يوسف عليه السلام: من السجن إلى السلطة بقوة الإيمان

تُعتبر قصة يوسف عليه السلام، كما وردت في القرآن الكريم بتفصيل فريد في سورة تحمل اسمه، واحدة من أروع وأعمق القصص الإنسانية والدينية على مر العصور. إنها ليست مجرد سرد لأحداث تاريخية، بل هي ملحمة إيمانية متكاملة، تجسد معاني الصبر، والثبات على الحق، والثقة المطلقة في تدبير الله عز وجل، وكيف يمكن لـ قوة الإيمان أن تحول أشد المحن إلى منح، وتقود صاحبها من غياهب اليأس وظلمات السجن إلى نور الأمل وقمة السلطة والتأثير.

إن رحلة النبي يوسف، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، هي رحلة مليئة بالتقلبات الدرامية، من دلال الطفولة وحنان الأب، إلى غدر الإخوة وظلمة البئر، ومن حياة العبودية في بلد غريب، إلى فتنة القصر ومكائد النساء، ثم إلى سنوات السجن الطويلة، وأخيرًا إلى التمكين الإلهي الذي جعله عزيز مصر، المتحكم في خزائنها، والمنقذ لأهلها من مجاعة قاسية. في كل مرحلة من هذه المراحل، كان الإيمان بالله هو النبراس الذي يضيء دربه، والصخرة التي يتحصن بها، والزاد الذي لا ينفد.

يهدف هذا المقال إلى استكشاف هذه الرحلة الملهمة، متتبعين خطوات يوسف الصديق، ومستلهمين العبر والدروس من صبره وحكمته وإيمانه الذي لم يتزعزع، لنرى كيف أن وعد الله حق، وأن العاقبة للمتقين، وأن من يتوكل على الله فهو حسبه.

تبدأ فصول القصة في بيت النبوة، حيث كان يوسف عليه السلام يتمتع بمكانة خاصة في قلب أبيه يعقوب عليه السلام، مما أثار غيرة إخوته الأكبر سنًا. هذه الغيرة، التي غذاها الشيطان، تحولت إلى حقد دفين، ثم إلى مؤامرة للتخلص منه.

  • رؤيا البشارة والمحنة: رأى يوسف وهو غلام رؤيا عجيبة، رأى أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر له ساجدين. قصها على أبيه، فنصحه يعقوب بحكمته ألا يقصها على إخوته حتى لا يكيدوا له كيدًا. كانت هذه الرؤيا بشارة بمستقبل عظيم، ولكنها كانت أيضًا بداية لسلسلة من الابتلاءات التي ستصقل شخصيته وتهيئه لما هو آت.
  • مؤامرة الإخوة: اجتمع إخوة يوسف، وتآمروا على قتله أو إبعاده عن أبيهم. قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين. وهكذا، استأذنوا أباهم ليأخذوا يوسف معهم ليلعب ويرتع، وفي قلوبهم غدر وخيانة.
  • ظلمة البئر: أول اختبار للإيمان: ألقى الإخوة أخاهم الصغير في بئر عميقة ومظلمة، وعادوا إلى أبيهم عشاءً يبكون، حاملين قميصه ملطخًا بدم كذب. في هذه اللحظة العصيبة، وهو وحيد في قاع البئر، لم يكن مع يوسف إلا إيمانه بالله وثقته برحمته. كانت هذه المحنة الأولى بمثابة تهيئة لما هو أشد، وتعليمًا له أن الملجأ الوحيد هو الله.
  • البيع بثمن بخس: من الحرية إلى العبودية: مرت قافلة سيارة، فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه، قال يا بشرى هذا غلام، وأسروه بضاعة. وباعه إخوته (أو السيارة التي التقطته) بثمن زهيد دراهم معدودة، وكانوا فيه من الزاهدين. هكذا، انتقل يوسف من كنف أبيه النبي إلى حياة العبودية في أرض غريبة، مصر. لكن عين الله كانت ترعاه، وكان هذا جزءًا من التدبير الإلهي المحكم.

اشترى يوسفَ عزيزُ مصر (قيل إنه رئيس الوزراء أو وزير الخزانة)، وقال لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا. وهكذا، وجد يوسف مأوى جديدًا، ولكن الابتلاء كان يتربص به في صورة أخرى.

