويميل محور دورانه بزاوية 25.2° عن مستوى دوران الكوكب حول الشمس، وهو ما يُسبب حدوث الفصول الأربعة على الكوكب.
فعندما يميل أحد نصفي الكوكب باتجاه الشمس يكون فصلي الربيع والصيف، ويكون فصلي الخريف أو الشتاء في النصف الآخر، والعكس صحيح، ويتلقى نصفي الكوكب في لحظتين محددتين من كل عام مقداراً متساوياً من الإشعاع يُطلق عليهما الاعتدال.
وتكون مدة العام والفصل أطول على المريخ، وتُساوي السنة على كوكب المريخ حوالي 669.6 يوماً شمسياً، أي ما يُعادل 687 يوماً أرضياً، ويكون فصل الربيع والصيف أطول من الخريف والشتاء في النصف الشمالي للكوكب.
أقمار كوكب المريخ
يمتلك كوكب المريخ قمرين، هما فوبوس وديموس، وقد واكتشفهما العالم آساف هول (Asaph Hall) عام 1877م، واسمُهما مقتبسان من الأساطير اليونانية، إذ يعني اسم فوبوس الذعر أو الخوف، أمّا ديموس فيعني الإرهاب أو الرهبة، وفيما يأتي بعض المعلومات عن القمرين:
القمر فوبوس
يُلقّب فوبوس (Phobos) باسم المريخ الأول، وفيما يأتي أبرز خصائصه:
- يعد أقرب القمرين للمريخ.
- أكبر بسبع أضعاف من ديموس.
- يتميز بشكله غير المنتظم.
- يصل نصف قطره إلى حوالي 11 كم.
- يبعد مداره حوالي 6,000 كم عن المريخ.
- يُعدّ من أقرب الأقمار للكوكب مقارنة بالكواكب الأخرى، لذا فإنّه يدور بشكل أسرع من دوران المريخ نفسه، إذ تبلغ مدة دورانه حوالي 7 ساعات و39 دقيقة فقط، أي يكمل القمر دورتان في اليوم المريخي الواحد.
- يقترب من المريخ بمقدار متر واحد كل قرن؛ وذلك بسبب ظاهر المد والجزر، مما قد يؤدي إلى اصطدامه بالمريخ خلال 50 مليون عام، أو قد يتحطم ويصبح حلقة كوكبية.
- يمتلك القمر فوبوس فوهة صدمية (Impact Crater) كبيرة فيه تُسمى ستينكي (Stickney).
- يُعدّ من أقل الأجسام العاكسة في المجموعة الشمسية.
- تصل درجات الحرارة في جانبه المضاء حوالي -4°، أمّا في الجانب المظلم فتصل درجة الحرارة إلى -121° درجة مئوية.
القمر ديموس
يُلقّب القمر ديموس (بالإنجليزية: Deimos) باسم المريخ الثاني، وفيما يأتي أبرز خصائصه:
- ديموس أصغر وأبعد من القمر فوبوس.
- يبلغ نصف قُطره حوالي 6.2 كم.
- هو جسم غير كروي.
- له أبعاد ثلاثية المحاور هي: 15×12.2×11 كم، مما يجعل حجمه يُساوي 0.56 من حجم القمر فوبوس.
- يدور حول المريخ خلال مدة تصل إلى حوالي 30.3 ساعة.
- يتشابه مع القمر فوبوس من حيث: الأطياف، والبياض (الألبيدو) (Albedo)، والكثافة، إذ يمتلك كثافة تُشبه كثافة الكويكبات من نوع (C)، و(D).
- يتكون القمر ديموس من صخور كربونية كالموجودة في النيازك الكوندريتية الكربونية.
- سطحه أملس من سطح فوبوس، على الرغم من أنّه يحتوي على الحفر؛ لأنّ الحفر محشوة بالرجوليث (regolith)، وهي مادة ذات مسامية عالية قُدرت كثافتها عبر الرادار بحوالي 1.471 غ/سم³، ويُطلق على أكبر حفرتين في ديموس اسم سويفت (Swift) وفولتير (Voltaire)، ويبلغ عرض كل منهما حوالي 3 كم.
- يمتلك سرعة إفلات (Escape Velocity) مقدارها 5.6 م/ ث، ويُساوي قدره الظاهري 12.45.
وجود الماء على كوكب المريخ
على الرغم من أن سطح المريخ يخلو من الماء السائل بسبب برودة الغلاف الجوي ورِقّته، فإنّ هناك دلائل قوية تشير إلى وجود مياه سائلة على سطحه في الماضي البعيد. وقد كشفت الروبوتات عن آثار واضحة، مثل الأخاديد وقيعان البحيرات الجافة وشبكات الأنهار، التي تدل على أن الغلاف الجوي للمريخ كان في الماضي أكثر كثافة وقادرًا على الاحتفاظ بالحرارة. هذه الحرارة كانت كافية للسماح للمياه بالبقاء في حالتها السائلة والجريان على سطح الكوكب.
وفي الوقت الحالي، يُعتقد أن هناك طبقات من الجليد موجودة تحت سطح المريخ، بالإضافة إلى وجود قمم جليدية قطبية. وإذا ذاب هذا الجليد، فمن المتوقع أن يغطي الماء سطح الكوكب بعمق يتراوح بين 20 إلى 30 مترًا.
اكتشاف المزيد من عالم المعلومات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.