  • جمال يوسف وفتنة امرأة العزيز: شبّ يوسف وأوتي حُسنًا وجمالاً لافتًا، مما جعل امرأة العزيز (التي تُعرف في بعض التقاليد باسم زليخة) تراوده عن نفسه. لقد هيأت له الأسباب، وغلقت الأبواب، وقالت هيت لك.
  • “معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي”: في هذا الموقف الحرج، حيث اجتمعت كل عوامل الإغراء والضغط، تجلت قوة إيمان يوسف وتقواه. استعاذ بالله من الوقوع في الفاحشة، وذكر نفسه بفضل سيده الذي أكرمه. هذا الموقف يمثل قمة العفة والثبات على المبدأ رغم كل المغريات.
  • القميص الممزق وشهادة الحق: عندما هرب يوسف من محاولتها، لحقت به وجذبت قميصه من الخلف فتمزق. وصادف أن وجدا زوجها عند الباب. حاولت امرأة العزيز أن تتهم يوسف زورًا، لكن الله أظهر براءته من خلال شهادة شاهد من أهلها، الذي أشار إلى أن القميص إذا كان قد قُدّ من دُبر (من الخلف) فهو صادق وهي من الكاذبين، وهو ما كان.
  • مكر النسوة واختيار السجن: انتشر الخبر في المدينة، وبدأت نساء الطبقة الراقية يتحدثن عن امرأة العزيز وفتنتها بيوسف. لكي تبرر موقفها، دعتهن امرأة العزيز وأعدت لهن متكأ، وأعطت كل واحدة منهن سكينًا، ثم أمرت يوسف بالخروج عليهن. فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملك كريم. هنا، ورغم إظهار براءته، ومع تزايد الضغوط والمكائد، دعا يوسف ربه قائلاً: “رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه”. لقد فضل السجن على الوقوع في المعصية، مدركًا أن السجن مع الطاعة خير من الحرية معصية.

استجاب الله دعاء يوسف، فدخل السجن مظلومًا. لكن السجن لم يكن نهاية المطاف، بل كان مرحلة جديدة من الإعداد والتربية الإلهية.

  • الدعوة إلى التوحيد في السجن: حتى في السجن، لم ينسَ يوسف رسالته. استغل وجوده بين السجناء ليدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، ونبذ عبادة الأرباب المتفرقين. لقد كان مثالاً للداعية الذي لا تثنيه الظروف عن أداء واجبه.
  • تأويل رؤى السجينين: دخل مع يوسف السجن فتيان، رأى كل منهما رؤيا. رأى أحدهما أنه يعصر خمرًا، ورأى الآخر أنه يحمل فوق رأسه خبزًا تأكل الطير منه. طلبا من يوسف أن يؤول لهما رؤياهما لما رأوا فيه من علامات الصلاح والخير (إنا نراك من المحسنين).
  • الحكمة في التأويل والدعوة: قبل أن يؤول لهما الرؤيا، استغل يوسف الفرصة ليعظهما ويذكرهما بالله وبقدرته، ثم أخبرهما بتأويل رؤييهما: أما الأول فسيخرج ويسقي ربه (الملك) خمرًا، وأما الآخر فسيُصلب وتأكل الطير من رأسه.
  • الوصية المنسية وسنوات الانتظار: طلب يوسف من الذي ظن أنه ناجٍ منهما أن يذكره عند ربه (الملك)، لكن الشيطان أنساه ذكر يوسف، فلبث يوسف في السجن بضع سنين. هذه السنوات الطويلة كانت اختبارًا آخر لصبره وثقته بوعد الله.

شاءت إرادة الله أن يكون الفرج على يد رؤيا أخرى، ولكن هذه المرة رؤيا الملك نفسه.

  • حلم الملك المحير: رأى ملك مصر سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات. استدعى الملك كبار السحرة والكهنة والعلماء لتأويل رؤياه، فعجزوا جميعًا وقالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين.
  • الذاكرة المستعادة: هنا، تذكر الساقي (الفتى الذي نجا من السجن) وصية يوسف، فذهب إلى الملك وأخبره عن قدرة يوسف على تفسير الأحلام.
  • تأويل يوسف الحكيم: أُرسل الساقي إلى يوسف في السجن، فقص عليه الرؤيا. لم يتردد يوسف ولم يشترط خروجه أولاً، بل قدم التأويل بكل أمانة وحكمة: ستأتي سبع سنوات من الخصب والرخاء، تليها سبع سنوات من الجدب والقحط الشديد، ثم يأتي عام فيه يُغاث الناس وفيه يعصرون. ولم يكتفِ بالتأويل، بل قدم خطة اقتصادية متكاملة لمواجهة الأزمة: “فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون”، ثم “تزرعون سبع سنين دأبًا”.

أُعجب الملك بحكمة يوسف وعلمه، فأمر بإخراجه من السجن. لكن يوسف، الذي تعلم من تجاربه، أبى أن يخرج حتى تثبت براءته الكاملة أمام الملأ.

  • إثبات البراءة أولاً: طلب يوسف من رسول الملك أن يعود إلى الملك ويسأله عن قضية النسوة اللاتي قطعن أيديهن، لتظهر الحقيقة ويعلم الجميع أنه لم يكن خائنًا أو مذنبًا.
  • “الآن حصحص الحق”: جمع الملك النسوة، وسألهن عن حقيقة الأمر. هنا، وبإرادة الله، اعترفت امرأة العزيز بالحقيقة كاملة: “الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين”. وأضافت أنها فعلت ذلك ليعلم يوسف أنها لم تخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين.
  • شهادة الملك وثقته: عندما ظهرت براءة يوسف ونزاهته للجميع، قال الملك: “ائتوني به أستخلصه لنفسي”. فلما كلمه، أُعجب به أكثر، وقال له: “إنك اليوم لدينا مكين أمين”.
  • “اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم”: لم يطلب يوسف منصبًا لنفسه تكبرًا أو طمعًا، بل عرض خدماته وخبرته لإنقاذ البلاد من المجاعة المحدقة. طلب أن يُجعل على خزائن الأرض لأنه يعلم من نفسه الكفاءة (حفيظ) والعلم (عليم) اللازمين لإدارة هذا الأمر الخطير. وهكذا، انتقل يوسف عليه السلام من ظلمة السجن إلى نور السلطة والمسؤولية.

تولى يوسف عليه السلام مسؤولية خزائن مصر، وأدار شؤونها الاقتصادية بحكمة واقتدار لا مثيل لهما.

  • التخطيط للمستقبل: خلال سنوات الخصب السبع، أشرف يوسف على الزراعة وتخزين الفائض من الحبوب بطريقة تحافظ عليها من التلف.
  • مواجهة المجاعة: عندما حلت سنوات الجدب السبع، لم تقتصر المجاعة على مصر، بل امتدت إلى المناطق المجاورة. فتح يوسف خزائن مصر، وبدأ يبيع الطعام للناس بمكيال معلوم وبسعر عادل، دون استغلال أو محاباة.
  • إنقاذ الأمة: بفضل حكمة يوسف وتدبيره، نجت مصر ومن حولها من كارثة محققة. لقد كان مثالاً للحاكم العادل والمسؤول الذي يسعى لخير رعيته.

في خضم المجاعة، جاء إخوة يوسف من أرض كنعان إلى مصر طلبًا للميرة (الطعام). وهنا، بدأت فصول جديدة من القصة، تصل بها إلى ذروتها الإنسانية والأخلاقية.

  • التعرف دون معرفة: عرف يوسف إخوته فور رؤيتهم، لكنهم لم يعرفوه بسبب تغير هيئته ومكانته الرفيعة.
  • خطة يوسف الحكيمة: عاملهم يوسف بلطف، وأعطاهم ميرتهم، لكنه طلب منهم أن يأتوا بأخيهم من أبيهم (بنيامين) في المرة القادمة، كشرط ليُكيل لهم مرة أخرى. وضع في رحالهم بضاعتهم (ثمن الميرة) سرًا حتى يعودوا.
  • عودة بنيامين والمكيدة الإلهية: عاد الإخوة إلى أبيهم وأخبروه بما كان. بعد تردد، سمح لهم يعقوب بأخذ بنيامين معهم بعد أن أخذ منهم موثقًا من الله. في مصر، أكرم يوسف أخاه بنيامين، ثم دبر خطة بأمر الله ليُبقيه معه، وذلك بوضع صواع الملك (مكيال ثمين) في رحل بنيامين، ثم اتهامهم بالسرقة.
  • “إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل”: عندما وُجد الصواع في رحل بنيامين، قال الإخوة كلامًا آلم يوسف، لكنه كظم غيظه.
  • ذروة الكشف: “أنا يوسف وهذا أخي”: بعد أن يئس الإخوة من استعادة بنيامين، وبعد أن أظهروا بعض الندم والتحسر، كشف يوسف عن هويته لهم في مشهد مؤثر: “قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون * قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد منّ الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين”.
  • العفو عند المقدرة: في لحظة انتصار الحق وظهور الحقيقة، لم ينتقم يوسف من إخوته، بل ضرب أروع مثال في العفو والتسامح، قائلاً كلمته الخالدة: “قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين”.
  • تحقق الرؤيا ولم الشمل: أرسل يوسف قميصه إلى أبيه، فلما أُلقي على وجه يعقوب ارتد بصيرًا. ثم جاء آل يعقوب جميعًا إلى مصر، ودخلوا على يوسف، فرفع أبويه على العرش وخروا له سجدًا (سجود تحية وتكريم، لا سجود عبادة). وهنا، قال يوسف لأبيه: “يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقًا”.

قصة يوسف عليه السلام ليست مجرد حكاية مسلية، بل هي كنز من الدروس والعبر التي لا تنتهي، وفي صدارتها قوة الإيمان وأثرها في حياة الفرد والمجتمع:

  • الصبر الجميل (الْصَّبْرُ الْجَمِيلُ): صبر يوسف على ظلم إخوته، وعلى فتنة امرأة العزيز، وعلى سنوات السجن الطويلة، وصبر يعقوب على فراق ولديه، هو صبر لا جزع فيه ولا شكوى لغير الله.
  • الثقة المطلقة بالله (التوكل): في كل محنة، كان يوسف يلجأ إلى الله ويثق في تدبيره، مدركًا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن مع العسر يسرًا.
  • العفة والطهارة (الإِحْسَانُ): رغم كل الإغراءات والضغوط، حافظ يوسف على عفته وطهارته، وآثر رضا الله على كل شيء.
  • الحكمة والعلم: لم يكن إيمان يوسف إيمانًا سلبيًا، بل كان مقرونًا بالسعي لاكتساب العلم والحكمة، واستخدامهما في الخير. قدرته على تأويل الأحلام، وتخطيطه الاقتصادي، وحسن إدارته، كلها دليل على ذلك.
  • العفو والتسامح: قدرة يوسف على العفو عن إخوته رغم كل ما فعلوه به هي من أعظم الدروس في القصة، وتُظهر سمو نفسه ونقاء قلبه.
  • لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون: حتى في أحلك الظروف، لم ييأس يعقوب ولا يوسف من رحمة الله وفرجه.
  • العاقبة للمتقين: القصة بأكملها تؤكد أن من يتق الله ويصبر، فإن الله لا يضيع أجره، ويجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ويمكّن له في الأرض.
  • أهمية التخطيط والعمل بالأسباب: لم يكتفِ يوسف بالدعاء، بل عمل بجد واجتهاد، وخطط بحكمة لمواجهة التحديات.

إن قصة يوسف عليه السلام هي بحق “أحسن القصص”، كما وصفها الله تعالى في القرآن الكريم. إنها قصة تتجاوز حدود الزمان والمكان، لتلهم كل من يقرأها أو يسمع بها. رحلته من غدر الإخوة وظلمة البئر والسجن، إلى نور التمكين والسلطة، لم تكن ممكنة لولا قوة الإيمان التي لازمته في كل خطوة، ولولا صبره وتقواه وحكمته.

في عالمنا اليوم، المليء بالتحديات والفتن والظلم، تظل قصة يوسف نبراسًا يضيء لنا الطريق، ويعلمنا كيف نواجه الصعاب بالإيمان، وكيف نحول المحن إلى منح، وكيف نثق بأن تدبير الله هو الخير كله، وأن العاقبة دائمًا للمتقين الصابرين. إنها دعوة لكل إنسان لأن يتمسك بقيم الحق والعدل والرحمة، وأن يؤمن بأن قوة الإيمان هي السلاح الأقوى في مواجهة كل شدائد الحياة، وهي المفتاح الذي يفتح أبواب الفرج والنجاح في الدنيا والآخرة.


اكتشاف المزيد من عالم المعلومات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيك بهذه المقالة؟ كن أول من يعلق

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على موقعنا. تساعدنا هذه الملفات على تذكر إعداداتك وتقديم محتوى مخصص لك. يمكنك التحكم في ملفات تعريف الارتباط من خلال إعدادات المتصفح. لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية لدينا.
قبول
سياسة الخصوصية